تستثمر أشهر الشركات حول العالم مثل Google وMeta وOpenAI بكثافة في التكنولوجيا التي تستحوذ على خيال الجمهور بشكل متزايد.
ولكن وبعد سنوات من تأكيد الشركات على إمكانات الذكاء الاصطناعي المتزايدة والخارقة، يقول الباحثون إن الوقت قد حان الآن لإعادة ضبط التوقعات.
فمع القفزات الحديثة في التكنولوجيا، طورت الشركات المزيد من الأنظمة التي يمكن أن تنتج تقنيات تتنوع بين إنشاء محادثة أو إلقاء شعر أوصور تشبه البشر، ومع ذلك، يحذر الباحثون في مجال الذكاء الاصطناعي من أن بعض الشركات تبالغ في قدراتها.
يقول أورين إيتزيوني، الرئيس التنفيذي لمعهد ألين للذكاء الاصطناعي، وهي مؤسسة بحثية غير ربحية مقرها سياتل: «نحن غير متوازنين».
ويضيف أورين وباحثون آخرون إن عدم التوازن يساعد في تفسير سبب تأرجح الكثيرين في وقت سابق من هذا الشهر عندما جادل مهندس في شركة غوغل التابعة لشركة ألفابت، أن أحد أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة يجب اعتباره واعياً.
وقال المهندس إن الشات بوت أصبح فعلياً شخصاً له الحق في أن يُطلب منه الموافقة على التجارب التي يتم إجراؤها عليه. وأوقفت غوغل المهندس قائلة إن خبراء الشركة نظروا في الاحتمال ورفضوه.
يقول الباحثون إن الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي أصبح -أو يمكن أن يصبح يوماً ما- واعياً لا يزال على الهامش في المجتمع العلمي الأوسع.
في الواقع، يشتمل الذكاء الاصطناعي على مجموعة من التقنيات التي تظل مفيدة إلى حد كبير لمجموعة من الخدمات اللوجستية غير المألوفة مثل معالجة البيانات من المستخدمين لاستهدافهم بشكل أفضل بالإعلانات والمحتوى وتوصيات المنتج.
وعلى مدار العقد الماضي، استثمرت شركات مثل غوغل وميتا الأم لفيسبوك وأمازون بشكل كبير في تطوير مثل هذه القدرات لتعزيز محركاتها من أجل النمو والربح.
وتستخدم غوغل على سبيل المثال، الذكاء الاصطناعي لتحليل عمليات البحث المعقدة بشكل أفضل، ما يساعدها على تقديم إعلانات ونتائج ويب ذات صلة.
كما أن عدداً قليلاً من الشركات الناشئة ظهرت بطموحات أكبر. إحداها، OpenAI، التي جمعت المليارات من المانحين والمستثمرين بما في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك والرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، في محاولة لتحقيق ما يسمى بالذكاء العام الاصطناعي، وهو نظام قادر على مطابقة أو تجاوز كل أبعاد الذكاء البشري.
أدت المنافسة بين هذه الشركات إلى تطورات سريعة في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد استحوذت على خيال الجمهور وجذبت الانتباه إلى التكنولوجيا.
وظهر نظام DALL-E من OpenAI، وهو نظام يمكنه إنشاء أعمال فنية بناءً على توجيهات المستخدم، في الأسابيع الأخيرة العديد من الميمات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكانت مارجريت ميتشل، التي شاركت في قيادة فريق الذكاء الاصطناعي الأخلاقي في غوغل قبل أن تفصلها الشركة بعد أن كتبت رسالة انتقدت فيها أنظمة الشركة، من أوائل من حذروا من مخاطر هذه التكنولوجيا.
وجادل الخبراء أيضاً بأن التقنيات من هذا النوع يمكن أن تسبب ضرراً في بعض الأحيان، لأن قدراتهم الشبيهة بالبشر تعني أن لديهم نفس احتمالية الفشل مثل البشر.
ومن بين الأمثلة التي تم الاستشهاد بها: خطأ في الترجمة من قبل نظام الذكاء الاصطناعي في فيسبوك والذي جعل كلمة «صباح الخير» باللغة العربية «تؤذيهم» باللغة الإنجليزية و«مهاجمتهم» باللغة العبرية، ما دفع الشرطة الإسرائيلية إلى اعتقال الرجل الفلسطيني الذي نشر التحية، قبل أن تدرك الخطأ.
كشفت الوثائق الداخلية التي استعرضتها صحيفة وول ستريت جورنال كجزء من سلسلة The Facebook Files التي نُشرت العام الماضي أيضاً أن أنظمة فيسبوك فشلت في التعرف باستمرار على مقاطع الفيديو التي ينشرها الشخص الأول والصيحات العنصرية المرافقة، ما أدى إلى إزالة جزء صغير فقط من المحتوى الذي ينتهك قواعد الشركة.
وقال فيسبوك إن التحسينات في الذكاء الاصطناعي لديها كانت مسؤولة عن تقليص كمية خطاب الكراهية والمحتويات الأخرى التي تنتهك قواعدها بشكل كبير.
وقالت غوغل إنها طردت السيدة ميتشل لمشاركتها وثائق داخلية مع أشخاص من خارج الشركة.
ترددت أصداء عمليات الطرد في قطاع صناعة التكنولوجيا حول العالم، ما دفع الآلاف داخل وخارج غوغل للتنديد بما وصفوه في التماس بأنه «رقابة بحثية غير مسبوقة».
الفجوة بين الإدراك والواقع ليست جديدة
ازدادت المخاطر لأن الذكاء الاصطناعي أصبح الآن جزءاً لا يتجزأ من كل مكان ويشارك المزيد من الشركات التي تتغلغل برامجها -البريد الإلكتروني ومحركات البحث وخلاصات الأخبار والمساعدات الصوتية- في حياتنا الرقمية.
وبعد ادعاءات مهندسها الأخيرة، تراجعت غوغل عن فكرة أن برنامج المحادثة الخاص بها واعٍ.