الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

اضطرابات سندات المملكة المتحدة تضع المتداولين على حافة الهاوية

اضطرابات سندات المملكة المتحدة تضع المتداولين على حافة الهاوية

إلى جانب تداعيات فشل موازنة المملكة المتحدة، الذي كاد أن يكسر سوق الذهب، يستعدُّ متداولو السندات لتقلبات جديدة، مع تعاقب ارتفاع أسعار الفائدة ومبيعات سندات البنك المركزي والموازنة الحكومية التي طال انتظارها، إلّا أنَّه من المقرَّر أن يعقد بنك إنجلترا اجتماعاً يوم الخميس يحدد فيه إلى أي مدى وصلت توقعات انخفاض أسعار الفائدة.

إنها عملية حسابية معقدة، خاصةً مع بلوغ التضخم أعلى مستوياته منذ 40 عاماً، والركود الذي يلوح في الأفق، والعودة إلى التقشف تحت قيادة رئيس الوزراء الجديد ريشي سوناك. كما أنَّ اتجاه أسعار الفائدة تأثَّر بتوقعات صانعي السياسة في بنك إنكلترا، حيث تجاوزت التوقعات نسبة 6%. أما تكاليف الاقتراض فلم تكن بهذا الارتفاع منذ ما يزيد على 20 عاماً، مع التحوّل الكبير في خطط الحكومة التي تحوَّلت من زيادة في التضخم إلى تخفيضات في الإنفاق وزيادات ضريبية.

تشهد أسعار الفائدة الأساسية الآن ذروة دون 5%، مع حالة متزايدة من عدم اليقين حول ما سيقرره بنك إنجلترا يوم الخميس، خاصةً عند رفع الفائدة بنسبة ثلاثة أرباع نقطة مئوية، حسبما جاء في مقالة نشرتها «بلومبيرغ» حديثاً.

لكنَّ بنك «إي إن خي» وشركة «سيتي غروب» من بين أولئك الذين يجادلون بأنَّ خطوة بنك إنجلترا القادمة يمكن أن تكون أصغر، وربما تزيد من تخفيف الضغط على سندات المملكة المتحدة بعد الانهيار الناجم عن التخفيضات الضريبية غير الممولة في ظل الحكومة السابقة.

ومن جهته أشار مارك هيلي، مدير محفظة الدخل الثابت في شركة «أكسا إنفستمنت مانجرز» إلى أهمية اجتماع البنك للمستثمرين، «ليس فقط من حيث ما إذا كانوا سيصلون إلى 50 أو 75 نقطة أساس، ولكن أيضاً من حيث التوقعات واتجاه البنك في المستقبل».

كما يترقب المستثمرون الحصول على أدلة حول موعد إضافة بنك إنجلترا دَيناً طويل الأجل إلى مبيعات سنداته الممتازة النشطة، في عملية تُعرف باسم «التشديد الكمي»، ومن المقرر أن تبدأ يوم الثلاثاء. من الواضح أيضاً أنَّ خطط الموازنة الحكومية ستؤثر على تفكير بنك إنجلترا، حيث يُكشف عنها في 17 نوفمبر وسط تكهنات بأن مليارات الجنيهات من الزيادات الضريبية وخفض الإنفاق في الطريق.

وفي إشارة إلى مدى سرعة تحوّل مشاعر المستهلكين والسوق، اجتاحت سندات المملكة المتحدة يوم الجمعة عمليةُ بيع سندات عالمية، حيث أدى التضخم الأسرع من المتوقع في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا إلى إعادة تقييم المتداولين لاحتمالية تغيير البنك المركزي الأوروبي لمساره.

أمَّا روبرت ستيمان، الرئيس التنفيذي لمكتب إدارة الديون، فحذَّر من البيئة «الصعبة» في أثناء الاستعداد للتعامل مع أكبر صافي مبيعات للسندات في التاريخ. ومع ذلك، فإنَّ عائدات السندات على مدى 30 عاماً تقلُّ بنحو 150 نقطة أساس عما كانت عليه في أواخر سبتمبر، إلى جانب انخفاض مؤشرات التقلب الضمني، وإن كانت ما تزال مرتفعة. فيما ارتفع الجنيه إلى ما يعادل 1.16 دولار، بعد أن انخفض سابقاً إلى مستوى قياسي عند 1.035 دولار.

لا يسعى سوناك فقط لملء ثغرة في المالية العامة، بل ينوي أيضاً إعادة بناء الثقة بعد الفوضى التي أعقبت مقترحات ليز تروس التي أدَّت في نهاية المطاف إلى استقالتها بعد أسابيع في منصبها. استمر الهدوء النسبي منذ تولي سوناك السلطة حتى بعد أن أخَّر البيان المالي الذي طال انتظاره من 31 أكتوبر. فيما أكَّدت كاثرين مان من البنك المركزي أنَّ أسعار الفائدة كانت عدوانية بشكل مفرط، في حين حذَّر نائب الحاكم بن برودبنت من أنَّ التشدُّد على هذا النطاق سيكون ضاراً اقتصادياً.

من المحتمل أن يتردد صدى هذه التعليقات يوم الخميس، حيث يتوقَّع «بنك أوف أمريكا» أن بنك إنجلترا سيخفض توقعات النمو والتضخم، في حين يرى الاستراتيجيون أنَّه بالرغم من «ارتياح السوق الآن بفضل الموازنة المصغرة، فإنَّ هذا لن يوفِّر حلاً طويل اﻷجل، إذ إنَّ جذور مشكلات اقتصاد وسياسة المملكة المتحدة عميقة جداً».