أشارت بعض الشركات الأمريكية إلى ضرورة رفع الأجور لمواكبة المنافسين ومساعدة الموظفين الذين يدفعون المزيد مقابل الوقود والبقالة، إلى جانب معالجة التضخم واستبقاء العمال في سوق العمل التي يصفها معظم المديرين بالقاسية.
وحسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال، ترفع بعضٌ من كبار الشركات الرواتبَ، أو يقدِّمون مكافآت خاصة، حيث قدَّمت شركة «إكسون موبيل» للموظفين الأمريكيين منحةً لمرة واحدة في يونيو تعادل 3% من رواتبهم، في حين أفادت شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» بأنَّها ستوزِّع زيادات في يوليو لتعكس أداءها في سنتها المالية المنتهية للتو، فيما أخبرت شركة «مايكروسوفت» الموظفينَ هذا الربيع أنَّها تخطط لمضاعفة ميزانيتها العالمية للزيادات القائمة على الجدارة.
تأتي هذه التحركات التي يُخطَّط لها غالباً قبل أشهر في وقتٍ غير عاديٍّ للشركات الأمريكية، حيث أعرب بعض المديرين التنفيذيين عن مخاوفهم في الأسابيع الأخيرة بشأن التباطؤ الاقتصادي المحتمل، في حين أنَّ شركاتٍ مثل «كوينبيس» و«نتفليكس» سرَّحت بعض موظفيها مؤخَّراً، ومع ذلك، يرى العديد من قادة الشركات أنَّ الأعمال التجارية قوية، ويشيرون إلى ضرورة رفع الأجور لمكافأة أداء الموظفين ومساعدتهم في تحمُّل النفقات اليومية المرتفعة.
أفادت ميشيل سواننبيرغ، رئيسة الموارد البشرية في شركة «تي رو برايس غروب»، بأنَّ الشركة أرسلت الشهر الماضي بريداً إلكترونياً لآلاف الموظفين ذكرت فيه أنَّها ستقدم زيادة بنسبة 4% لنحو 85% من الموظفين اعتباراً من 1 يوليو، علماً أنَّ الشركة تضم ما يزيد على 7500 موظَّف بدوامٍ كامل.
ورغم أنَّ السنة المالية لا تنتهي حتى ديسمبر، لكنَّ المديرين التنفيذيين اتخذوا قراراً بمنح الزيادات الآن لمكافحة التضخم بعد ملاحظتهم ارتفاع مستويات الاستنزاف، خاصةً بين عمال التكنولوجيا وبعض الموظفين المبتدئين.
كما وسَّعت الشركة الزيادات لتشمل بعض الموظفين الجدد، أي أنَّ بعض الموظفين حصلوا على زيادة في الأجور بعد أسابيع فقط من العمل، حيث تضاف الزيادة البالغة 4% إلى تعديلات الرواتب السنوية في نهاية العام.
بشكل عام، زادت الشركات الأجرَ الأساسي في الولايات المتحدة بنسبة 4.8% في المتوسط حتى الآن في عام 2022، في حين يفكِّر نحو ثلث أصحاب الأعمال لتقديم زيادات منتصف العام، وفقاً لدراسة استقصائية لما يزيد على 300 من أصحاب الأعمال الكبار، أجرتها شركة «بيرل ماير» الاستشارية في مايو.
وحافظ العديد من الشركات لسنوات على زيادات الأجور بنحو 3% سنوياً، ولكنَّ أظهرت الدراسة أنَّ الرؤساء شعروا بالضغط لرفع الأجور إلى حدٍّ كبير لاستبقاء العمال، كما ذكرت ريبيكا تومان من شركة «بيرل ماير» أنَّه «إلى جانب التضخم، يعدُّ نقص العمالة سبباً لعاصفة الزيادات الكبيرة في الرواتب».
ومن جهة أُخرى، جاءت مكافأة شركة «إكسون» البالغة 3% في يونيو خارجَ دورة المراجعة السنوية النموذجية للشركة، حيث أفاد الرئيس التنفيذي دارين وودز في أواخر أبريل أنَّ الهدف من ذلك مساعدةُ «إكسون» على تعزيز قدرتها التنافسية، علماً أنَّ الشركة ذكرت أنَّها ستضاعف عدد الموظفين المؤهَّلين للحصول على منح الأسهم بنحو ثلاثة أضعاف.
تراقبُ بعضُ الشركات الصُغرى حجماً التي رفعت الأجور بشكل حاد في السنوات الأخيرة، ما إذا كانت بحاجة إلى المزيد من التعديلات في الأجور، إذ أشار دبليو بول ديلب، الرئيس التنفيذي لشركة التخزين والخدمات اللوجستية «لانسديل ويرهاوس»، إلى أنَّ الشركة رفعت الأجور بين 8% و12% في صيف عام 2020، ثم مرة أُخرى بالقدر نفسه عام 2021، وذلك لمراعاة حالة التضخم والسوق الضيقة لسائقي الشاحنات وعمال المستودعات وغيرهم.
تضمُّ «لانسديل» نحو 65 موظفاً، وتوزِّع هذا الصيف مكافآت فورية على شكل بطاقات هدايا بقيمة 25 أو 50 دولاراً إلى سلسلة المتاجر ومحطات الوقود «واوا»، كما يرصد المسؤولون التنفيذيون في الشركة الآن مؤشراً محلياً لتكاليف المعيشة على أساس ربع سنوي، ويرغبون في ضمان أن تسمح الأجور لأسرة مكونة من أربعة أفراد بالعيش بشكل مريح.
يُذكر أنَّ التضخم في الولايات المتحدة تسارع إلى معدَّل سنوي قدره 8.6% في مايو، وهو أسرع معدَّل له منذ 41 عاماً، ولكن ظلَّ معدَّل البطالة ثابتاً عند 3.6% في مايو، أي ظل قريباً من مستوياته المنخفضة قبل الوباء، رغم هدوء وتيرة التوظيف في الأشهر الأخيرة.
يؤكِّد أصحاب الشركات الكُبرى أنَّهم يراقبون بيانات الأجور باستمرار الآن، حيث أفاد تيم ريان، رئيس مجلس الإدارة في شركة «برايس ووتر هاوس كوبرز» في أمريكا، أنَّ الشركة تنظر بانتظام في بعض نقاط بيانات الأجور، بما في ذلك توقُّعات الرواتب للموظفين الجدد، بهدف الاستجابة السريعة وإجراء تغييرات في التعويضات إذا لزم الأمر، مع العلم أنَّ الشركة رفعت الرواتب بنسبة 5% في يناير، وقدَّمت زيادات إضافية هذا الشهر.
يرى الباحثون في اتجاهات التعويض أنّه في حال تدهور الاقتصاد، يمكن للشركات أن تبدأ في التركيز على زيادة الأجور بشكل أكثر انتقائية، لذلك فإنَّ بعض أصحاب العمل الذين يخطِّطون لرفع أجور منتصف العام هذا الصيف يختارون تقديمَ تعويض إضافي للأداء العالي أو للموظفين الذين يؤدون أدواراً حسب الطلب.