لا يزال المستثمرون في أسواق الأسهم في حالة قلق شديد قبل قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمر الذي انعكس على أداء الأسواق خلال الجلسات الماضية لتهبط قرب أدنى مستوى منذ منتصف يونيو الماضي (أدنى مستويات العام) وكذلك انعكس على سندات الخزانة التي سجلت أعلى مستوياتها في 15 عاماً.
وتشير الآراء إلى أن توقعات رفع أسعار الفائدة واستمرار الفيدرالي في التشديد النقدي تثقل كاهل أسواق الأسهم لتعاود اختبار أدنى مستوياتها التي سجلتها في منتصف يونيو الماضي.
ترقب حذر وقال نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية في كامكو إنفست، رائد دياب إن الأسواق العالمية تشهد تذبذبات شديدة وذلك مع انتظار اجتماع الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة حيث تشير التوقعات بأن يتخذ الفيدرالي سياسة نقدية متشددة للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة.
وأشار دياب إلى أنه في الوقت نفسه، هناك مخاوف من قبل المستثمرين بأن رفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي هذا الأسبوع، إضافة إلى البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا، قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي والدخول في مرحلة ركود في الفترة المقبلة، الأمر الذي سيؤثر على ربحية الشركات.
ومن ناحية أخرى، قال نائب رئيس إدارة البحوث إن النفط -الذي تعتبر إيراداته أساسية لاقتصادات منطقة الخليج- يتعرض إلى ضغوط مع تنامي المخاوف من تراجع الطلب في حال تعرض النمو الاقتصادي إلى تباطؤ، الأمر الذي أدى إلى زيادة التقلبات في الأسواق.
وتابع: يبدو أن هناك ترقباً حذراً للقرار المتخذ من قبل البنوك المركزية العالمية والبيان الذي سيصدر عن الفيدرالي حيال الخطوات التي ستتخذ في الفترة القادمة لكبح جماح التضخم.
وحذر محمد العريان كبير المستشارين الاقتصاديين في «أليانز» عبر تغريدة له من آفاق قاتمة للاقتصاد العالمي تتضمن تباطؤ النمو واستمرار التضخم القوي وصعود معدلات البطالة.
وذكر أن هبوط النمو في الولايات المتحدة مع تأخر الفيدرالي عن مواجهة التضخم سيدفعه لرفع الفائدة 75 نقطة أساس للاجتماع الثالث على التوالي وهو ما يتفق مع اتجاهات الركود التضخمي العالمي، قائلاً: «لن أشعر بالمفاجأة حال حدوث تعديلات إضافية لتقديرات النمو».
وقال أرون ليزلي جون، رئيس محللي السوق في سنشري فاينانشال لـ«الرؤية»: كان بنك الاحتياطي الفيدرالي شفافاً للغاية بشأن موقفه من تحقيق استقرار الأسعار بغض النظر عن ما قد يتسبب به من أضرار اقتصادية للأسر والشركات، مضيفاً أن اللجنة الفيدرالية لم تكن خجولة مع ارتفاع أسعار الفائدة في وتيرة غير مرئية منذ عام 1981، ومن المرجح أن تؤدي بيانات الأسابيع الماضية التي أظهرت ارتفاع تضخم أسعار المستهلك في الولايات المتحدة إلى ارتفاع سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي بنسبة 0.75% يوم الأربعاء.
وحول مدى مساهمة هذا الارتفاع في السيطرة على التضخم والتأثير على الأسواق المالية، أشار جون إلى أنه مبدئياً سيؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تجفيف السيولة في السوق العالمية، حيث سترى الأسر والشركات زيادة في كُلفة الاقتراض. ومن المرجح أن يكون التأثير الفوري قصير المدى على سوق الأسهم نفسياً، حيث سيسارع المتداولون للبيع بمجرد الإعلان، ليكمن جوهر الأمر في ما إذا كان الهبوط طويل الأجل سيبطئ النمو بما يكفي لتهدئة سوق العمل الذي لا يزال قوياً.
ومع المخاوف من تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يثقل كاهل الأسواق، وتقرير الأرباح القاسية الأخير من FedEx Corp وأجهزة الإنذار من التباطؤ الاقتصادي العالمي من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، قد يلعب رفع أسعار الفائدة في سبتمبر دوراً محورياً في استقرار الأسعار، حيث انخفضت معنويات المستثمرين في قطاع البناء إلى 46، وللشهر التاسع على التوالي سجلت بيانات المعنويات رقم أقل من 50 مما يعني وجود بيئة انكماشية.
