عندما تستمع إلى كلمة «الأخضر» لا بُد وأنك تفكر في شيء يخص الطبيعة من حولك، وكأنك قد اقتربت من إجابة السؤال عما هو الاقتصاد الأخضر الذي تخطو الكثير من الدول خطوات منظمة للنهوض به، آملين في التخلص من تلك التأثيرات السلبية التي خلفتها التكنولوجيا واستخدام المواد الكيميائية على النظام البيئي ككل، تعرف معنا على المزيد عن الاقتصاد الأخضر فيما يلي.
سبب ظهور الاقتصاد الأخضر
كانت البيئة الطبيعية فيما سبق غاية في الروعة والجمال، بما فيها من غابات واسعة وشلالات منحدرة وحقول خضراء وبحيرات نقية، ولكن الآن تغير كل شيء لنرى تأثير العنصر البشري وتدخلاته المدمرة على النظام البيئي، وقد تمادى في استخدام مواد التنظيف الصناعية والمواد الكيميائية مختلفة الاستخدام، لتعاني الكرة الأرضية بكل ما فيها من تهديد بالدمار لو استمرت الأمور على تلك الحالة.
الإنسان نفسه عانى من شتى الأمراض التي وصلت درجة خطورتها لكونها سبباً في وفاة الكثيرين، بسبب المركبات العضوية المتطايرة والملوثات من حولنا بجميع أنواعها، وكان لا بُد من وقفة تستهدف الخروج من هذه الهوة التي يسقط فيها النظام البيئي، وذلك عن طريق تنمية ما يسمى الاقتصاد الأخضر، فلنتعرف سوياً عليه بالتفصيل.
اقرأ أيضاً: «الأعلى للطاقة في دبي» يناقش خطة «صفرية الانبعاثات الكربونية» بحلول 2050
ما هو الاقتصاد الأخضر
جاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة بتعريف جديد أسماه الاقتصاد الأخضر وقام بتوصيفه على أنه: هو نوع من الاقتصاد يؤدي من خلال استدامة معايشته إلى الحد من المخاطر البيئية الموجودة بالفعل والمتوقع وقوعها، وعلى مستوى التنمية الدولية يمكن تعريفه بأنه اقتصاد موجه نحو زيادة نمو الفرد وزيادة رفاهيته من خلال التزام الجميع سواء القطاع العام أو الخاص بالعمل على استثمار الموارد بالطريقة التي من شأنها تقليل الانبعاثات الكربونية والتلوث، ومنع تدهور النظام الإيكولوجي وفقدان التنوع الأحيائي.
الاقتصاد الأخضر هو أحد الأدوات التي يمكن استغلالها لتحقيق التنمية المستدامة التي تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة، وفي الوقت نفسه إذا تم العمل عليه بالصورة الصحيحة فسوف تتزايد نسبة الطلب على الخدمات والسلع الخضراء والابتكارات والاختراعات المختلفة في مجال التكنولوجيا، ما يضمن أن تكون الأسعار ملائمة مع تصحيح سياسات الضرائب على المنتجات.
اقرأ أيضاً: «تحالف أعداء الفحم» يهدد بنهاية عصر المصدر الأرخص للطاقة
كيفية دعم التفكير الأخضر
يجب أن تكون الخطوة الأولى من الأفراد من خلال زيادة وعيهم بتلك المواد غير النظيفة التي يقومون باستخدامها، وينتج عنها أضرار بالغة على البيئة من حولهم، الآن ابدأ بنفسك وتعرف على الطريقة المثلى للتقليل من الانبعاثات الكربونية واحمِ نفسك وكوكبك من الخطر.
المنظفات صديقة البيئة: حان الوقت لاستخدام المنتجات ذات المكونات الطبيعية مثل البذور والحمضيات والزيوت النباتية، في عمليات التنظيف المنزلي، بحيث في النهاية يمكن إعادة تدويرها بأمان تام ولا ينتج عنها أي تأثير سلبي على الصحة العامة.
خصائص مشتركة نشأت عن مفهوم الاقتصاد الأخضر
- يجب العلم أن ما يعرف بالاقتصاد الأخضر ما هو إلا وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة للدول وليس بديلاً لها.
- ضرورة تطويع كل دولة له حسب ظروفها وأولوياتها.
- يسير هذا النوع من الاقتصاد لتحقيق مجموعة من الأبعاد المرتبطة ببعضها الأبعاد وهي: الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتقنية والبيئية.
- التكامل بين الأجهزة المعنية لكل دولة من أجل تطويع عملية الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.
- لا بُد أن يظهر له مردود إيجابي في علاج التشوهات البيئية والتجارية الحادثة، ولا يؤخذ كزريعة لفرض قيود وشروط جديدة على المعونة.
