يتساءل العديد من الأشخاص حول مفهوم اقتصاد المعرفة، وعن علاقة كل منهما بالآخر، فمن المتعارف عليه أنه منذ بداية التاريخ الإنساني والمعرفة تلعب دوراً كبيراً في التغيرات الاقتصادية، ومع التطور الذي يواكب العصور القليلة الماضية والعولمة التي تحدث، أصبحت المعرفة من أهم المعايير الرئيسية التي تُساهم في إعادة أنماط النمو الاقتصادي، الأمر الذي جعل الكثير من الدول المتقدمة والنامية أيضاً يعملون بشكل جاد على التطوير بما يتناسب مع هيمنة الاقتصاد المعرفي.
ما هو اقتصاد المعرفة
بداية، يُوجد الكثير من التعريفات التي تدل على معنى اقتصاد المعرفة، وإليك أبرزها:
يمكن تعريف اقتصاد المعرفة على أنه مصطلح يشير إلى التركيز على آلية الإنتاج وإدارة المعرفة في ظل القواعد والمعايير الاقتصادية، أو أنه يشير إلى الاقتصاد القائم على صناعة وتداول القيم.
وهناك من يُعرّف اقتصاد المعرفي على أنه أحد أنواع الاقتصاد الذي يرتكز في نمو بشكل أساسي على كمّ المعرفة والمعلومات المتاحة، وعن كيفية الوصول إلى هذه المعلومات والقدرة على ذلك من عدمه.
ومن بين التعريفات الأخرى التي تدل على نفس المعنى أنه عبارة عن نظام اقتصادي يعتمد في الإنتاجية والاستهلاك على مفهوم واحد؛ وهو رأس المال الفكري أو المعرفة والابتكار.
من التعريفات السابقة يُمكن القول إن الاقتصاد المعرفي عبارة عن المعيار الأساسي للنمو الاقتصادي، كما أن اقتصاديات المعرفة تحتاج إلى وجود تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأجهزة التقنية التي تساهم في الابتكار والتطور.
كما أن الرأس المال البشري المتمثل في المهارات البشرية هو أكثر الأصول المالية قيمة في الاقتصاد الحديث نظراً لكون هذا الأخير يعتمد بشكل كلي على المعرفة في شتى الأمور مثل الخدمات المالية والصناعات التكنولوجية وغيرها.
تاريخ ظهور مصطلح اقتصاد المعرفة
كان أول ظهور لمصطلح الاقتصاد المعرفي في منتصف القرن العشرين، حيث بداية انتشار الصناعات الحديثة وعلى وجه الخصوص في الدول المتقدمة، واستطاعت هذه الصناعات التفوق بشكل ملحوظ على النشاطات الزراعية.
كان هذا الأمر بمثابة نواة بداية انتشار قطاع صناعي جديد أطلق عليه اسم مرحلة ما بعد الصناعة (اقتصاد المعرفة)، حيث تم الاعتماد على جميع الصناعات الحديثة من وسائل اتصالات وتكنولوجيا المعلومات على المعرفة وابتكار العقل البشري.
خصائص الاقتصاد المعرفي
الاقتصاد المبني على المعرفة يتميز بمجموعة من الخصائص، وإليك أهمها:
- الابتكار من أهم خصائص هذا الاقتصاد نظراً لأن الروابط التجارية التي تربط المؤسسات والمنظمات تحتاج دائماً إلى التطور والابتكار من أجل مواصلة ثورة المعرفة ناهيك عن التكيّف مع الاحتياجات الاقتصادية المحلية.
- يُعد التعليم أيضاً من أساسيات الانتاج الاقتصادي السليم، لذلك نرى العديد من الحكومات التابعة للدول المتقدمة توفر أحدث الوسائل التعليمية والبرامج التعليمية المتطورة من أجل الحصول على اليد العاملة الماهرة (رأس المال البشري).
- الإلمام والمعرفة بكل ما يخص العولمة، وعن آلية التأقلم مع الاحتياجات الاقتصادية المحلية، هذا بالإضافة إلى التركيز على كيفية تقديم أفضل الخدمات للمستهلكين.
- توفير الحافز المساعد على تقديم أسس اقتصادية ناجحة، والتي من شأنها تعزيز الإنتاجية والنمو الاقتصادي، ومن أفضل السياسات المتبعة في سبيل الحصول على ذلك التقليل من التعريفات الجمركية، وتسهيل عملية استخدام وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
- تأسيس البنية التحتية على أفضل وسائل التكنولوجيا وتجهيز المعلومات وآلية الوصول إليها من خلال خلق بيئة قادرة على تحفيز الموهبة والمبدعين.
- اقتصاد المعرفة من الموارد غير المحدودة، وبمعنى أدق لا يوجد خوف من فقد المعرفة مع مرور الزمن، ناهيك عن أنه يمكن مشاركتها دون أي تأثير.
أهمية اقتصاد المعرفة
مما لا شك فيه أن الاقتصاد المبني على المعرفة كان وما زال عاملاً رئيسياً من العوامل التي ساهمت في البناء والنهوض بالعديد من الدول النامية إلى الدول المتقدمة اقتصادياً، الأمر الذي انعكس فيما بعد على التجارة الدولية والاستثمار العالمي.
وفيما يلي نضع أمامكم أهم العوامل التي تشكل أهمية للاقتصاد المبني على المعرفة:
- استخدام أساليب الاقتصاد المبني على المعرفة يؤدي إلى المساهمة في زيادة الإنتاج والقدرة على تحسين الدخل الاقتصادي، ومن ثم التقليل من تكاليف الإنتاج.
- تستطيع المعرفة بشكل عام زيادة الدخل القومي للدولة، وذلك من خلال إنشاء المشاريع الكبيرة والمتوسطة، ومن ثم متابعة الأرباح المالية لها، الأمر الذي يؤدي إلى إنشاء دخل فردي مرتبط بهذه النشاطات.
- الاقتصاد المبني على المعرفة يوفر فرص عمل جديدة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ومن الجدير بالذكر أن فرص العمل الذي يخلقها هذا الاقتصاد كثيرة ومتنوعة ومتعددة المجالات.
- يساهم الاقتصاد المعرفي في تحديث وتطوير المجالات والنشاطات الاقتصادية، أضف إلى ذلك إلى أنه يدعم نموها بدرجة كبيرة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى النهوض الاقتصادي بشكل سريع.
- الاعتماد على موارد المعرفة المتمثلة في الاقتصاد المعرفي يُقلل من الاعتماد على الموارد الطبيعية وتجنب التأثر بوجودها من عدمه.
- تسليط الضوء على رأس المال البشري بشكل كبير، حيث نجد أغلبية الشركات العالمية تطلب عمالة على أساس الوضع الاقتصادي الجديد بما يتناسب مع مهارات هؤلاء العُمّال.