نجح الأرز خلال العام الجاري في الحفاظ على أسعار منخفضة عما كانت في 2021 مقارنة بالقمح والذرة، موفراً لعديد من البلدان الآسيوية شبكة أمان غذائية لا سيما أنه يعتبر مكوناً رئيسياً في النظم الغذائية، فيما أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية في جميع أنحاء العالم، لكن الوضع أقل كآبة في آسيا، بفضل الأرز.
حقق الأرز وفرة في المحاصيل المتتالية، ليظهر الأرز كسلعة غذائية أرخص سعراً من الحبوب الأخرى بشكل عام خلال 2022 مسجلاً انخفاضاً عما كان في العام الماضي.
فكانت هذه أخبار رائعة لمليارات الأشخاص الذين يعيشون في آسيا حيث تعتبر الحبوب عنصراً أساسياً شائعاً، من الهند إلى تايلاند وحتى فيتنام واليابان.
فهذه المنطقة التي تشمل جنوب وجنوب شرق وشرق آسيا تنتج وتستهلك أكثر من 80% من الأرز في العالم، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الأمريكية.
وفي الجهة المقابلة، تعطلت إمدادات القمح والذرة والزيوت النباتية بسبب الحرب في أوكرانيا، وهي مصدّر رئيسي لهذه السلع الأساسية، فيما تضرر السكان الذين يعتمدون على نظام غذائي قائم على الخبز، كما هو الحال في مصر ولبنان، بشدة.
فقد أدى ارتفاع أسعار الغاز والأعلاف الحيوانية والأسمدة إلى زيادة كلفة منتجات مثل فول الصويا والدجاج، ما أسهم في اضطراب سلاسل التوريد للسلع الغذائية حول العالم.
مرساة العالم
قال جوزيف شميدهوبر، نائب مدير قسم الأسواق والتجارة في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو): «الأرز هو المرساة الحالية». «إنه يوفر الاستقرار للأمن الغذائي العالمي».
بلغ معدل التضخم في آسيا النامية في مايو ما يزيد قليلاً عن 4%، وكان حوالي نصف المعدل في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وحوالي ربع المعدل في أمريكا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء، وفقاً لبيانات أولية من بنك التنمية الآسيوي، وعزا البنك التضخم المنخفض نسبياً إلى استقرار أسعار الأرز.
اعتباراً من منتصف يونيو، ارتفعت أسعار الذرة والقمح العالمية بنسبة 27% و37% على التوالي مقارنة بشهر يناير. وانخفضت أسعار الأرز بنحو 17%، حسب البنك الدولي.
السر في الوفرة
أظهرت بيانات الفاو أن المحاصيل الجيدة في أكبر منتجي العالم -الصين والهند وبنغلاديش وإندونيسيا وفيتنام وتايلاند- تسببت في وصول الإنتاج العالمي إلى مستويات قياسية العام الماضي عند 521 مليون طن متري. من المتوقع أن يصل محصول هذا العام إلى ما يقرب من 520 مليون طن متري. أوكرانيا ليست مُصدِّرة كبيرة للأرز، لذا فإن إمدادات الحبوب لا تتأثر بشكل مباشر بالحرب.
في حين أن ارتفاع أسعار الأسمدة والوقود لا يزال يمثل تحدياً للمزارعين، فإن العديد من الحكومات الآسيوية تقدم إعانات كبيرة لمزارعي الأرز، ما يساعد على ضمان استقرار الإنتاج.
في الفلبين، العائلات لا تتناول طعاماً بالخارج لصالح وجبات الأرز البسيطة المطبوخة في المنزل. على عكس أسعار لحوم البقر والدجاج، لم يتغير سعر نوع الأرز الذي تشتريه.
وتقول المنظمة إنه من المتوقع أن تستورد الدول الأفريقية 10% زيادة من الأرز هذا العام إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 19.4 مليون طن متري.
في فيتنام، يستخدم المزارعون الأرز الرخيص لإطعام الخنازير التي قد تلتهم الذرة والقمح.
الأرز وحده لا يكفي
يقول خبراء الزراعة إن الأرز وحده لا يمكنه حل مشكلة الجوع في العالم. غالباً ما يعتمد الأرز على الري المكثف، ما يعني أن بعض الأصناف تظل أغلى من القمح، ما يجعل الوصول إلى الحبوب أقل سهولة بالنسبة للعديد من فقراء العالم.
التحدي الآخر هو ارتفاع رسوم الاستيراد التي تفرضها بعض البلدان على الحبوب، بما في ذلك الأرز، لدعم الإنتاج المحلي.
في أوغندا، على سبيل المثال، تعترض السلطات بانتظام تهريب الأرز في شاحنات مغطاة بالرمال أو مخبأة بجانب الأسمنت أو مخبأة في أكياس من السكر.
هناك عامل آخر يحد من الاستهلاك العالمي للأرز: حتى عندما ترتفع الأسعار، يرتبط الناس بالحبوب التي نشؤوا على تناولها.