وشهدت محاكم الدولة حالات لأزواج تطلقوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إما بإرسال رسالة عن طريق «واتساب»، أو عبر منشور على «سناب شات، فيسبوك، تويتر».
وأكد لـ«الرؤية» رجال قانون أن الطلاق برسالة نصية أو صوتية عبر وسائل التواصل الاجتماعي يقع وتأخذ به المحكمة وفق المادة 99 من قانون الأحوال الشخصية، وفي الوقت نفسه يجب التثبت من حقيقة المرسل بأدلة وقرائن كي يكون الطلاق نافذاً.
وانقسمت الآراء بين معارض ومؤيد لفكرة الطلاق «أونلاين»، إذ أكد البعض أن هذه الطريقة لا تتناسب وقدسية الرابط الذي يجمع الزوجين وتفتقد للمصداقية، وتتنافى مع آداب الزواج والطلاق، بينما اعتبر آخرون أن لا فرق بين الطلاق عبر وسائل التواصل أو الانفصال وجهاً لوجه، فالمبدأ واحد وهو إنهاء الحياة الزوجية، وإن اختلفت الطريقة.
.. حتى بالإشارة
وأكد رئيس محكمة الأحوال الشخصية في دبي القاضي خالد الحوسني أن الطلاق برسالة نصية أو صوتية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تأخذ به المحكمة وفق المادة 99 من قانون الأحوال الشخصية، وتنص: «يقع الطلاق باللفظ أو الكتابة، وعند العجز عنهما فبالإشارة المفهومة»، مشيراً إلى أن وقوعه قانونياً وقضائياً يعتمد على وجود أدلة وقرائن موضوعية تخول القاضي الاعتراف بوقوعه.
وذكر أن أروقة المحاكم في الدولة لا تشهد كثيراً من هذه الحالات لكونها ليست ظاهرة في المجتمع الإماراتي وإنما واردة الحدوث.
طلاق مفتعل
وسرد الحوسني واقعة شهدها لحالة طلاق عبر «واتساب»، إذ لجأت زوجة إلى إرسال رسالة بطلاقها من هاتف زوجها إلى هاتفها لرفضه طلاقها، ولكن الأمر اتضح فيما بعد بإنكار الزوج إرساله الرسالة أمام المحكمة، والتثبت من ذلك.
وحول دور وسائل التواصل في وقوع الطلاق، ذكر أن أكثر القضايا التي تشهدها المحاكم الأسرية سببها نشر الأسرار الخاصة وتفاصيل الحياة الزوجية على منصات التواصل الاجتماعي، محذراً من أن ذلك يؤجج الخلافات الزوجية حتى إن كان الغرض هو النصح والمشورة لحل مشكلة معينة.
واستشهد الحوسني بقصة حول زوجة كتبت منشوراً على «تويتر» عن خلاف بسيط بينها وبين زوجها، وتطالب من خلاله المتابعين بنصحها وإرشادها لحل الخلاف بينهما، ولكن المغردين انهالوا عليها بتعليقات تحتوي على شتائم، وحينما شاهد الزوج تلك التعليقات طلقها بسبب نشرها تفاصيل علاقتهما للعامة.
إثبات ونفي
وذكر المحامي حميد درويش أن القضاء لا يأخذ برسائل الطلاق المرسلة عبر وسائل التواصل مثل «سناب شات، فيسبوك، تويتر، وإنستغرام» إلا في حال إثبات أن الحساب عائد للزوج من خلال التواصل مع شركات الاتصالات الخاصة، لأنه قد يكون حساباً مفتعلاً، ويجب أن تدعم الزوجة موقفها بشهود الإثبات، وفي حال إنكار الزوج، فعليه أن يدفع للمحكمة بشهود نفي.
وسرد درويش قصة لأحد موكيله طلق زوجته برسالة نصية على تطبيق واتساب، حيث أقر الزوج أمام المحكمة أنه بالفعل أرسل الرسالة وثبتت المحكمة الطلاق.
