2018-09-03
منذ إعلان انطلاق حركة تسجيلات وتنقلات اللاعبين (ميركاتو الصيف) في أوروبا مطلع يونيو الماضي، لم تتوقف الصحافة العالمية عن سكب الكثير من الحبر حول صفقات نارية في طريقها إلى ملعب سانتياغو برنابيو معقل ريال مدريد، مرشحة العديد من الأسماء الكبيرة لارتداء القميص الملكي.
وسعَّر من حدة تلك الشائعات والترشيحات المتواترة الرحيل المفاجئ لمهاجم الفريق كريستاينو رونالدو إلى يوفنتوس الإيطالي، وإعلان الريال رحلة البحث عن خليفته، وهو خليفة يحتم العرف الملكي ألا يكون أقل شهرة ومهارة من رونالدو، نظراً للدور المزدوج (التسويقي والفني) الذي ظل يلعبه النجم البرتغالي في النادي.
من جملة أسماء على شاكلة مهاجم تشيلسي الإنجليزي إدين هازارد، مروراً بهداف توتنهام هاري كين، وختاماً بثنائي باريس سان جيرمان الفرنسي نيمار جونيور وكيليان مبابي، عاشت جماهير الملكي ضغط البديل المحتمل لرونالدو، خصوصاً في ظل الأخبار غير السارة التي ظلت تترأ في أروقة النادي، والتي مفادها تبخر حلم التعاقد مع أي من تلك الأسماء الكبيرة، وهو أمر حدث لظروف عدة ومترابطة مع بعضها البعض.
وعلى رأس تلك الأسباب تمسك أندية أولئك اللاعبين ببقائهم معها، قبل أن يخرج رئيس النادي فلورنتينو بيريز ويطلق رصاصة الرحمة على آمال جماهيره بتصريحه الشهير وقتها «انتهى عهد الغلاكتيكوس .. الريال سيعتمد على أسماء شابة بجانب تشكيلته الحالية».
ولم يمض الكثير من الوقت على تصريحات بيريز الصادمة تلك، حتى أفاق أنصار الريال على صدمة ثانية إثر خسارة فريقهم للسوبر الأوروبي أمام أتلتيكو مدريد 4 ـ 2، وهي الهزيمة التي حملت في جانبها الخفي أزمة طاحنة يعيشها هجوم الريال، على الرغم من الأخطاء الدفاعية الواضحة والمؤثرة في تلك المباراة.
وسرعان ما أعادت الهزيمة وأزمة الهجوم تصريحات بيريز إلى دائرة الضوء، حيث المطالبة المنطقية بضرورة الاستعانة بمهاجم يوفر، على الأقل، منافسة لكل من كريم بنزيمة وغاريث بيل ويؤمّن انتصارات متتالية للفريق في جولاته الداخلية والخارجية.
وبرز على السطح الثنائي، مهاجم فالنسيا رودريغو مورينو ونجم سيلتا فيغو إياغو سباس، إلى جانب بعض التلميحات المتناثرة هنا وهناك بإمكانية استعادة الريال نجميه ألفارو موراتا من تشيلسي وخميس رودريغيز من بايرن ميونيخ، بيد أن الانتظار الممزوج بالخوف كان سيد الموقف بامتياز.
مفاجأة
مع بداية العد التنازلي لإغلاق الميركاتو، فاجأ الريال جماهيره بسيناريو لم يكن في حسبان الكثيرين، وذلك بعد إعلانه استعادة مهاجمه السابق ماريانو دياز من ليون الفرنسي، بعد تفعيله شرط حقه في استعادته في حالة رغبة ليون في بيعه.
ودفع الريال مبلغ 36 مليون يورو لإعادة ماريانو إلى سانتياغو برنابيو قبل يوم من غلق الميركاتو، بعد عام واحد فقط من رحيل المهاجم من أصل دومنيكاني إلى ألمبيك ليون، ليقطع الطريق بذلك على إشبيلية الذي كان على وشك التعاقد معه مقابل 30 مليون يورو.
ولحظة تقديمه للإعلام والجماهير على ملعب سانتياغو برنابيو، الجمعة الماضية، أثار ظهور ماريانو ومنحه القميص رقم «7» الكثير من الجدل، في وقت لم تخفِ فيه بعض الجماهير خيبة أملها من تمخض جبل الصفقات الكبيرة «المنتظرة» ليلد نجماً غادر البرنابيو قبل أشهر عدة بلا كثير ضوضاء.
وانعكس تشاؤم الجماهير المبطن على تناول الصحف الإسبانية لانتقال ماريانو، حيث التقليل من الصفقة، وأيضاً دعواتها إلى عدم رفع سقف التوقعات من اللاعب، ما ولدّ بعض الضغوط على اللاعب البالغ من العمر 25 عاماً.
تحدٍّ
لم يكن تقليل الصحافة من قيمة انتقال ماريانو عامل الضغط الوحيد عليه، وإنما شكلت خطوة الريال بخصه بالقميص الأسطوري رقم «7»، دون غيره من نجوم الفريق، ضغطاً إضافياً على اللاعب.
وتاريخياً، ارتبط القميص رقم «7» بأسماء خالدة في تاريخ الريال، إذ ارتداه من قبل كل من كريستيانو رونالدو، راؤول غونزاليس ورايمون كوبا.
وبنظرة فاحصة إلى مسيرة ماريانو القصيرة مع ليون، وما قدمه فيها من أداء، لن يكون من المستغرب، في رأي بعض المحللين، أن يقلب المشهد لمصلحته، ويعلن عن نفسه نجماً للريال.
وخاض دياز 48 مباراة مع ليون في مختلف المسابقات الموسم الماضي، سجل عبرها 21 هدفاً، 18 منها في دوري الدرجة الأولى الفرنسي (الليغ 1)، وهو رقم محفّز للغاية.
وربما شكلت الثقة والترحيب الكبيرين من قبل مدرب الريال جوليا لوبيتيغي عاملاً محفزاً آخر لدياز لإنجاز المهمة المرجوة منه.
وبحسب دياز نفسه، فإن عودته إلى الريال جاءت بمباركة من لوبيتيغي «جوليان اتصل بي وأخبرني بأنه سيكون سعيداً للغاية إذا ما عدت إلى الفريق».
وأضاف دياز في حديث خص به ماركا الإسبانية أخيراً «كان أمراً رائعاً بالنسبة لي أن يخبرني بأنه يضعني ضمن خطته، وأنا بدوري سأبذل أقصى جهدي من أجل الفريق، وأتمنى أن أسهم معهم في رفع الغلة من الألقاب الموسم الجاري».
تنافس
ما بين ثقة لوبيتيغي وعزم دياز، لن يبدو الطريق مفروشاً بالورود للنجم الجديد القديم، خصوصاً في ظل التألق الكبير للثلاثي «بي بي أيه» بنزيمة، بيل وأسينسيو في الموسم الجاري، الذين نجحوا في قيادة الريال إلى تحقيق الفوز في أول ثلاث مباريات له في الليغا.
وجذب الأنظار بشكل خاص كريم بنزيمة، الذي نجح في الموسم الجاري في تسجيل أربعة أهداف في أول ثلاث مباريات خاضها مع الريال، وهو رقم قياسي مقارنة مع موسمه الماضي، والذي لم يحرز فيه سوى خمسة أهداف خلال 32 مباراة خاضها في الدوري الإسباني.