رغم تراجع أسعار الغاز الطبيعي بشكل كبير، وعدم بدء الطقس البارد، وشبه امتلاء مستودعات التخزين، إلا أن الدول الأوروبية لديها الكثير من المخاوف تجاه الغاز الطبيعي، وسط توقعات بعودة ارتفاع أسعاره في الفترة المقبلة، وقد تصل إلى أسعار الذروة نفسها خلال الصيف الماضي.
وأوضح تقرير نشرته وكالة «بلومبيرغ»، اليوم الثلاثاء، أن الدول الأوروبية سارعت إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال، من جميع أنحاء العالم، لملء مستودعات التخزين، استعداداً لفصل الشتاء المقبل، خاصة مع تراجع إمدادات الغاز من روسيا، التي طالما اعتمدت عليها الدول الأوروبية، والتي استفادت -أيضاً- من الطقس الدافئ، بخلاف مناقصاتها المثمرة لشراء شحنات الغاز، ما جعل مستودعاتها شبه ممتلئة، بينما تراجعت أسعار الغاز بشكل حاد، لتصل إلى نحو ثلث ما قمة الأسعار التي وصلتها خلال الصيف.
أسباب المخاوف
أشار التقرير إلى أن كل تلك الأنباء الجيدة، لا تنفي المخاوف لدى الدول الأوروبية تجاه أسعار الغاز، خاصة أن أهم المعايير التي قد تغير المعادلة، هي موجة الطقس البارد المقبلة، والتي ستجعل أوروبا تبدأ بالتهام مخزوناتها الحالية.
ولفت التقرير إلى نقطة أخرى تزيد القلق والمخاوف الأوروبية، وهي احتمالات وقوع عمليات تخريب تستهدف مصادر الطاقة، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى تغيرات كبيرة في سوق أسعار الغاز.
وكانت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا قد تراجعت منذ العام الماضي، كما توقفت التدفقات على خط أنابيب «نورد ستريم-1»، قبل وقوع عدة تفجيرات استهدفته.
وذكرت الوكالة أن الطقس المعتدل الحالي يساعد في الحد من الطلب في الوقت الحالي، إلا أن صانعي السياسة في أوروبا يشعرون بالقلق من أن انخفاض أسعار الغاز حالياً، بالمقارنة بأسعاره المرتفعة خلال الصيف، سيؤدي إلى زيادة الاستهلاك، عندما تنخفض درجات الحرارة.
ونقلت الوكالة عن كبير المحللين وكبير خبراء الأرصاد الجوية في شركة الطاقة الإيطالية «إلوميا»، جياكومو ماساتو، قوله «من المتوقع أن تستمر وفرة الغاز في أوروبا حتى شهر ديسمبر المقبل على الأقل، خاصة أنه من غير المرجح أن تشهد أوروبا موجة برد طويلة في نوفمبر القادم».
الإقبال على الغاز
وكانت مجموعة «تاميرا للطاقة»، قد أشارت إلى انخفاض الطلب على الغاز، خلال العام الجاري 2022، بنسبة تراوح بين 7-9%، مرجعة السبب إلى إغلاق كبار المستهلكين الصناعيين، رغم أن تلك النسبة تقل عن الهدف الأوروبي بتخفيض الاستهلاك بنسبة 15%.
وقال محللون في مجموعة «تاميرا للطاقة»، «تعتمد قدرة أوروبا على تجاوز أزمة في الكهرباء والغاز، خلال العامين المقبلين، على قدرتها على خفض الطلب، ونعتقد أن الأزمة لم تنتهِ بعد».
وبالنسبة لتخزين الدول الأوروبية للغاز، فقد بلغت مستويات متقدمة، حيث وصلت النسبة إلى 93.6%، بينما وصلت في ألمانيا إلى 97.5%، بحسب شركة «غاز انفراستراكشر أوروبا»، وهو ما قد يوفر بعض الراحة للدول الأوروبية، لكنه لا يكفي لتغطية الطلب في ألمانيا إلا لمدة شهرين فقط، في حالة وجود الطقس البارد، وبالتالي فإن الدول الأوروبية في حاجة إلى المزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال.
الطلب الآسيوي ومن جانبها، توقع تقرير نشرته صحيفة «كوميرسانت» الروسية، اليوم الثلاثاء، تزايد أسعار الغاز خلال الفترة المقبلة، رغم تراجعها في أوروبا للأسبوع الرابع على التوالي، مشيرة إلى أن المحللين يرون احتمالات تراجع إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، مع بدء التجار الآسيويين شراء الغاز.
ولفت المحلل الروسي ألكسندر سوبكو، إلى أن أوروبا تواصل استقبال كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال، في حين بدأ العملاء في الدول الآسيوية في الاستعداد أيضاً لفصل الشتاء، بشراء كميات إضافية من الغاز الطبيعي المسال خلال الأشهر المقبلة.
كما أشار المحلل بمجموعة "Vygon Consulting" الروسية، إيفان تيمونين إلى أن ارتفاع الطلب على الغاز سيكون بسبب الموجة الباردة المقبلة، ما قد يعيد أسعاره إلى مستوياتها السابقة.