تزايد الاهتمام العالمي على مستوى الحكومات والشركات في الفترة الأخيرة بالهيدروجين الأخضر، باعتباره وقود المستقبل، ومصدر الطاقة النظيفة الأمثل، حيث أعلنت الصين، الثلاثاء، عن تشغيل أول محطة للتزود بوقود الهيدروجين في ميناء تشينغداو تتكون من مرحلتين، وتم تصميمها لطاقة إمداد هيدروجين يومية تصل إلى 1000 كيلوغرام، وتخدم 50 سيارة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين كل يوم.. فما هو وقود الهيدروجين الأخضر؟
يعد الهيدروجين العنصر الأكثر وفرة في الكون، ويتم إنتاج النوع الأخضر منه عبر التحليل الكهربائي للمياه، حيث تستخدم هذه الطريقة تياراً كهربائياً لفصل الهيدروجين عن الأوكسجين في الماء، وتغذية الكهرباء من المصادر المتجددة (الرياح والشمس)، بينما يتم إنتاج الأوكسجين المكون الثاني للماء، وإطلاقه في الهواء، حيث يشكل عاملاً إيجابياً للغلاف الجوي.
وعلى الصعيد العالمي، يجرى إنتاج نحو 120 مليون طن من الهيدروجين سنوياً، معظمه باستخدام الغاز والفحم الأحفوري اللذين يمثلان معاً 95% من الإنتاج العالمي، وفق تقرير إمدادات الهيدروجين العالمي لعام 2021 الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة. وفي عام 2020، جرى استخدام أكثر من 60% من سوق الهيدروجين العالمية البالغة 150 مليار دولار في عملية إنتاج الأمونيا، تلتها عملية تكرير النفط وإنتاج الميثانول، طبقاً لصحيفة فايننشال تايمز.
وحققت الصين طفرة في إعادة التزود بوقود الهيدروجين، وأنشأت أكثر من 250 محطة للتزود، تمثل نحو 40% من الإجمالي العالمي، لتحتل المرتبة الأولى في عدد محطات التزود بوقود الهيدروجين في العالم.
ورغم أن كلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر تعد أكبر التحديات التي تواجه نمو القطاع، حيث يكلف في الوقت الحاضر 3 أضعاف كلفة إنتاج الغاز الطبيعي، وإنتاجه أكثر كلفة من الهيدروجين الرمادي بطبيعة الحال بسبب عملية التحليل الكهربائي المطلوبة لتصنيعه، لكن وبحسب تقرير صدر حديثاً عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» يمكن للهيدروجين الذي يتم إنتاجه بالكهرباء المولدة من مصادر متجددة أن ينافس مصادر الطاقة التقليدية من حيث كلفة الإنتاج من عام 2030 فصاعداً.
ووفق تقرير لغولدن مان ساكس، فمن المتوقع أن يلبي الهيدروجين نحو ربع احتياجات العالم من الطاقة بحلول عام 2050، وأن يجذب القطاع استثمارات تقدر بـ11.7 تريليون دولار، وهي توقعات تتماشى مع دراسة سابقة لبنك أوف أمريكا رجحت ضخ 11 تريليون دولار خلال الفترة من 2020-2050. ومن المرجح أن يولد الهيدروجين عائدات مباشرة بقيمة 2.5 تريليون دولار، و11 تريليون دولار في البنية التحتية المرتبطة به بحلول عام 2050، خاصة مع توقع تضاعف إنتاجه 6 مرات.
وأدت مجموعة من العوامل لدفع الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، منها تعهدات دول العالم على رأسها الدول الصناعية الكبرى بخفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050، في إطار اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، فضلاً عن احتياج الدول إلى إنتاج كميات هائلة من الطاقة الشمسية والرياح والمائية لتلبية قطاعات الصناعة والنقل والكهرباء، في الوقت الذي يوفر فيه الهيدروجين حلولاً مرنة لتخزين الطاقة وإرسالها وشحنها عند الحاجة.