السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

3 تحذيرات وبشارتان في معدل التضخم الأمريكي

3 تحذيرات وبشارتان في معدل التضخم الأمريكي

ارتفاع كلفة المعيشة للأمريكيين يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة

شهد مؤشر أسعار المستهلك، 3 تحذيرات قوية للاقتصاد الأمريكي وبشارتين، في وقت يواصل فيه المواطنون كفاحهم لمواجهة أسعار الغاز وتكاليف الإيجار المرتفعة، وأفادت وزارة العمل بأن مؤشر أسعار المستهلك (CPI) الذي يستخدم لتتبع معدل التضخم وكلفة المعيشة، ارتفع بمعدل سنوي 9.1% الشهر الماضي، ما يمثل أكبر زيادة سنوية في مقياس التضخم الشعبي منذ نوفمبر 1981، وتجاوزت الأرقام الأخيرة توقعات الاقتصاديين في وول ستريت التي أشارت إلى قفزة سنوية بنسبة 8.8%.

وفي حين اعتقدت عدد من البنوك الاستثمارية أن التضخم سيصل إلى ذروته قبل أشهر، ظلت أسعار المستهلك مرتفعة في الولايات المتحدة، ولم ينعكس الانكماش الأخير في أسعار السلع الأساسية وسوق الإسكان في بيانات مؤشر أسعار المستهلكين.

هل اقتربت أمريكا من ذروة التضخم؟

وقال كبير محللي الاستثمار في «أورين ادفيسرز سوليشن»، رستي فانيمان، لمجلة «فورتشن» إنه «في حين أن هناك بعض الدلائل التي تبعث على الأمل بأننا نقترب من الذروة في معدل نمو التضخم، مثل انخفاض أسعار السلع الأساسية، إلا أنه من المحتمل ألا نرى الذروة الفعلية لأشهر، إن لم يكن حتى أوائل العام المقبل».

ويدفع ارتفاع كلفة المعيشة للأمريكيين في يونيو، مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقرر في وقت لاحق من هذا الشهر.

ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي، هذا العام، أسعار الفائدة ثلاث مرات في محاولة لتهدئة الاقتصاد ومكافحة التضخم، لكن بعض الخبراء يدعون الآن إلى موقفاً أكثر عدوانية، وقالت نانسي ديفيس، مؤسسة «كوادرتيك كابيتال مانجمنت» لمجلة «فورتشن» إن «البنك الاحتياطي الفيدرالي لا يزال متأخراً في التعامل مع أرقام التضخم الكبيرة، رغم إقراره زيادات في أسعار الفائدة هذا العام وبدء خطط تخفيض ميزانيته العمومية».

زيادة الفائدة نقطة مئوية تبدو أكثر احتمالاً

ذهب كوينسي كروسبي، كبير استراتيجيي الأسهم في «إل. بي. إل فايننس» إلى حد القول إن رفع سعر الفائدة بنسبة 1% قد يكون مطروحاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر بعد قراءة التضخم في يونيو، وأشار بيل آدامز، كبير الاقتصاديين في بنك «كوميريكا، إلى أن «الزيادة الكاملة بنقطة مئوية تبدو أكثر احتمالاً من نصف نقطة مئوية واحدة». وأحدثت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين قلقاً لدى بعض الاقتصاديين من أن التضخم قد يكون مشكلة أكثر إلحاحاً مما يتوقعه بنك الاحتياطي الفيدرالي، لكن آخرين يجادلون بأن هناك إشارات إيجابية تشير إلى أن أسعار المستهلك قد تنخفض خلال النصف الثاني من العام.

3 علامات تحذيرية

جاء التضخم العام، الذي على عكس التضخم الأساسي الذي يشمل أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، أعلى بكثير من توقعات الاقتصاديين في يونيو، وأدت أزمة الطاقة الأوروبية، التي تفاقمت بسبب الحرب المستمرة في أوكرانيا والعقوبات الغربية اللاحقة، إلى إلقاء أسواق الطاقة العالمية في حالة من الفوضى في الأشهر الأخيرة، ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 41.6% على أساس سنوي في يونيو، مع ارتفاع أسعار البنزين بنسبة 60% مقارنة بالعام الماضي، وقفزت تكاليف الكهرباء بنسبة 13.7% خلال الفترة نفسها، وهو ما دفع التضخم العام إلى مستوى أعلى بكثير من تقديرات الاقتصاديين.

وكشفت بيانات التضخم الرئيسية عن اتجاه مقلق لتضخم الخدمات، ومنذ أشهر يتحدث الاقتصاديون عن التناوب المستمر من الإنفاق على السلع إلى الإنفاق على الخدمات حيث يعود الأمريكيون إلى خطط سفرهم الصيفية مع تلاشي قيود كورونا. وقال المستشار الأول السابق للسياسة الاقتصادية لوزارة الخزانة الأمريكية، ستيفن ميران، لمجلة «فورتشن» إن تضخم الخدمات يميل إلى أن يكون أكثر ثباتاً، وقد لا نرى هذا التضخم مرة أخرى حتى عام 2024.

وارتفع تضخم الخدمات، باستثناء خدمات الطاقة، بنسبة 0.7% في يونيو، عن 0.6% في مايو، ويقف الآن عند معدل سنوي يبلغ 5.5%، وكانت شركات الطيران رائدة في هذا القطاع، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 34.6% عن العام الماضي.