ضعف الشخصية
ورفضت إيمان السويدي فكرة الطلاق بين الزوجين عبر مواقع التواصل الاجتماعي معتبرة أنها تصرف غير لائق على الإطلاق، مشيرة إلى أن الزوج الذي يطلق عبر مواقع التواصل يعاني ضعفاً في الشخصية واضطرابات فلا يستطيع التحكم في سلوكه، وليس لديه قدرة على مواجهة زوجته بهذا القرار فيلجأ للهروب من المواجهة عبر إحدى وسائل التواصل، وهو أمر غير محبب في مجتمعاتنا الشرقية التي ترفض وقوع الطلاق بشكل مباشر أو غير مباشر.
وانتقد أكرم اليافعي حالة الانفصال بين الزوجين عبر وسائل التواصل، مؤكداً أن الرجل يجب أن يتحكم بانفعالاته في حال وقعت مشكلة مع زوجته، كما عليه التفكير مراراً وتكراراً في توابع ما سيقرره ويتحدث به مع زوجته وإمكانية تطليقها وهذا ما يسبب حرجاً كبيراً لها واستهانة بمشاعرها، واستخفافاً برباط الزواج حين يقوم بالطلاق برسالة يرسلها عبر وسيلة تواصل.
مستفز ورخيص
وتجد سحرعبدالله أن الطلاق الإلكتروني فعل مستفز ورخيص، موضحة أن الزواج رابط مقدس يجب عدم الاستهانة به بأي حال من الأحوال، مؤكدة أهمية توعية الشباب المقبلين على الزواج والمتزوجين أيضاً بأهمية وعظمة الزواج، وبأنه شراكة قائمة بين الزوجين، ولا ينبغي خسارتها بأي أفعال يقوم بها الزوج عن قصد أو بلا قصد.
وقالت: «لا يليق أن تنتهي الحياة الزوجية التي تتمتع بالكثير من القدسية والاحترام برسائل إلكترونية تفتقد المصداقية وتتنافى مع آداب الزواج والطلاق».
ويعتبر أحمد بن فهد أن الطلاق عبر وسائل التواصل يسيء إلى الرجل قبل المرأة، إذ يفترض أن يتصف الزوج بالحكمة والجرأة على مواجهة المشكلات الزوجية بشكل مباشر، وعدم الهروب واللجوء إلى الخلاص برسالة عبر هاتفه النقال، ووصف هذا الفعل بأنه لا يمت للرجولة بصلة، فلا بد من المواجهة والحوار وتحديد أسباب رغبته في الانفصال، ثم يطلقها ضمن الأصول.
لا اختلاف
وتتباين وجهة نظر سعيد الشامسي حول هذا الموضوع، ويقول لا اختلاف بين الطلاق عبر وسائل التواصل والطلاق وجهاً لوجه، فالمبدأ واحد وهو إنهاء الحياة الزوجية، وإن اختلفت طريقة إيصال رغبة الزوج، وخاصة إذا ما تركت المرأة بيتها، وفقدت وسائل الاتصال بها للحوار والتفاهم، وإن التكنولوجيا دخلت كل حياتنا، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ منها.
وأيده عمر عماوي الذي أكد أن الإقدام على الطلاق من خلال إحدى وسائل التواصل الاجتماعي يتيح للرجل حرية اتخاذ القرار، بعيداً عن ضغوط الأهل والصغار وبقية أفراد الأسرة عندما يجتمعون لمناقشة مشكلة تخص شخصين فقط، ويكون سهلاً نسبياً على الزوج خاصة إذا كانت زوجته قوية، ومن الممكن أن تحدث مشكلة أكبر إن طلقها وجهاً لوجه.
كتابة أو لفظاً
أجابت خدمة الفتاوى الهاتفية، التابعة للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، حول جواز الطلاق عبر وسائل التواصل، بأن الطلاق يقع شرعاً سواء أكان برسالة على «واتساب» أو رسالة نصية أو غيرها، وحتى إذا كان بالكناية أي أن يفكر بذلك الشيء ولا يعلن كلمة الطلاق صراحة، فالقاضي الشرعي يطلقها منه حتى لو قال لم أقصد، إذا ثبت أن الرسالة مرسلة من الشخص بعينه لزوجته، وهنا فإن الطلاق يقع سواء كتابة أو لفظاً.