أظهرت دراسة اجتماعية أن 16% من سكان دولة الإمارات، ستتجاوز أعمارهم 65 عاماً بحلول عام 2050، الأمر الذي يدعو إلى التطوير المنهجي لنظام رعاية المسنين المستدام والفعال، حيث يرى ما يقرب من نصف المشاركين، أن الأسرة وتليها الحكومة هي المسؤولة الأولى عن الدعم المالي لأفراد أسرة المسنين.
وكشفت الدراسة التي أجرتها مؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة، في الفترة ما بين 30 مايو و30 يونيو من العام الجاري، وجمعت آراء 2375 شخصاً، منهم 2074 إماراتياً، و661 غير إماراتي، أن نحو 40% من المشاركين يرون أن الشباب الإماراتيين يواجهون تكاليف مالية باهظة، وقد يكونون غير قادرين على تقديم الدعم المادي للمسنين في عائلاتهم بالمستقبل.
وأشارت الدراسة التي تحلل موقف المجتمع تجاه كبار السن والتصورات والتوقعات حول رعاية المسنين، أن نموذج الأسرة الكبيرة في تراجع اليوم، على عكس الاتجاه المتزايد الانتشار للأسرة النواة الأصغر، إلا أن القيم العائلية والعادات المحلية وكبار السن لا يزالون ذوي أهمية كبيرة لدى الإماراتيين، حيث وافق ما يزيد على 75% من الإماراتيين الذين شملهم الاستطلاع، على أن كبار السن يلعبون دوراً مهماً في إضافة القيمة للمجتمع، ولا سيما من خلال معرفتهم وخبراتهم والوقت الذي يقضونه في التطوع داخل مجتمعاتهم. وذكر أكثر من 41% من المسنين الإماراتيين الذين شملهم الاستطلاع أنهم يشاركون في الأنشطة المجتمعية أو يتطوعون فيها.
وذكرت أن ثمانية من كل 10 أشخاص ممن شملهم الاستطلاع، يعتقدون أن المجتمع عليه الالتزام برعاية المسنين، وعندما يتعلق الأمر بتوفير الرعاية للمسنين، يرى ما يقرب من نصف المشاركين في الدراسة، أن الأسرة وتليها الحكومة هي المسؤولة الأولى عن الدعم المالي لأفراد أسرة المسنين، كما أن ما يقرب من 40% من جميع المشاركين في الدراسة يرون أن الشباب الإماراتيين يواجهون تكاليف مالية باهظة، وقد يكونون غير قادرين على تقديم الدعم المادي للمسنين في عائلاتهم بالمستقبل.
وأوضحت مديرة قسم الابتكار في مؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة هنادي محمد، أنه يتم تقديم الرعاية لكبار السن حسب تقاليد دولة الإمارات العربية المتحدة من قبل أُسرهم التي تضم الأسر النواة والممتدة، ما يضمن استمرار أقاربهم الأكبر سناً بالعيش بشكل مستقل في منازل أُسرهم، إلا أن السكان المسنين وارتفاع مستويات المعيشة، أصبحت تخلق ضغوطات مادية واجتماعية وطبية في حياة العائلات الإماراتية، ما يشير إلى أن بعض العائلات قد لا تكون قادرة على تلبية احتياجات أقاربها المسنين في المستقبل.
وقالت إنه غالباً ما يحتاج المسنون الإماراتيون الذين يعيشون في المنازل إلى المساعدة في التسوق والطهي والتنظيف وحضور المواعيد الطبية، والتي توفرها الحكومة حالياً (51%)، وعائلاتهم والعاملون في المنازل (49%)، لتوفير مستويات أفضل من المساعدة، مثل المساعدة في ارتداء الملابس وتناول الطعام، واستخدام المرحاض والتمريض، إذ إن الدراسة بينت أن المسنين يفضلون تلقي المساعدة من مزودي الرعاية المختصين.
وأضافت أن كبار المواطنين في دولة، يستطيعون الوصول إلى مجموعة من الخدمات عبر الهيئة المحلية المختصة في الإمارة التي يعيشون بها، ومع ذلك نرى عدداً قليلاً من المرافق السكنية المخصصة وخدمات المسنين المحدودة التي توفرها عادة المستشفيات المحلية، حيث أشار أقل من ثلث الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع 32%، إلى أنهم يعرفون أحد كبار السن الإماراتيين الذين يعيشون في منشأة أو مستشفى لرعاية المسنين، مقارنةً مع 62% ممن يعرفون شخصاً مسناً يتلقى الدعم في المنزل.
من جانبها، قالت المدير التنفيذي لمؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة الدكتورة ناتاشا ريدج، نحن على دراية بأن عدد كبار السن من الإماراتيين المقيمين في مرافق الرعاية منخفض للغاية، حيث تشير دراستنا إلى أن ذلك قد يكون بسبب نقص المرافق الخاصة برعاية المسنين، وأيضاً التصور السلبي للحياة في تلك المرافق، والذي غالباً ما يرتبط بالوحدة والتعاسة وانعدام السيطرة، على الرغم من توفير خدمات الرعاية من قبل المختصين بمستويات أفضل إلى كبار السن، مضيفة أنه بالمثل، فإن المواطنين المسنين الذين يعرفون مسنين آخرين يعيشون في مرافق رعاية المسنين، يفضلون البقاء في منازل أسرهم وأبدوا آراء إيجابية عن حياتهم المنزلية مع أسرهم.
وذكرت الدراسة أنه ما يقرب من خمسة من كل تسعة أشخاص (56%)، لديهم تصورات أكثر إيجابية حول مرافق رعاية المسنين عند زيارتهم لأحدها، وخاصة إن كانوا يعرفون شخصاً مسناً يعيش في أحد تلك المرافق ويزورونه بشكل أسبوعي، كما فضل الشباب الإماراتيون تلقي الدعم من العائلة والأصدقاء، بدلاً من الخدمات التي يوفرها القطاع الخاص عندما يصبحون مسنين.
وأضافت الدكتورة ريدج، أن أبحاث علمية أشارت إلى أن المرافق المحسنة لرعاية المسنين والتدريب المتخصص لمزودي الرعاية والعاملين في الخدمات المنزلية، سيكونان عنصرين مهمين في دعم المسنين من الإماراتيين والجيل القادم من كبار السن في دولة الإمارات، ولدينا إيمان كبير بأن إطلاق المبادرات المجتمعية، مثل إنشاء مراكز مجتمعية للقاء الشباب والمسنين معاً، وتشجيع الشباب على التطوع، سيساهم في التنمية الاجتماعية المستدامة والمتجذرة في قيم وتقاليد دولة الإمارات.