الاحد - 22 ديسمبر 2024
الاحد - 22 ديسمبر 2024

50 مليار دولار أرباح متوقعة لعمالقة النفط نتيجة ارتفاع تكاليف الوقود

50 مليار دولار أرباح متوقعة لعمالقة النفط نتيجة ارتفاع تكاليف الوقود

تستعد شركات النفط الكبرى لتحقيق أرباح قياسية بقيمة 50 مليار دولار في الربع الثاني، لكن هذا الأداء الممتاز يمكن أن يجلب آثاراً سلبية على قطاع النفط، إذ تأتي تلك الزيادة الكبيرة في الإيرادات نتيجةً مباشرةً لارتفاع أسعار الطاقة الذي أدى إلى التضخم وتراكم الضغط على المستهلكين، وزاد من خطر الركود، ودفع إلى فرض ضرائب غير متوقعة، بحسب ما نقلته وكالة بلومبيرغ.

ومن المتوقع أن شركات «إكسون موبيل» و«شيفرون» و«شيل» و«توتال إنيرجيز» و«بريتيش بتروليوم»، المعروفة مجتمعة باسم «سوبرمايجورز»، ستجني أرباحاً أكثر مما حققته عام 2008 حين قفزت أسعار النفط الدولية إلى 147 دولاراً للبرميل.

يرجع ذلك إلى أن أسعار الغاز الطبيعي وهوامش التكرير ارتفعت إلى أرقام قياسية خلال الأزمة التي أحدثتها الحرب في أوكرانيا، إذ وجدت العديد من الأسواق الرئيسة نفسَها عاجزةً عن التكرير بسبب مزيجٍ من عمليات الإغلاق والاستثمارات المتوقفة بسبب الوباء والعقوبات المفروضة على روسيا وقرار الصين بالحدِّ من صادرات النفط.

يُذكر أن هوامش مؤشر ساحل الخليج الأمريكي، الذي يعدُّ مقياساً تقريبياً لهوامش الربح من تكرير برميل من النفط الخام، ارتفعت إلى متوسط 48.84 دولار في الربع الثاني، أي أكثر من ضعف المستوى في العام السابق. كما ارتفع مقياس «توتال إنيرجيز» لهامش الكلفة المتغير في أوروبا بمقدار ثلاثة أضعاف إلى 145.70 دولار، علماً بأن عملية التكرير تشكِّل الآن 26% من كلفة غالون واحد من البنزين في الولايات المتحدة، بعد أن كانت 14% في المتوسط في العقد السابق، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة.

من جهةٍ أخرى، تتوقع شركة «شيل» تحقيق أرباح بقيمة مليار دولار، في حين تتوقع «إكسون» أن تحقق أرباحاً في الربع الثاني أكثر من الشركات التسع مجتمعة، وفقاً لمقالةٍ نشرتها «بلومبيرغ» حديثاً. ولكن ذكر مات ميرفي، محلل في شركة «تودور بيكيرينغ هولت»، أنَّ هوامش التكرير «الساحرة» هذه لن تدوم، حيث إن ارتفاع أسعار الوقود مقترناً بارتفاع تكاليف المعيشة، يلحق الضرر بالمستهلكين. كما ذكر أنَّ «الطلب على البنزين أقل من التوقعات»، ما يشير إلى «درجة من تدمير الطلب».

نتيجةً لذلك، يُنظر إلى الشركات على أنها متحفظة على الرغم من ارتفاع الأرباح، فمن المحتمل أن تستخدم «إكسون» نقدَها الفائض لخفض الديون، وفقاً لمحللي «سيتي غروب». أما شركة «شيفرون»، فيمكن أن تزيد الحدَّ الأدنى لنطاق إعادة الشراء إلى 10 مليارات دولار لهذا العام.

لا تعدُّ الأرباح الكبيرة ناتجةً عن ارتفاع أسعار السلع الإستهلاكية فقط، حيث إن الشركات الكبرى تنفق أقلَّ بكثير مما كانت تنفقه في المرة الأخيرة التي كان فيها النفط أعلى من 100 دولار للبرميل. كما أن الإنفاق الرأسمالي يتجه إلى نحو 80 مليار دولار هذا العام، إلا أن يعادل نصف المستوى الذي بلغه عام 2013.

لكنَّ ذلك ليس بالضرورة رأي القادة السياسيين، مثل الرئيس الأمريكي جو بايدن وغيره ممن يقاتلون لاحتواء التضخم المتفشي وتكاليف الطاقة الاستهلاكية المرتفعة. إلا أنَّ مناشداتهم لصناعة النفط والغاز لتعزيز الإنتاج المحلي لم تكتسب إلَّا القليل من الزخم، في حين يحذر المسؤولون التنفيذيون من طول المدة التي ستستمر فيها الأسعار المرتفعة، ومن الالتزام بمشاريع الوقود الأحفوري الكبيرة التي يمكن أن تزيد على الحاجة بالتزامن مع انتقال العالم إلى طاقة أنظف.

ربما لا تتمكَّن الشركات الكبرى من إبقاء الإنفاق الرأسمالي بهذا الانخفاض لفترة طويلة، نظراً لحاجتها إلى زيادة الإنفاق في بيئة كلفة تضخمية. أما شركة «شلومبرغير»، أكبر شركة خدمات حقول نفط في العالم، فذكرت الأسبوع الماضي أن المبيعات زادت بنحو 20% عن العام السابق، وتتوقع «دورة متعددة السنوات» في الطلب على خدماتها.

يهدد انخفاض إنفاق كبار النفط بردِّ فعلٍ سياسي عكسي، علماً أنَّ المملكة المتحدة فرضت ضريبةً غير متوقعة على أرباح النفط والغاز في وقت سابق من هذا الشهر. فيما فرضت إيطاليا ضريبةً على صناعة الطاقة، في حين يؤيد بعض المشرِّعين في فرنسا فكرةَ فرض ضريبة خاصة تصل إلى 3 مليارات يورو (3.1 مليار دولار أمريكي) سنوياً. ولكن حتى الآن، قاوم الرئيس إيمانويل ماكرون مثل هذه الدعوات، وحثَّ بدلاً من ذلك الشركات، بما فيها «توتال إنيرجيز»، على تمديد التخفيضات على مشتريات الوقود.

أما في الولايات المتحدة، انتقد بايدن شركةَ «إكسون» لكسبها «أموالاً طائلة»، واتَّهم شركات النفط الأخرى باستغلال أسعار البنزين المرتفعة، ولكن حتى الآن لا توجد أيُّ ضغوط سياسية جادة لفرض ضريبة غير متوقعة.

في ظلِّ هذه الخلفية المضطربة، ربما لا يكون الربع الأكثر ربحيةً في تاريخ الشركات الكبرى سبباً للاحتفال، فرغم أن معظم الشركات ستُبلغ في هذا الربع عن أرباح قياسية، ستبقى الإدارات متحفظة إثر مخاوف تتعلَّق بحدوث ركود حاد يعيد ذكريات عام 2020.