- ينبغي الارتكاز على كفاءة الموارد والنمط الاستهلاكي والعمل على إنتاج مستدام.
ما هي متطلبات التحول نحو الاقتصاد الأخضر؟
حتى تنهض الدول بهذا النوع من الاقتصاد الذي من المنتظر أن يشهد طفرة كبيرة في السنوات القادمة، والتي تعتمد على ما توليه كل دولة من اهتمام له، يجب الوقوف على متطلبات التحول نحو الاقتصاد الأخضر وهي كالتالي:
- الاهتمام بتنمية الريف الذي هو المصدر الأول والمتوفر حالياً، مع العمل على تقليل حدة الفقر ورفع الأعباء عن المزارعين.
- إعادة هيكلة السياسات الحكومية بما يحفز الزيادة في الاستثمارات وبالتالي التحول في أنماط الإنتاج والاستهلاك بما يتوافق مع أهداف الاقتصاد المنشودة.
- زيادة الاستثمار في مجال الطاقة ورفع كفاءتها.
- الاعتماد على تكنولوجيا الإنتاج النظيف ووضع استراتيجيات تهدف لخفض الكربون في التنمية الصناعية.
- ضبط استخدام وترشيد المياه وسن القوانين التي تمنع تلوث مصادر المياه المختلفة.
مدى الاهتمام بالاقتصاد الأخضر في المنطقة العربية
اهتمت الكثير من الدول العربية بهذا المفهوم الجديد من مفاهيم الاقتصاد الهادفة إلى التنمية المستدامة، لنجد أن هناك بعض المصطلحات التي ظهرت من خلال خطابات البعض، مثل الاستثمارات الخضراء و الوظائف الخضراء وغيرها من المعاني التي صارت تعبّر عن الاهتمام المتزايد من القطاع الحكومي والخاص بالأخضر أو الطبيعة، حيث ظهر النشاط في مجالات كثيرة مثل إعادة معالجة المياه واستخدامها في الزراعة، استخدام مصادر المياه والطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، وهذا بجانب العمل ضمن منظومات متكاملة لمعالجة النفايات الصلبة
اتجاهات الإمارات نحو الاقتصاد الأخضر
الحوار الإقليمي للتغير المناخي تم عقده في الإمارات في أبريل الماضي، وشهد هذا الحوار مشاركة المبعوث الأمريكي لشؤون المناخ «جون كيري»، ورئيس الدورة 26 لمؤتمر الأمم المتحدة حول تغيرات المناخ «ألوك شارما» وبعض دول مجلس التعاون الخليجي وشمال أفريقيا والشرق الأوسط المهتمين بشؤون المناخ.
الهدف من هذا الحوار كان منصباً حول المباحثات من أجل الانتقال الطموح إلى الاقتصاد الأخضر النظيف مما ينعكس على تحفيز التنمية المستدامة وزيادة فرص العمل وتأمين الهواء النقي.
على جانب آخر أعلنت إمارة دبي عن استراتيجية بعنوان «دبي للطاقة النظيفة 2050» تستهدف تحويلها إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة، والهدف المنشود على المدى هو توفير نحو 25% من طاقة دبي من المصادر النظيفة للطاقة، أما بحلول 2050 فيكون قد توفر 75% من طاقة دبي من الطاقة النظيفة.
السعودية والطاقة النظيفة
في مؤتمر القمة العالمية للمناخ ترأس الملك سلمان بن عبد العزيز وفد بلاده، وأكد من خلال كلمته على أن المملكة العربية السعودية قد أطلقت حزمة من التشريعات والاستراتيجيات التي تتوافق مع رؤية 2030 فيما يتعلق بالاقتصاد الأخضر وتنمية الطاقة النظيفة، تستهدف الوصول إلى نسبة 50% من الطاقة التي تحتاجها المملكة من الطاقة النظيفة بحلول 2030، كما تمت مبادرات دولية لحماية الشعب المرجانية والحد من تدهور الأراضي.
في ذات الإطار أشار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، ونائب رئيس مجلس الوزراء بالمملكة، أن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، السعودية الخضراء، سيكون لهما دور كبير في رسم توجه المملكة والمنطقة بالكامل نحو حماية الأرض والطبيعة، وتحقيق المستهدفات العالمية.
ولا زالت الجهود تتوالى نحو النهوض بمفهوم وتنفيذ الاقتصاد الأخضر على أرض الواقع، حتى تتمكن كل دولة من تحقيق خطة التنمية المستهدفة لها؛ من خلال استغلال الطاقات المتجددة على أراضيها والحد من المخاطر التي كادت تكون سبباً في دمار الكوكب.