2018-08-06
يبدو أن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لا يرغب في الابتعاد عن دائرة الأحداث التي تشغل عدداً من بطولاته، وعلى رأسها الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم (البريميرليغ)، والذي حقق في الآونة الأخيرة شهرة منقطعة النظير، حيث المستويات الفنية المبهرة وجذب ألمع الأسماء في الملعب والمنطقة الفنية.
والمقصود هنا، هو القرار الأخير للاتحاد والمتعلق بالمدربين وأعضاء الأجهزة الفنية عموماً، في محاولة لضبط وجودهم على خط التماس.
ويعتزم الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم تطبيق قرار إشهار البطاقات الصفراء والحمراء للمدربين عند خروجهم عن مبادئ الانضباط، مع بداية منافسات الموسم الجديد، ما أثار لغطاً حول جدوى القوانين الجديدة ومقدرتها على ضبط سلوك المدربين، أو تشكيلها بالمقابل عبئاً جديداً يضاف إلى الضغوط التي تعاني منها الأجهزة الفنية في ملاعب الكرة الإنجليزية.
وسيطبق القرار في خمس مسابقات اعتباراً من موسم 2018 - 2019، وهي دوري الدرجة الأولى الإنجليزي، كأس الاتحاد الإنجليزي، كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، وفوتبول ليغ تروفي (كأس القسم الثالث والرابع) ودوري الدرجة الخامسة الإنجليزي.
أما مدربو الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) فسيكتفي الحكام بالتحذير الشفهي في مواجهتهم عند القيام بأي سلوك مخالف يستدعي التحذير، وستبقى إمكانية تعرضهم للطرد المباشر كما هي، في حال ارتكاب سلوك خارج عن القانون يتطلب عقوبة الطرد المباشر إلى المدرجات.
وتقول رابطة الدوري الإنجليزية إن التغييرات الجديدة تأتي ضمن مساعيها لحماية سمعة منافساتها، مؤكدة أن المدربين سيتلقون البطاقات الصفراء في حالات مثل ركل قوارير المياه، التصفيق الساخر أو أي سلوك آخر يُعتبر تقليلاً من شأن حكم المباراة.
وسيتعرض المدرب للبطاقة الحمراء عند الإتيان بتصرف مثل السلوك العدائي، (البصق) أو عرقلة استئناف اللعب، وسيكون المدرب أيضاً عُرضة للعقاب حال قيام أي من أفراد فريقه التدريبي في المنطقة الفنية بسلوك غير مسؤول.
ويملك حكم الوسط فقط، وليس الحكم المساعد أو الرابع، سلطة إشهار البطاقات الصفراء أو الحمراء للمدربين، على الرغم من إمكانية تغيير ذلك في المستقبل.
اقرأ أيضاً .. ويست هام يستعين بأندرسون لمقارعة كبار البريميرليغ
جدل
أثارت القرارات الجديدة جدلاً في الأوساط الرياضية الإنجليزية، إذ اعتبرها البعض شكلاً من أشكال القوانين المتشددة بفرض المزيد من القيود والضغوط على المدربين ومنعهم من التعبير عن مشاعرهم الطبيعية أثناء سير المباريات.
غير أن المدير التنفيذي لرابطة الدوري الإنجليزية شاون هارفي يرى أن تطبيقها ضرورة تحتمها مصلحة الكرة الإنجليزية، ووسيلة لضبط سلوك الجميع حول الملعب، مبيناً «إنها ليست مجرد دراما نقوم بتطبيقها، بل ضوابط من باب حرصنا على عدم تراجع السلوك إلى أسوأ مما هو عليه الآن».
وأوضح هارفي «إذا تحول سلوك أي فرد من أفراد الجهاز الفني على الدكة إلى سلوك غير لائق، بمن فيهم المدرب، فمثل ما يحدث داخل أرض الملعب سيشهر الحكم البطاقة الصفراء للدكة».
وأضاف «إذا تكرر السلوك غير المسؤول، مثلما يفعل اللاعب عندما يعيد ارتكاب المخالفات السيئة، فإن الحكم سيشهر البطاقة الصفراء الثانية، وهنا يجب أن يغادر المدرب مكانه في الدكة الفنية».
