وأكد مواطنون ومقيمون أن الطب الشعبي ما زال عنصراً مهماً في العلاج حتى في ظل التقدم التكنولوجي في المجال الطبي، وأنه يعتمد على ثقافة الشعوب التي لديها موروثات في هذا المجال، فيما ذكر آخرون أن المبالغة في الاعتماد على الطب البديل قد يعرض المريض لمخاطر كبيرة بتأخره عن مراجعة الطبيب المختص أو تناول وصفات قد تفاقم المرض بدلاً من علاجه.
من جهتهم، يرى أطباء أن الطب الشعبي فيه وصفات طبيعية جيدة لصحة الإنسان، لكنه يظل أمراً غير علمي ولا توجد أدلة تثبت فاعليته في كثير من الوصفات.
عنصر أساسي
وقالت أم سعيد، إن الطب الشعبي عنصر أساسي بالنسبة لها في علاج الأمراض ولا يمكن الاستغناء عنه، فلو أصيب الشخص بآلام البطن يمكن أن يُعد في البيت مشروباً معيناً على الفور لتخفيف الآلام، وإذا استمرت الآلام فسيذهب للطبيب أو المستشفى، لكن لو اختفت الآلام يكون هذا المشروب العشبي هو السبب في الشفاء، مشيرة إلى أن الإمارات غنية بوصفات الطب الشعبي المهمة مثل شربة المر التي تساعد على علاج أمراض الجهاز التنفسي، ووصفة الخيل وهو مضاد حيوي لآلام البطن والغازات ويساعد على التئام الجروح، والكركم الأصلي العربي و«اليعدة» هي شراب تسميه بعض الدول الأخرى «الشيح»، وأكثر المجالات التي يستخدم فيها الطب الشعبي لعلاج الإمساك والغازات.
وأوضحت أن الوصفات الطبية التقليدية مهمة لكثير من الناس كعلاج أولي، كما أن الطب الشعبي لا يقتصر فقط على الأعشاب، بل يمتد إلى المساهمة في علاجات أخرى غير باطنية مثل وصفة العنزروت لعلاج كسور العظام وتوضع على منطقة الكسر، وفي الوقت الحالي هناك متخصصون في علاج كثير من الأمراض مثل الغضروف بوسائل يستخدمها الطب الشعبي مثل التدليك بطريقة معينة وشد أجزاء الجسم لتعديل الوضع التشريحي للعظام أو الغضاريف.
مجهولة المصدر
وقال خليفة المربوعي، إن الطب الشعبي جزء لا يتجزأ من حياة الناس اليومية، فمثلاً لو أن الشخص يعاني من تقلصات أو غازات سيتناول أي مشروب من المشروبات التي تهدئ الجهاز الهضمي والقولون دون اللجوء للطبيب، وهي مشروبات موجودة في كثير من المنازل عبارة عن أعشاب طبيعية يتم غليها في الماء، ولكن يجب الحذر من تناول أشياء غير معروف مصدرها أو اللجوء إلى الطب الشعبي عند حدوث أمراض خطرة والتكاسل عن الذهاب للطبيب المختص، لما قد يمثله من زيادة في المضاعفات.
لا تغني عن الطبيب
وذكرت إيمان السويدي «منذ كنا صغاراً وتعودنا على الطب الشعبي، كما أن هناك كتباً عن الطب النبوي، وهناك تفضيلات كثيرة للأعشاب الطبيعية عن المنتجات الكيميائية، ولا بد أن يحتوي المطبخ على كثير من الخلطات الطبيعية، لأن الثقة في كل ما هو طبيعي أفضل أكثر من الصناعي، كما أن أزمة كوفيد-19 رفعت من قيمة وصفات الطب الشعبي لتقوية المناعة وزيادة الوقاية من هذا الفيروس، ولكن لا يمكن أن يغني الطب الشعبي عن الذهاب للمستشفيات في حالة الأمراض التي تحتاج إلى استشارة طبية».
وقال عيسى الفلاسي إن الطب الشعبي ما زال يستحوذ على ثقة كثير من الناس، في الأمراض والأعراض البسيطة اليومية لكنه لا يغني عن الحاجة إلى الطبيب في كثير من الأمراض الأخرى خصوصاً في ظل التقدم الهائل في المجال الطبي.
