تعد الأموال عاملاً مهماً لتحقيق النجاحات في كرة القدم الحديثة مع التخطيط السليم لاستغلال الإنفاق بأفضل صورة ممكنة، وهذا ما حصل مع عدة أندية كبيرة في الأعوام الماضية، مثل مانشستر سيتي الذي سيطر على الدوري الإنجليزي لعدة مواسم بسبب حنكة وذكاء الإدارة في كيفية الإنقاق، وريال مدريد الذي حصد 3 ألقاب متتالية في دوري أبطال أوروبا، وغيرها من الأندية.
وهنالك أندية فشلت في استغلال الأموال التي أنفقتها كما حصل مع برشلونة الإسباني، عندما حصل على 222 مليون يورو من بيع نيمار لباريس سان جيرمان، قبل إنفاق مبالغ مالية كبيرة على لاعبين آخرين لمحاولة تعويضه، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
وبعض الأندية في القارة الأوروبية ابتعدت عن الواجهة ومنصات الألقاب بسبب انخفاض مداخيلها المادية مثلما حصل مع عدة أندية إيطالية على رأسها ميلان والإنتر في السنوات الماضية.
استثمار المواهب والأكاديميات في هولندا
وفي شهر يناير من عام 2020 نُشرت دراسة لأحد الطلبة في جامعة فاغينينغين الهولندية بعنوان «استراتيجيات إدارة أندية كرة القدم في الدوري الهولندي»، ولخصت طريقة عمل الأندية الهولندية في تسيير شؤونها، خصوصاً الاقتصادية.
وبحسب الدراسة ذاتها، فإن الأندية الهولندية بقيادة أياكس أمستردام تعتمد بشكلٍ أساسي على الأكاديميات الخاصة بها، ويتم التركيز على تصعيد اللاعبين منها للفرق الأولى، مع إضافة بعض التعزيزات بلاعبين ذوي الخبرة.
اقرأ أيضاً: «قاضيات الملاعب».. فكرة قديمة حان وقتها في كرة القدم
وظهر نجاح هذه الفلسفة على أرض الواقع مع نادي أياكس أمستردام والذي وصل لنصف نهائي دوري أبطال أوروبا في موسم 2018-2019، وجنى أرباحاً كبيرة من بيع اللاعبين الذين نشؤوا في أكاديميته مثل: ماتياس دي ليخت ودوني فان دي بيك، والذين جاؤوا من أكاديميات أخرى في «بلاد الطواحين» كفرينكي دي يونغ.
وضمت تشكيلة أياكس في ذلك الموسم 9 لاعبين من الجنسية الهولندية، وبقية اللاعبين من جنسيات مختلفة مثل المغربية والدنماركية وغيرها، وكان هنالك 18 لاعباً من أكاديمية النادي، واللاعبون الآخرون من أكاديميات أخرى، سواء هولندية أو غير هولندية.
وفي نفس الوقت فإن أياكس منذ موسم 2012-2013 وحتى الآن يعد ثالث أكثر نادٍ يحقق ربحاً مالياً بـ350.63 مليون يورو بعد بيع وشراء اللاعبين، حيث أنفق مبلغ 297.67 مليون يورو للتوقيع مع لاعبين، مقابل جني 648.3 مليون يورو من البيع.
البرتغال.. جسر أمريكا الجنوبية نحو أوروبا
وتعمل الأندية البرتغالية بشكلٍ مختلف عن الأندية الهولندية، حيث يتم التركيز على جلب المواهب الشابة، وأغلبها من قارة أمريكا الجنوبية ومن البرازيل تحديداً قبل تطويرها وبيعها لأندية أوروبا.
ويعد ناديا بنفيكا وبورتو أكثر ناديين حصداً للأرباح من بيع وشراء اللاعبين منذ موسم 2012-2013، حيث جمع الأول مبلغ 593.74 مليون يورو بعدما أنفق 434.92 مليون يورو وباع لاعبين بـ1.03 مليار يورو، في حين وصل ربح بورتو لـ369.36 مليون يورو بعد شراء لاعبين بـ362.2 مليون يورو وبيع لاعبين بـ731.58 مليون يورو.
ومن ضمن أعلى 20 عملية بيع في تاريخ الناديين يتواجد 10 لاعبين من جنسيات لاتينية، وهم: البرازيلي إيدرسون مورايس والمكسيكي راؤول خيمينيز والأرجنتيني أنخيل دي ماريا في بنفيكا، وفي بورتو يتواجد البرازيلي إدير ميليتاو والكولومبي خاميس رودريغيز والبرازيلي هالك، والكولومبيان راداميل فالكاو جاكسون مارتينيز، والبرازيليان دانييلو وأندرسون على التوالي.
وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية في تقرير نشرته عام 2020 الأسباب التي أدت لنجاح الأندية البرتغالية في سوق الانتقالات، ومن بينها الذكاء الكبير في عملية تطوير اللاعبين، مع استثمار الوقت والجهد لصقل المواهب.
ووفقاً للتقرير ذاته فإن الأندية البرتغالية، وخصوصاً بنفيكا وبورتو وسبورتينغ لشبونة تمتلك شبكة قوية وواسعة من الكشافين في القارة اللاتينية، وعلى سبيل المثال فإن موسم 2018-2019 شهد قيام الأندية البرتغالية بإتمام 250 صفقة من البرازيل، وهذا الرقم يعد قياسياً في ذلك الموسم.
ويعد عامل اللغة والثقافة من العوامل المهمة التي تجذب البرازيليين للعب مع البرتغال، باعتبار البرتغالية اللغة الرسمية في بلاد «السامبا».