استثناء
تقضي القرارات الجديدة بأن يوقف المدرب لمباراة إذا تلقى أربع بطاقات صفراء، ومباراتين حال تلقيه ثماني بطاقات صفراء، وترتفع مباريات الإيقاف إلى ثلاث بوصول البطاقات الصفراء التي تلقاها المدرب إلى العدد 12، أما في حال بلوغها الرقم 16 أو أكثر فسيكون على المدرب التوجه إلى ويمبلي للجلوس أمام اللجنة التأديبية التابعة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم.
ويمكن للمسؤولين فرض عقوبات إضافية مثل الغرامات أو منع دخول الملاعب عند تكرار المخالفات، كما يمكن أن يكون هناك إعفاء من عقوبات الإيقاف بنهاية الموسم، فيما يتعلق بالمباريات النهائية، تجنباً لغياب المدربين عن مباريات مهمة، وذلك وفقاً لتقديرات لجنة العقوبات التابعة للاتحاد.
وحول هذه الاستثناءات قال هارفي «لا نريد أن تتسبب القوانين الجديدة بحرمان أندية من مدربيها في مباريات نهائية في ختام الموسم بسبب تلقي أربع بطاقات صفراء».
اقرأ أيضاً .. موناكو .. قصة نادٍ رفد أوروبا بكثير من المواهب دون فقدان مكانته بين الكبار
شكوك
في معرض تعليقه على مدى فاعلية القوانين الجديدة، رأى الحكم الدولي الإنجليزي مارتن كلاتينبيرغ أنها ستدعم تطبيق الشفافية، قبل أن يعود إلى التشكيك في تمكُنها من إيقاف المدربين عن ارتكاب الأخطاء.
ولفت الخبير التحكيمي إلى طبيعة الأجواء أثناء سير المباريات «بالنظر إلى الضغط الذي يحيط بالمدرب، والمشاعر التي تثيرها اللعبة، لست متأكداً من أن تؤدي هذه القرارات إلى نتائج رادعة».
وأردف «اللاعبون، على سبيل المثال، لا يتوقفون عن الاعتراض أمام الحكم والضغط عليه، على الرغم من معرفتهم أن هذا السلوك يمكن أن يؤدي إلى إنذارهم».
وأشار الحكم الدولي إلى أنه سيبقى من المثير انتظار ما سيسفر عنه تطبيق القوانين الجديدة في موسمها الأول، وسيكون مفاجئاً رؤية المدربين يتحولون إلى الهدوء وإظهار الاحترام للحكام بصورة لم نعتد عليها طوال مشاهدتنا لمباريات كرة القدم.
ترقُب
تأمل رابطة الدوري الإنجليزية أن يتخطى التأثير الإيجابي المنتظر من تطبيق هذه القرارات نطاق كرة القدم إلى تحسين السلوك العام، وأن يشمل جذور اللعبة في جميع الأماكن، كما أكد هارفي «كرة القدم تُشكل الآراء والثقافات، وهي الملهم الأول للكثيرين حول العالم، لذا فإن ما يفعله لاعبو كرة القدم المحترفون أو المدربون بالتحديد يُعد بمنزلة المعيار للسلوك».
مضيفاً «نأمل أن تسهم هذه التغييرات في الانضباط بعيداً عن كرة القدم أيضاً، وهذه هي فقط البداية والتي نأمل أن يتبعها الجميع في المستقبل».
ومابين آمال الاتحاد الإنجليزي في نجاح التجربة وارتقائها بالسلوك الكروي وبين تحفظات الكثير من المدربين، تظل نسخة 2018 ـ 2019 من البطولات الإنجليزية على موعد مع الإثارة والجدل، وهو جدل يتوقع أن يتخطى بكثير ما صاحب نظيره الذي حدث بعد اعتماد تقنية الفيديو في كأس العالم الأخيرة، لتبقى الأشهر المقبلة حافلة بالترقب والانتظار لما سيسفر عنه القرار التاريخي.