الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

هل الاقتصاد الأمريكي معرض للركود؟ وما هو الركود الاقتصادي؟

هل الاقتصاد الأمريكي معرض للركود؟ وما هو الركود الاقتصادي؟

حذر العديد من الاقتصاديين والخبراء الماليين من حدوث انكماش وشيك في الاقتصاد الأمريكي خلال العام المقبل، وعلى مدار ما يقارب عامَين حقق الاقتصاد الأمريكي العديد من المكاسب الضخمة مع إضافة ملايين الوظائف الجديدة وزيادة في الأجور.

وأنفقت العائلات والشركات المزيد من الأموال لشراء المنازل والسيارات والإلكترونيات وغيرها من المقتنيات باهظة الثمن، وساعد هذا الإنفاق الإضافي، إلى جانب أزمة سلاسل التوريد الناتجة بسبب الوباء، في رفع الأسعار، ما أدى إلى وصول معدل التضخم الأمريكي لأعلى مستوى منذ 40 عاماً.

وعلى الجانب الآخر، يحاول المسؤولون في الفيدرالي الأمريكي معالجة وتيرة الأسعار المرتفعة من خلال رفع أسعار الفائدة، حيث يراهنون على أن زيادة كلفة الاقتراض على العائلات والشركات ستؤدي إلى خفض الطلب، لكن في نفس الوقت تدور المزيد من التساؤلات حول قدرتهم على إبطاء معدلات التضخم دون دفع البلاد إلى الركود.

ما هو الركود الاقتصادي؟

قالت أستاذة الاقتصاد بجامعة جورج واشنطن تارا سنكلير، في تصريحات لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، إن الركود مسألة يصعب التنبؤ بها مسبقاً، فمن السهل القول إن الركود قادم في مرحلة ما في المستقبل، لكن من الصعب تحديد موعد ومدة تلك الفترة بشكل دقيق.

ومن الناحية الفنية، الركود هو عبارة عن ستة أشهر من النمو السلبي في الاقتصاد الأمريكي، ويحدد المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية (NBER) حالات الركود رسمياً في الولايات المتحدة بناءً على بعض المؤشرات السيئة.

ويتطلب حدوث الركود انخفاضات كبيرة وواسعة النطاق في عدة مقاييس اقتصادية، كمعدلات التوظيف والإنفاق الاستهلاكي وكلفة السلع المصنعة.

ولا توجد قواعد صارمة وسريعة بشأن المقاييس يتم أخذها في الاعتبار، على الرغم من أن المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية يشير إلى أنه يولي اهتماماً وثيقاً لرصد أرقام الوظائف ومستويات الدخل الشخصي، والتي تعد مقياساً للأجور والمزايا والاستثمارات الموجهة للحسابات المصرفية للأفراد.

ماهي دلالات حدوث الركود؟

ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، في تقرير لها رصدت به أغلب الاستفسارات التي تخص الركود الاقتصادي، العديد من العلامات التحذيرية التي تنذر بحدوث الركود الاقتصادي حتى قبل الإعلان عنه بشكل رسمي، حيث إنه عادة ما ترتفع معدلات خسائر الوظائف، وتتباطأ الأجور، وتقوم العائلات والشركات بترشيد نفقاتها.

وأوضح التقرير أن سوق العمل على وجه الخصوص قد يحمل العديد من الدلائل التي تعد مقياساً لحدوث الركود الاقتصادي.

ووضعت الخبيرة الاقتصادية في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي سابقاً كلوديا سهم، طريقة للتعرف على قرب حدوث فترات ركود اقتصادي في المراحل المبكرة، وذلك بناءً على معدلات البطالة.

وأشارت سهام إلى أن البطالة ترتفع في فترات الركود الاقتصادي، مشيرة إلى أن معدل البطالة ليس هو أول مؤشر، ولكن بمجرد أن يبدأ بالارتفاع خلال فترات الركود فإنه يستمر في ذلك.

ووفقاً لمقياسها الذي يطلق عليه قاعدة سهم، لا يزال الاقتصاد الأمريكي بعيداً عن مؤشر حدوث ركود اقتصادي، حيث بلغ معدل البطالة مستوى منخفضاً جداً عند 3.6%، انخفاضاً من 5.8% قبل عام.