تضخم واسع النطاق وارتفاع كلفة الإيجار

وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، بنسبة 5.9% مقارنة بالعام الماضي، وكان الدافع الرئيسي للتضخم هو تكاليف المأوى، والتي تمثل نحو ثلث مؤشر أسعار المستهلكين، وقفزت تكاليف المأوى بنسبة 5.6% عن العام الماضي في يونيو، بعد ارتفاعها 1.7% فقط في الأشهر الثلاثة السابقة مجتمعة، وتقول نانسي ديفيس إنه قد يكون هناك مجال أكبر لارتفاع تكاليف المأوى في المستقبل، نظراً للقفز في أسعار المساكن خلال العام الماضي، وقالت ديفيس معلقة على بيانات مؤشر أسعار المستهلكين المأوى: «هل هناك أي شيء في الولايات المتحدة ارتفع سعره بمقدار ضئيل في الربع الماضي؟ هل يبدو هذا قريباً من رقم دقيق لأي شخص على دراية بتكاليف الإيجار؟»، وارتفع مؤشر أسعار المنازل الوطني بنحو 20% على أساس سنوي.

الحالة المزاجية في وول ستريت تظل كئيبة للغاية

واستمر تضخم أسعار المواد الغذائية في الظهور في شهر يونيو، حيث ارتفع مؤشر الغذاء بنسبة 10.4% مقارنة بالعام الماضي، وقفزت تكاليف الطعام في المنزل الآن بنسبة 1% على الأقل لمدة ستة أشهر متتالية.

وقال كيرت كوفينجتون، كبير مديري علاقات الشركاء في «أج أمريكا»، أكبر شركة إقراض زراعي غير بنكي في أمريكا، لمجلة «فورتشن» إنه ما لم تنخفض أسعار الطاقة والسلع بشكل كبير، فإن تضخم الغذاء سيظل يمثل مشكلة، وأضاف أن أكبر تأثير على قطاع الزراعة، بصرف النظر عن ارتفاع أسعار الفائدة، هو التضخم وارتفاع أسعار تكاليف المدخلات.

وصرح ديفيد راسل، نائب الرئيس لمعلومات السوق في شركة «تريد ستيشن» للوساطة في الأوراق المالية والعقود الآجلة عبر الإنترنت، لـ«فورتشن» بأن القراءة الأخيرة لمؤشر أسعار المستهلك تمثل «مخاطرة كبيرة للأسهم»، وقال: «تتوقع وول ستريت بالفعل أبطأ نمو للأرباح منذ أواخر عام 2020، لذا فإن الحالة المزاجية قد تظل كئيبة للغاية مع ظهور النتائج في الأسابيع المقبلة».

توقعات حول معدل التضخم السنوي

ورغم الأرقام المزعجة في تقرير مؤشر أسعار المستهلك، إلا أنه كانت هناك نقاط مضيئة في قراءة المؤشر أولها أسعار الغاز التي انخفضت من أعلى مستوياتها فوق 5 دولارات للغالون في يونيو، إلى 4.63 دولار فقط اعتباراً من الأربعاء، وفقاً لبيانات AAA. وشكلت الطاقة وحدها ما يقرب من نصف الزيادة الشهرية في التضخم، وقال بايدن إن بيانات الأربعاء لا تعكس التأثير الكامل لما يقرب من 30 يوماً من الانخفاضات في أسعار الغاز، والتي خفضت السعر في المضخة بنحو 40 سنتاً منذ منتصف يونيو.

ثاني إيجابيات التقرير هي أن التضخم مشكلة عالمية، حيث تشهد بلدان العالم ارتفاعاً في أسعار المستهلكين بسبب الحرب المستمرة في أوكرانيا، وعمليات الإغلاق من كورونا، وليس فقط الولايات المتحدة.

وعلى سبيل المثال بلغ معدل التضخم في الأرجنتين 60% في مايو، وفقاً لوكالة إحصاءات الرسمية «إنديك»، وتوقع الاقتصاديون الذين شملهم الاستطلاع من قبل البنك المركزي للبلاد معدل تضخم سنوي يقارب 73% بحلول نهاية العام، حسبما أفادت بلومبيرغ في يونيو.

وسجل التضخم في المملكة المتحدة أعلى مستوى له في 40 عاماً في مايو، حيث ارتفع بمعدل سنوي 9.1%، ومن المتوقع أن يصل معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو إلى 8.6% في يونيو، وحتى اليابان، التي تعاملت تاريخياً مع الانكماش، ترى أن ارتفاع أسعار المستهلكين أصبح مشكلة في الآونة الأخيرة.

انخفاض تضخم السلع الأساسية

توقع ستيفن ميران أن ينخفض تضخم السلع الأساسية خلال الأشهر المقبلة، مشيراً إلى أن ارتفاع المخزونات لدى تجار التجزئة سيكون مفتاحاً للتخفيض القادم لضغوط الأسعار، وقال مارك هيفيل، كبير مسؤولي الاستثمار في «يو. بي. إس جلوبال ويلث مانجمنت»، في مذكرة الأربعاء، إنه يعتقد أن يبدأ التضخم في الانخفاض خلال الأشهر المقبلة.

وتابع: «ما زلنا نعتقد أن التضخم سيبدأ في العودة إلى مستوياته الطبيعية أكثر، متجنباً الحاجة إلى مزيد من التحول المتشدد في السياسة النقدية... ومع ذلك، ستكون هذه العملية تدريجية، ومن المرجح أن يظل التضخم أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% لبعض الوقت في المستقبل».

وقال جاي هاتفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة «انفرنستراكش كابيتال مانجمنت، لـ«فورتشن» إنه يتوقع أن تساعد قوة الدولار الأمريكي في دفع أسعار السلع إلى الانخفاض خلال النصف الثاني من العام، ما يؤدي إلى انخفاض التضخم. وأضاف: «نتوقع أن تمثل هذه القراءة ذروة التضخم لأن انكماش الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 15% للقاعدة النقدية، وهو أسرع انخفاض منذ الكساد الكبير، سيكبح التضخم».