من ثقافة الشعوب
وأكد محمد عثمان، إن الموروثات ليست في الإمارات أو المجتمع العربي فقط، لكن في العالم كله، فكل دولة في العالم مهما تقدمت في المجال العلمي أو الطبي، لديها جزء من الاعتماد على الطب الشعبي وكثير من هذه الوصفات يفيد الإنسان.
وأشار وليد العلوي، إلى أن الاعتماد على الطب الشعبي يعتمد على مدى ثقافة الناس وخبراتهم التراكمية وتجاربهم حول استخدام مواد طبيعية لعلاج أمراض معينة، وبالأخص الأعراض التي تظهر كثيراً بسبب نوعيات الطعام أو الطقس، فالطب الشعبي جزء أصيل من ثقافة المجتمع الصحية.
لحالات خاصة
وقالت اختصاصية طب الأسرة الدكتورة رشا العاني، إن هناك كثيراً من الناس يستخدمون الطب الشعبي، ولا مانع في ذلك، بشرط أن تمتلك مراكز الطب الشعبي شهادات معتمدة، وأن يكون المختصون العاملون فيها حاصلين على دورات تدريبية تخصصية، وأن تكون هذه المراكز مرخصة من الجهات الصحية بالدولة، وخاضعة لرقابة مستمرة من سلطات التنظيم الصحي.
وأضافت أن هناك حالات يمكن اللجوء فيها إلى الطب الشعبي، مثل المرضى الذين يتحسسون من أدوية كيميائية معينة ومن الأفضل لهم الحصول على المنتجات العشبية الطبيعية بدلاً من الكيميائية، وكذلك يمكن الاعتماد على مراكز الطب الشعبي في الحصول على الفيتامينات وبعض المكملات الغذائية من مصادر طبيعية، وباختصار يمكن للطب الشعبي أن يتعامل مع الحالات البسيطة للغاية، إلا أنه يجب الحذر من الاعتماد على الطب الشعبي في التخصصات الطبية الدقيقة والمهمة مثل الحالات الجراحية ومرضى القلب والشرايين والكلى، وغيرها من الأمراض التخصصية.
وأشارت العاني إلى أن أحداً لا يستطيع إنكار وجود الطب الشعبي أو دوره في علاج بعض الحالات، وإلا لما اعترفت به منظمة الصحة العالمية وأدرجته ضمن أنواع ممارسات الرعاية الصحية لكنه لا يندرج تحت أنظمة الرعاية الصحية الرئيسية، وعرفته المنظمة بشكل دقيق على أنه مجموعة المعارف والمهارات والممارسات القائمة على النظريات والمعتقدات والخبرات الأصيلة التي تمتلكها مختلف الثقافات والتي تُستخدم، سواء أمكن تفسيرها أو لا، للحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض الجسدية والنفسية أو تشخيصها أو علاجها أو تحسين أحوال المصابين بها.
لا أدلة علمية
وأكد استشاري طب الأسرة والصحة المهنية الدكتور منصور حبيب، أن الطب الشعبي كان موجوداً منذ القدم في الإمارات وكان كثير من الناس يعتمدون عليه، ولكن مشكلته عدم وجود دليل علمي على ما يستخدمه هذا النوع من الممارسات الطبية، ولا بد من إنشاء مراكز لدراسة مدى جدوى الطب الشعبي وتأثيراته على صحة الناس، ويجب الانتباه إلى استخدام الطب الشعبي في الأمراض غير المستعصية فقط مثل بعض الآلام الجسدية والالتهابات الخفيفة، وبعض التكيسات أو غيرها، ولا يجب الاعتماد عليه في الأمراض المستعصية مثل القلب والشرايين والسرطان وأمراض الدماغ.
وأضاف: ما زالت نسبة من كبار المواطنين تعتمد على الطب الشعبي، وهناك مجموعة كبيرة تثق به، خصوصاً في الأمور اليومية، مثل آلام البطن فيتم استخدام الكركم أو غيره من المشروبات التي توارثناها، ويجب الاعتراف بأن ممارسات الطب الشعبي حالياً معظمها اجتهاد شخصي، صحيح هي مبنية على تجارب سابقة ولكنها غير علمية، وإشكاليته أنه قد يتطرق إلى ممارسات قد تؤدي إلى حدوث أمراض مستعصية، لذلك يجب تقنين عملية الممارسات الداخلية للطب الشعبي.