ومن ناحية أخرى أوضحت سهم أن أزمة فيروس كورونا قلبت العديد من المقاييس والقواعد الاقتصادية، مشيرة إلى أنه يصعب تخمين ما إذا كانت الاتجاهات التي تم اعتمادها للتقييم سابقاً ستصلح للمرة القادمة.

هل الركود قادم؟

توقع العديد من الخبراء الاقتصاديين حدوث تباطؤ في النمو الاقتصادي خلال العام المقبل، على الرغم من أن التوقعات تتقلب بشكل أسبوعي.

وتوقع دويتشه بنك حدوث ركود اقتصادي خلال 2023، بينما توقع كبير الاقتصاديين بالبنك حدوث انكماش في الاقتصاد الأمريكي بنحو 0.5% خلال العام المقبل، في حين توقع وصول معدل البطالة إلى ذروته في القرب من 5.5% بحلول 2024.

وذكر الخبراء الاقتصاديون في دويتشه بنك من خلال مذكرة بحثية نشرت هذا الشهر، أن التوقعات الحالية تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي يقترب من الركود في النصف الأول من العام المقبل، وبالتالي من الممكن أن تؤدي سياسة التشديد النقدية إلى تسريع حدوث مخاطر الركود بحلول نهاية العام الجاري.

وفي الوقت نفسه، رفع بنك جولدمان ساكس توقعاته لحدوث ركود اقتصادي خلال العام المقبل من 15% إلى 30%.

وانكمش الاقتصاد الأمريكي بشكل غير متوقع خلال الأشهر الأولى من العام الجاري، ومن غير المعروف حتى الآن ما إذا كان هذا الاتجاه مستمراً في الربع الثاني.

وقالت سهم إن الاقتصاد الأمريكي حتى الآن لا يعد في حالة ركود، مشيرة إلى أن هناك العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها خلال الأشهر الستة المقبلة والتي ستكون حاسمة بشأن مسألة حدوث الركود الاقتصادي من عدمه، وفي حال حدوثه ما إذا كان سيكون ركوداً معتدلاً أم حاداً.

ماهي الفترة التي يستمر بها الركود الاقتصادي؟

بلغت متوسط المدة التي استمرت بها حالات الركود الاقتصادي في العصر الحديث 11 شهراً، وذلك وفقاً لبيانات المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية.

وعلى الرغم من ذلك من الممكن أن تختلف الأطر الزمنية، فعلى سبيل المثل استمر الركود الوبائي في أوائل عام 2000 لمدة شهرَين فقط وهو الأقصر على الإطلاق، بينما استمرت فترة الركود الكبير من 2007 إلى 2009 لمدة 18 شهراً.

كيف يتأثر الأفراد بالركود الاقتصادي؟

يعد فقدان الوظائف بعيد المدى أحد أكبر تداعيات فترات الركود الاقتصادي، وفي نفس الوقت حتى الأشخاص الذين لا يخسرون وظائفهم قد يتأثرون من خلال صعوبة تغيير الوظائف أو زيادة الأجور.

وبالنسبة للشباب الذين ينضمون إلى سوق العمل خلال فترة الانكماش الاقتصادي، قد يستغرق الأمر لسنوات للتعويض عن خيارات الوظائف المتقطعة والأجر الأول المنخفض.

نصائح الخبراء للتحوط من الركود

وينصح الاقتصاديون والمستشارون الماليون الأفراد، بترشيد النفقات عند توقع حدوث الركود الاقتصادي، والادخار.

كما ينصح الخبراء الأفراد والشركات عدم وضع أموالهم في مكان واحد، والحفاظ على توزيع الاستثمارات عبر مجموعة من الأسهم والسندات التي من الممكن أن تحمي من التقلبات الضخمة.

وتتنصح ميشيل سينجليتاري، كاتبة عمود المالية الشخصية في صحيفة واشنطن بوست، بعدم إجراء تغييرات كبيرة في محفظة الأوراق المالية، مشيرة إلى أنه يجب على الأشخاص بدلاً من ذلك التركيز على تسديد ديون بطاقات الائتمان خاصة مع ارتفع أسعار الفائدة.

تتفق ميشيل سينجليتاري، كاتبة عمود المالية الشخصية في صحيفة واشنطن بوست، على ذلك قائلة: «أشعر بما تشعر به، لكن لا تتخذ خطوات غير عقلانية بناءً على خوفك»، وفق ما قالت للقراء مؤخراً.

إقرأ أيضاً:

«النقد الدولي» يقلص توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي ويقول إنه سيتفادى الركود