الأسهم الأمريكية واستبعد كبير محللي الاستثمار لدى شركة «سي إف آر إيه ريسيرش» سام ستوفال في مذكرة بحثية أن يرفع المركزي الأمريكي الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس غداً الأربعاء، مؤكد أن هذه الخطوة من شأنها الإضرار بسوق الأسهم الأمريكية لأنه سيعني أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة تبالغ في رد فعلها تجاه البيانات بدلاً من الالتزام بخطتها الأولية.
وأضاف أنه عقب الزيادات السبع السابقة في أسعار الفائدة، انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية أربع مرات لمدى شهر وثلاثة وستة أشهر.
ووفقاً لبلومبيرغ يرى إد يارديني، رئيس شركته البحثية التي تحمل الاسم نفسه والذي توقع قاع السوق في عامي 1982 و2009، أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس هذا الشهر، في ظل فكر الرئيس جيروم باول والتوقعات الاقتصادية للبنك المركزي التي تبدو متشددة.
وأشار يارديني إلى أن ذلك قد يتسبب في أن يعيد S&P 500 اختبار أدنى مستوى سجله في 16 يونيو عند 3666.77، أي أقل بنسبة 6% تقريباً من المستويات الحالية.
سندات الخزانة وارتفع عائد سندات الخزانة اليوم لأعلى مستوى في 15 عاماً مع ترقب قرار الفيدرالي لأسعار الفائدة حيث صعد عائد السندات لأجل عشر سنوات فوق 3.5% للمرة الأولى منذ عام 2011، فيما صعد عائد سندات لآجل عامين إلى 3.98% كأعلى مستوى منذ أواخر 2007.
وكتبت دانييل دي مارتينو بوث، المديرة التنفيذية وكبيرة المحللين الاستراتيجيين لشركة Quill Intelligence: «من المرجح أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتشديد السياسة ليقترب من أسنان الركود» مضيفة: «قد تنخفض سوق الأسهم مع استمرار التخفيف من بنك الاحتياطي الفيدرالي حيث يهدف جيروم باول القضاء على رفع الأسعار والتضخم».
أسواق الأسهم الآسيوية وبحسب بلومبيرغ، قد يدفع اتجاه الفيدرالي لزيادة ضخمة أخرى في أسعار الفائدة هذا الأسبوع إلى تسريع وتيرة خروج الصناديق العالمية من أسواق الأسهم الآسيوية الناشئة التي تعاني بالفعل من تأثير قوة الدولار.
وذكر مانيشي رايشودهوري، رئيس أبحاث الأسهم في آسيا والمحيط الهادئ في «بي إن بي باريبا»، في مذكرة: «مخاطر الركود والتشديد النقدي القاسي الذي تقوم به الاقتصادات المتقدمة يعرقلان توقعات الأرباح الآسيوية، حيث تشهد الأسواق الناشئة تدفقات خارجة بشكل لم يسبق له مثيل، حتى حدوث قدر من الوضوح بشأن مسار سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي يبدو أنه لا توجد فترة توقف للتدفقات الخارجة في الأسواق الناشئة الآسيوية».
ورجح مسح لـ«بلومبيرغ» أن يقوم الفيدرالي باجتماع الغد برفع أسعار الفائدة بنحو 75 نقطة، حيث توقع المسح أن تصل أسعار الفائدة إلى 4% بحلول ديسمبر، وستظل مرتفعة حتى عام 2023.
قال رئيس مجلس الإدارة جيروم باول إنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي ملتزم بشدة بإعادة التضخم إلى مستهدف البنك المركزي البالغ 2%، ولن يوقف معركته قبل الأوان حتى مع البيانات الاقتصادية الأضعف.
قال روبرت دينت، كبير الاقتصاديين المتخصصين في شؤون الاقتصاد الأمريكي لدى «نورموا سيكوريتيز إنترناشيونال»: «نتوقَّع أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة إلى أن تنخفض معدلات التضخم فعلياً، إذ يضيف مؤشر أسعار المستهلكين خلال أغسطس إلحاحاً كبيراً لمهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي».
الذهب وتراجعت أسعار الذهب قرب أدنى مستوى في أكثر من عامين عند تسوية تعاملات أمس، ومع ذلك ثبتت فيتش توقعاتها لأسعار الذهب دون تغيير، مما يظهر الاستثمار في المعدن كملاذ آمن في ظل عدم الاستقرار الجيوسياسي والضغوط التضخمية، إذ تتوقع الوكالة وصول السعر إلى 1800 دولار هذا العام و1600 دولار في 2023.