الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

أسعار النحاس عند أقل مستوى منذ 16 شهراً.. هل بدأ الاقتصاد العالمي بالتباطؤ؟

أسعار النحاس عند أقل مستوى منذ 16 شهراً.. هل بدأ الاقتصاد العالمي بالتباطؤ؟

سجلت أسعار النحاس أدنى مستوى لها في 16 شهراً يوم الخميس مع عمليات البيع المستمرة، حيث انخفض سعر النحاس بأكثر من 11% في أسبوعَين.

وينظر بعض المستثمرين إلى أسعار النحاس على أنها مؤشر لقياس الاقتصاد العالمي، حيث يمتلك معدن النحاس القدرة على التنبؤ بنقاط التحول في الدورات الاقتصادية.

وغالباً ما ينظر إلى انخفاض أسعار النحاس على أنها مؤشر رئيسي على الانكماش الاقتصادي الوشيك، وذلك بسبب التنوع الكبير لاستخدامات هذا المعدن.

وانخفضت العقود الآجلة للنحاس في بورصة لندن للمعادن القياسية من أعلى مستوياتها عند 10.730 دولار للطن في مارس، إلى 8575 دولاراً فقط خلال تعاملات يوم الخميس، بانخفاض أكثر من 20%.

وأظهرت بيانات مقياس "ناسداك" لأسعار النحاس، انخفاض المعدن بأكثر من 17% في غضون أسبوعَين فقط، حيث يتم تداوله الآن بسعر 3.76 دولار للرطل فقط، بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له في مارس عند 4.94 دولار.

هل بدأ الاقتصاد بالتباطؤ؟

وقال دانيال غالي مدير استراتيجية السلع في بنك TD Securities إن أسعار النحاس بدأت للتو في تفسير حقيقة أن النمو العالمي يتباطأ.

ويستخدم النحاس في العديد من مواد البناء، بما في ذلك الأسلاك الكهربائية وأنابيب المياه، ولهذا السبب غالباً ما ينظر إليه على أنه وكيل للنشاط الاقتصادي، حيث غالباً ما يرتفع الطلب بحدة عندما يتوسع الاقتصاد، ويقل عند انكماش الاقتصاد.

وفي وقت سابق من العام الجاري، في أعقاب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ارتفعت أسعار النحاس إلى جانب المعادن الأخرى.

وتمثل روسيا 4% من إنتاج النحاس العالمي، وحوالي 7% من النيكل وفقاً لبيانات S&P Global، وكان التجار قلقين من نفاد العرض في الوقت الذي بدأت فترة الانتعاش الاقتصادي بعد الوباء، وبدؤوا بتخزين كميات من النحاس.

والآن مع انتشار مخاوف الركود الاقتصادي، بدأت أسعار النحاس في الاتجاه المعاكس.

وقال غالي: بمجرد انتهاء دفعة التخزين، بدا الطلب العالمي على السلع في إعادة الارتباط بالنمو العالمي.

وأكدت البيانات الأولية على المقياس الاقتصادي لشهر يونيو، أن النشاط الاقتصادي يشهد تباطؤاً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود.

وأظهر مؤشر مديري المشتريات الصادر عن S&P Global يوم الخميس، أن إنتاج القطاع الخاص تباطأ بشكل حاد في الولايات المتحدة هذا الشهر.

وقال كبير اقتصاديي الأعمال في S&P Global Market Intelligence كريس ويليامسون إن العديد من شركات الخدمات الآن باتت ترى أن الأسر تكافح بشكل متزايد مع ارتفاع كلف المعيشة، حيث يشهد منتجو السلع غير الأساسية انخفاضاً مماثلاً في الطلبات.

كما أصبحت الشركات أكثر توتراً بشأن التوقعات، خاصة مع قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بقوة في محاولة لوقف زيادات الأسعار، وفقاً لما ذكرته شبكة سي إن إن الأمريكية.

وأشار ويليامسون إلى أن ثقة الأعمال عند مستوى من شأنه أن ينذر بتراجع اقتصادي، ما يزيد من مخاطر الركود.

وفي أوروبا انخفض النمو الاقتصادي في يونيو الجاري إلى أدنى مستوى خلال 16 شهراً، وفقاً لقراء مؤشر مديري المشتريات لمنطقة اليورو.

ومن ناحية أخرى لا تزال الصين، التي كانت محركاً حاسماً للنمو العالمي، تكافح مع تداعيات عمليات الإغلاق التي جاءت على خلفية مكافحة الوباء وتداعيات الركود العقاري، وأظهر اقتصاد البلاد بعض علامات التحسن في مايو الماضي، إلا أن مبيعات التجزئة تقلصت للشهر الثالث على التوالي.

ومن ناحية يتوقع داروي كونغ مدير محفظة السلع في شركة DWS لإدارة الأصول، انتعاش النمو الاقتصادي في الصين في وقت لاحق من العام الجاري، وأن تعاود أسعار النحاس والمواد الأولية الأخرى الانتعاش مرة أخرى في مرحلة ما من العام الجاري.

وأشار كونغ إلى أنه حتى ذلك الوقت من المتوقع أن تنخفض الأسعار أكثر مع استمرار القلق بشأن الاقتصاد.

وقال غالي إنه على المدى المتوسط يكون لأسعار النحاس مجال أكبر للانخفاض.

لماذا وصلت أسعار النحاس إلى مستويات قياسية؟

كانت وتيرة أسعار النحاس مرتفعة للغاية طوال فترة الوباء لعدة أسباب رئيسية توصل إليها محللو بنك UBS بقيادة دانيال ميجور.

ويرى المحللون أن الحافز المالي القياسي ساعد في دعم الطلب الاقتصادي القوي بعد انتهاء الإغلاق، ما أدى إلى ارتفاع العمليات في قطاع التصنيع.

وبالإضافة إلى ذلك كان لاستخدام النحاس في تصنيع السيارات الكهربائية دافع كبير لارتفاع الأسعار خلال السنوات الأخيرة.

حيث تحتاج صناعة السيارات الكهربائية إلى حوالي 10 أضعاف النحاس الذي تحتاجه صناعة السيارات التقليدية، وفقاً لتقرير حديث صادر عن جميعة تطوير النحاس، وعادة ما تستخدم السيارات التقليدية من 18 إلى 49 رطلاً من النحاس في تصنيعها، بينما تستخدم الكهربائية في المتوسط 183 رطلاً.

وأدت التحولات في عدد من قطاعات الطاقة كالمركبات الكهربائية والطاقة المتجددة، إلى خلق توقعات قوية للطلب على المدى المتوسط، كما أن استخدامات النحاس المتنوعة تجعل الطلب عليه مقياساً للنشاط الاقتصادي والإنتاج الصناعي، ولهذا السبب أطلق عليه الاقتصاديون لقب دكتور كوبر.

ويعتقد الخبراء في بنك UBS أن الطلب المتزايد على النحاس المدفوع بالتحول إلى الطاقة النظيفة لن يكون كافياً للحفاظ على ارتفاع أسعار النحاس وسط تراجع النمو الاقتصادي في أوروبا وأمريكا وتأرجح الانتعاش الاقتصادي بسبب عمليات الإغلاق في الصين.

كما توقع خبراء بنك UBS وصول النحاس إلى مستوى أدنى خلال النصف الثاني من هذا العام حتى عام 2023.

إقرأ أيضاً:

هل الاقتصاد الأمريكي معرض للركود؟ وما هو الركود الاقتصادي؟