تصاعدت حدة الخلافات بين الدول الأوروبية بعد أن صوت البرلمان الأوروبي لصالح تصنيف الاستثمارات في مجالات الغاز والطاقة النووية على أنها مستدامة، وذلك في إطار التصنيف الخاص بالاتحاد الأوروبي للتمويل الأخضر.
ويهدف المقترح لضخ استثمارات خاصة لمساعدة الاتحاد الأوروبي على تحقيق هدفه المناخي لعام 2050، المتمثل في تصفير انبعاثات الغازات الدفيئة.
وفشلت محاولة كبيرة لعرقلة المقترح في جمع الـ353 صوتاً اللازمة، حيث صوت 328 مشرعاً فقط ضد المقترح، فيما صوت 278 لصالحه، وامتنع 33 آخرون من نواب الاتحاد الأوروبي عن التصويت.
وتعرض مشروع القانون لانتقادات من جماعات بيئية وبعض المشرعين في الاتحاد الأوروبي بسبب «الغسل الأخضر» لاستثمارات الطاقة الأحفورية والنووية منذ أن اقترحته المفوضية الأوروبية أواخر العام الماضي، في إشارة إلى تضليل المستهلكين حول الممارسات البيئية للشركات أو الفوائد البيئية لمنتج أو خدمة ما، كما يتخوف المعارضون من أنه قد يزيد من اعتماد التكتل على واردات الطاقة الروسية.
إجراءات قانونية مضادة
وضغط تحالف من معارضي الطاقة النووية والغاز يضم مجموعة من الدول الأعضاء في الحلف وناشطين على النواب لرفض ما يعرف بـ«العلامة الخضراء».
ويشير معارضو الغاز الذي تعتمد عليه ألمانيا بشدة إلى الحرب في أوكرانيا كمبرر آخر لرفض العلامة الخضراء، مشيرين إلى أن التشجيع على الاستثمارات في هذا القطاع سيزيد الاعتماد على الإمدادات الروسية.
وأما معارضو الطاقة النووية التي تستخدمها فرنسا، فيعربون عن تخوفهم من الحوادث والنفايات النووية.
ويرى هؤلاء في طاقة الشمس والرياح الطريق الأمثل للمضي قدماً.
وأعاد وزيران من النمسا ولوكسمبورغ التأكيد على خطط بلديهما المضي في إجراءات قانونية ضد مبادرة الاتحاد الأوروبي لتصنيف الاستثمارات في الغاز والطاقة النووية على أنها «مستدامة».
وكتب وزير الطاقة في لوكسمبورغ كلود تورمز، على تويتر، أن البلدين سيمضيان في إجراءات قانونية، فيما غردت نظيرته النمساوية ليونور جوسلر بأن النمسا سترفع دعوى مجهزة بالفعل لنقض القرار في محكمة العدل الأوروبية بمجرد دخول «برنامج الغسل الأخضر» حيز التنفيذ، وأضافت أنها ستعمل من أجل حشد المزيد من الحلفاء للمشاركة في الدعوى.
وجاءت التصريحات بعد فشل البرلمان الأوروبي في اعتراض مقترح من المفوضية الأوروبية بإدراج الاستثمارات في مشاريع الغاز والطاقة النووية على قائمة الاستثمارات المستدامة.
وقالت جوسلر إن القرار «يعرض مستقبلنا للخطر، وهو قرار أكثر من مستهتر».
ألمانيا تعارض
انتقدت الحكومة الألمانية قرار البرلمان الأوروبي الخاص بتصنيف الاستثمارات في الطاقة النووية بوصفها استثمارات صديقة للمناخ، وأكد المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت اليوم الأربعاء أن «الحكومة الألمانية ستظل بغض النظر عن نتيجة التصويت على موقفها وستنظر إلى الطاقة النووية بوصفها غير مستدامة».
وكان معارضو المشروع حاولوا عبثاً في البرلمان الأوروبي وقف الإجراء القانوني الخاص بهذا التصنيف المتعلق بوضع نظام لتوجيه الاستثمارات الخاصة إلى مشاريع مستدامة، ومن المنتظر اعتبار محطات الطاقة النووية ومحطات الغاز من ضمن هذه المشاريع مستقبلاً، غير أنه لا يزال من الممكن منع تطبيق هذه الخطط في حال اتحدت ضدها 20 دولة على الأقل من دول الاتحاد الأوروبي تمثل 65% على الأقل من إجمالي عدد سكان التكتل بحلول الحادي عشر من الشهر الجاري، بيد أن هذا الأمر يعد غير محتمل.
وتستبعد الحكومة الألمانية رفع دعوى ضد الإجراء القانوني، وأكد هيبشترايت «أننا لا نعتبر رفع دعوى قضائية هو الطريق المناسب».
التشيك تشجع
حث رئيس وزراء التشيك بيتر فيالا النواب الأوروبيين على دعم تصنيفات التمويل الخضراء للاستثمارات في الغاز والطاقة النووية، وطالب في خطاب أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورج في فرنسا اليوم الأربعاء النواب «بعدم رفض هذه التسوية التي تم التفاوض بشأنها بدقة».
