قال تقرير لـ«بلومبيرغ إن إي إف» أن الاستثمارات العالمية في مشاريع الطاقة الشمسية ارتفعت بنسبة 33% خلال النصف الأول من هذه السنة مقارنة بالفترة نفسها من العام الفائت 2021، وحققت 120 مليار دولار. أمّا المشاريع المرتبطة بالطاقة المولدة من الرياح، فشهدت تزايداً بنسبة 16%، ووصل مردودها إلى 84 مليار دولار.تتطور تقنيات إنتاج الكهرباء من الشمس بوتيرة سريعة جداً، وتنخفض تكاليفها بشكل كبير؛ ما يجعل العلوم الكهروضوئية عنصراً رئيسياً في عملية التحول في مجال الطاقة.
وبهدف الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي، والحدّ من الاحترار المناخي عند 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية كما تنص اتفاقية باريس للمناخ، يتعيّن على سكان الأرض أن يركبوا سنوياً حتى عام 2023 كميات من ألواح الطاقة الشمسية تفوق تلك الحالية بأربع مرات، على ما تذكر الوكالة الدولية للطاقة.
أما النبأ السارّ في هذا الشأن، فهو أنّ أسعار ألواح الطاقة الشمسية شهدت انخفاضاً كبيراً.
ويشير تقرير أعده علماء من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي، ونُشر بداية عام 2022، إلى أنّ تكاليف تركيب نظام واحد من الطاقة الشمسية انخفض بنسبة 85% بين عامَي 2010 و2019، بينما شهدت أسعار تركيب نظام الطاقة المولدة من الرياح انخفاضاً بـ55%.
ويقول غريغوري نيميت، وهو أستاذ في جامعة ويسكونسن-ماديسون، وأحد مؤلفي التقرير الرئيسيين، إنّ الطاقة الشمسية «تشكل على الأرجح أرخص وسيلة اكتشفتها البشرية لتوليد الكهرباء على نطاق واسع».
وبدأت الطاقة المتجددة تشهد تطوراً في ظل الارتفاع المُسجل بأسعار الوقود الأحفوري، والمخاوف المتمحورة على سدّ الاحتياجات من الطاقة نتيجة الحرب الأوكرانية.
وساهمت خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن المناخية، التي يتوقع أن يقرّها مجلس الشيوخ، في تعزيز الزخم الحاصل في مجال الطاقة المتجددة، إذ خصصت الخطة 370 مليار دولار من الأموال العامة على شكل حوافز ضريبية لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة في الولايات المتحدة بنسبة 40% بحلول عام 2030 (مقارنة بعام 2005).
وكتبت مديرة المؤسسة الأوروبية للمناخ لورانس توبيانا في صحيفة «لوموند» الفرنسية الخميس إنّ «خطة بايدن ستؤدي إلى تعزيز مجال تصنيع الألواح الشمسية في الولايات المتحدة».
ويرى نيميت أنّ الطاقة الشمسية وحدها يمكن أن تنتج نصف كمية الكهرباء في العالم بحلول منتصف القرن الحالي، مشيراً إلى «وجود إمكانات كبيرة» في هذا الشأن.
اكتشاف فرنسي
واكتشف عالم الفيزياء الفرنسي إدمون بيكيريل سنة 1939 التأثير الكهروضوئي الذي يتيح إنتاج الكهرباء من أشعة الشمس.
وطُوّر أول نموذج من الألواح المصنعة من السيليكون في الولايات المتحدة خلال خمسينيات القرن الفائت، بينما أصبحت النسبة الكُبرى من الألواح الشمسية تُصنّع حالياً في الصين.
وتشير الوكالة الدولية للطاقة إلى أنّ الألواح الكهروضوئية الجديدة في الأسواق فعّالة أكثر بـ20% مما كانت عليه قبل خمس سنوات، ويعود السبب في ذلك إلى استخدام مواد حديثة تعتمد نظامين.
وتشكّل بالألواح ذات «الطبقات الرقيقة» أحد أبرز الابتكارات في هذا المجال وهي أرخص من تلك المصنوعة من السيليكون، ويمكن تثبيتها على مختلف أنواع القواعد باستخدام مادة البيروفسكيت التي اكتشفها عالم المعادن الروسي لي بروفسكي في القرن الـ19.
ويرى الخبراء أنّ هذا الابتكار قد يُحدث ثورة في القطاع من خلال زيادة الأماكن التي يمكن فيها إنتاج الطاقة الشمسية، لكن شرط جعل النوع الجديد من الألواح يدوم أكثر من الألواح الحالية، وأن تعمل لفترة تصل أقله إلى 20 سنة.
وتظهر أبحاث جديدة أنّ هذه الفكرة قابلة للتطبيق.
وفي دراسة نشرتها مجلة «ساينس» في أبريل، أعلنت مجموعة من العلماء نجاحهم في جعل فاعلية الألواح المصنوعة من بيروفسكيت مماثلة لتلك الخاصة بالألواح التي يدخل السيليكون في تصنيعها.
واستخدمت دراسة أخرى نُشرت في مجلة «نيتشر» نموذجاً مرادفاً يستند إلى استخدام أشباه موصلات من البيروفسكيت لامتصاص ضوء الأشعة تحت الحمراء القريبة من الطيف الشمسي، فيما تتولى مادة قائمة على الكربون التقاط الأشعة فوق البنفسجية.
«إبداع»
وتبقى مسألة عمل الألواح عندما تغيب الشمس ليلاً بحاجة إلى حلّ.
ونجح باحثون من جامعة ستانفورد هذا العام في تصنيع ألواح شمسية تستطيع توليد الطاقة ليلاً باستخدام الحرارة المنبعثة من الأرض.
ويقول رون شوف الذي يرأس الأبحاث المتمحورة على الطاقة المتجددة في معهد الأبحاث الكهربائية (EPRI) الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً، إنّ هذا القطاع «يحوي أفكاراً إبداعية كثيرة على قدر كبير من الإبداع».
ويعتبر أنّ أحد حلول المشكلة المتمثلة في زيادة استخدام الأراضي لتثبيت الألواح الشمسية تتمثل في اعتماد الألواح المزدوجة العمل التي ينتج جانباها الكهرباء، فأحدهما يستخدم أشعة الشمس والثاني الأشعة المنبعثة من الأرض.
وتركز حلول أُخرى على استخدام ألواح شبه شفافة يحقق استعمالها هدفين يتمثلان بتوليد الكهرباء وحماية المزروعات من العوامل المناخية الضارة بها. وتشهد الهند منذ نحو عشر سنوات تركيب ألواح مماثلة تولّد الكهرباء، وتحدُّ من عمليات التبخر.
ويشير نيميت إلى أنّ للمستهلكين دوراً في الموضوع من خلال تغيير ساعات استهلاكهم للكهرباء أو من خلال التجمع ضمن شبكات خاصة على غرار نموذج عمل «إير بي إن بي».