وقال إنه بالنسبة لبعض الدول الأوروبية، فإن قطاع الغاز والطاقة النووية «سوف يكونان السبيل الوحيد» للوصول للأهداف الجمعية للاتحاد الأوروبي للحد من الانبعاثات الكربونية».
وأضاف «إذا أردنا أن نلبي هذه الأهداف المناخية، سوف يتعين علينا أن نتمكن من تمويلها».
أغلبية غائبة
صوت البرلمان الأوروبي لصالح تصنيف الاستثمارات في مجالات الغاز والطاقة النووية على أنها مستدامة، وذلك في إطار التصنيف الخاص بالاتحاد الأوروبي للتمويل الأخضر.
ويهدف المقترح لضخ استثمارات خاصة لمساعدة الاتحاد الأوروبي على تحقيق هدفه المناخي لعام 2050، المتمثل في تصفير انبعاثات الغازات الدفيئة.
وفشلت محاولة كبيرة لعرقلة المقترح في جمع الـ353 صوتاً اللازمة، حيث صوت 328 مشرعاً فقط ضد المقترح، فيما صوت 278 لصالحه، وامتنع 33 آخرون من نواب الاتحاد الأوروبي عن التصويت.
وتعرض مشروع القانون لانتقادات من جماعات بيئية وبعض المشرعين في الاتحاد الأوروبي بسبب «الغسل الأخضر» لاستثمارات الطاقة الأحفورية والنووية منذ أن اقترحته المفوضية الأوروبية أواخر العام الماضي، في إشارة إلى تضليل المستهلكين حول الممارسات البيئية للشركات أو الفوائد البيئية لمنتج أو خدمة ما، كما يتخوف المعارضون من أنه قد يزيد من اعتماد التكتل على واردات الطاقة الروسية.
وعلى الجانب الآخر، يقول المؤيدون إن رفض تصنيف الغاز والطاقة النووية على أنهما مستدامان سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة، ويزيد من صعوبة التخلي عن الفحم.
وعلقت الناشطة في مجال المناخ جريتا ثونبرج، على موقع تويتر، بالقول: «سيؤدي هذا إلى تأخير الانتقال المستدام الحقيقي الذي هناك حاجة ماسة إليه»، وأضافت: «النفاق صارخ، لكنه للأسف ليس مفاجئاً».
وسبق أن رفضت مفوضة الاتحاد الأوروبي للخدمات المالية مايرد ماجينيس، التي كانت تقود المقترح، هذه التهمة، وقالت إن النظام سيكون تدبيراً مؤقتاً وضرورياً.
وقالت خلال نقاشات أمس: «لم أصف أبداً الغاز بأي شيء سوى بأنه وقود أحفوري. إلا أن بعض الدول الأعضاء التي تنتقل من الوقود الأحفوري الملوث ربما تحتاج إلى الغاز بشكل انتقالي». ومن المقرر أن يبدأ تطبيق القواعد الجديدة، التي أصبحت جزءاً من دليل الاتحاد الأوروبي للتمويل المستدام، بصورة تلقائية بداية من عام 2023 ما لم تعترض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عليها خلال الأسابيع المقبلة.
اجتماع طارئ
زاد الاتحاد الأوروبي الأربعاء تركيزه على الطاقة في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا، بينما استعرضت الجمهورية التشيكية أولوياتها مع توليها رئاسة التكتل.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين للبرلمان الأوروبي «علينا الاستعداد لمزيد من الاضطرابات في إمدادات الغاز، بل وحتى لانقطاع تام من جانب روسيا».
ومن المقرر أن تكشف المفوضية عن خطة طارئة لأمن إمدادات الطاقة في 20 يوليو والتي ستساعد في إعادة توجيه تدفق الغاز ضمن الاتحاد الأوروبي «حيث توجد الحاجة الأشد إليه».
وقالت فون دير لايين «علينا دعم التضامن الأوروبي، نحن بحاجة لحماية السوق الموحدة (في الاتحاد الأوروبي) وكذلك سلاسل التوريد الخاصة بالصناعة».
وأعلنت الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي عبر تغريدة أنها دعت إلى اجتماع استثنائي لوزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي في 26 يوليو، في أعقاب خطة المفوضية.
وأبلغ رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا أعضاء البرلمان الأوروبي أن الخطة يجب أن تعكس تضامن الاتحاد الأوروبي الذي تجلى في ذروة أزمة كوفيد.
وقال إن «المسار الذي تريد الرئاسة التشيكية أن تسلكه هو بالدرجة الأولى العمل على مشاريع أوروبية مشتركة تحررنا من اعتمادنا على روسيا».
وشددت فون دير لايين كما فيالا على أن إعادة هيكلة سوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي يجب أن تبقي السياسات الصديقة للبيئة في صلبها، حتى في ظل الارتفاع الكبير في معدلات التضخم والمخاطر قصيرة الأمد التي تواجهها الإمدادات.
أطلق الاتحاد الأوروبي خطة بقيمة 300 مليار يورو (310 مليارات دولار) لتخفيف اعتماده على إمدادات الوقود الأحفوري الروسية، بينما يستثمر بشكل كبير لتحويل السوق نحو مصادر الطاقة المتجددة.