وأكد المحامي والمستشار القانوني محمد النجار أن تقييد حركة غير المطعمين بلقاح كوفيد-19، أمر قانوني لا تشوبه شائبة، بل هو أمر إنساني أيضاً، يستهدف حماية المجتمع كله، في مقابل فئة قليلة لا تبالي بخطورة ما تفعل، مشيراً إلى أن القانون رقم 14 لسنة 2014 بشأن مكافحة الأمراض السارية ولائحته التنفيذية، أجازا بشكل واضح تقييد حركة من يساهم في تفشي أي مرض سارٍ، بل يتيح القانون إلزام الشخص بأخذ اللقاح في حالة انتشار الوباء، حماية للمجتمع.
وأوضح النجار أن المادة 18 من قانون مكافحة الأمراض السارية، تجيز لوزارة الصحة ووقاية المجتمع والجهات الصحية اتخاذ الإجراءات المناسبة مع المريض أو الشخص المشتبه بإصابته أو مخالطيهما، بغرض منع انتشار المرض أو الحد من تفشيه، كما تنص الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أن من حق الوزارة (اتخاذ أي إجراء آخر تراه ضرورياً لحماية الصحة العامة والحيلولة دون زيادة انتشار المرض الوبائي)، وهنا يأتي الإلزام بالتطعيم، أو على الأقل فرض قيود على حركة غير المُطعمين، الذي يعد إجراء ضرورياً لحماية الصحة العامة ومنع انتشار كوفيد-19، وهو مرض وبائي.
وأشار إلى أن المادة 22 من نفس القانون، نصت على أنه: (يجوز لوزير الصحة ووقاية المجتمع، بالتنسيق مع الجهة الصحية، أن يصدر قراراً ـ يُنشر في الجريدة الرسمية ووسائل الإعلام المختلفة ـ يحدد فيه المناطق التي يظهر فيها الوباء، أو يحتمل ظهوره فيها، ويمكن السيطرة عليه بالتحصين، أو بأي تدبير وقائي آخر، ويلزم بموجبه أي شخص بالتحصين للوقاية من هذا المرض)، وهو نص صريح وواضح لا لبس فيه، ويعطي الحق لوزارة الصحة ووقاية المجتمع بإلزام أي شخص بالتحصين، لافتاً إلى أن المادة 24 من قانون مكافحة الأمراض السارية لم تُغفل حق من لا يستطيعون التطعيم لظروف قهرية حيث نصت على أن: يستثنى من التحصين والإجراءات الوقائية أي شخص لا تسمح حالته الصحية بإجراء التحصين أو غيره من الإجراءات الوقائية النوعية، وفقاً لما يقرره الطبيب المختص.
العنصر الأهم في الوقاية
من جانبها، أكدت استشارية الصحة العامة والمديرة الطبية لمستشفى هيلث بوينت الدكتورة مي أحمد سلطان الجابر، أن الالتزام بالإجراءات الوقائية، من لبس الكمامات والتباعد الجسدي وغسل اليدين باستمرار، من شأنه تقليل انتشار فيروس كوفيد-19، مؤكدة أن أن التطعيم هو العنصر الأهم للوقاية من أعراض المرض الشديدة، فهو إن كان لا يمنع الإصابة، لكنه يمنع وصول الحالات المصابة إلى الدرجة المتوسطة أو الشديدة، مثلما يفعل تطعيم الإنفلونزا الموسمية.
وأوضحت أن عدم التطعيم كفيل بأن يؤدي إلى مشكلات صحية لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والفئات الأكثر عُرضه للخطورة عند الإصابة بهذا الفيروس، وعادة ما ينقل العدوى إليهم في المنزل أفراد العائلة غير المطعمين.
المصلحة العامة مقابل الشخصية
وقال أستاذ طب الأسرة بجامعة الشارقة الدكتور نبيل سليمان إن كل الإجراءات المتخذة من أجل تقليل الإصابات والوفيات لا بد من الاتفاق معها بنسبة 100% في ظل الأوبئة وحالات الطوارئ، مؤكداً أن تقييد حركة غير المطعمين إجراء طبي مهني، لا يخالف الأعراف والتقاليد المهنية في حالات الطوارئ والأوبئة، والتي تؤكد كل القوانين الدولية والمحلية ومواثيق وسياسات الجهات والمنظمات الصحية على جواز تقييد حركة فرد أو فئة من المجتمع تشكل خطراً أو سبيلاً لنشر وباء بشكل كبير.
وأضاف: صحتي وجسمي ملك الله ثم ملكي، وأنا صاحب القرار في أخذ أي تطعيم من عدمه، ولكن عند وجود وباء، فالمصلحة العامة تتغلب على المصلحة الشخصية، ولا سيما لدى الأشخاص غير الراغبين في أخذ التطعيم رغم أنهم مؤهلون لذلك، وهؤلاء فئة عجيبة، فئة تعيش في بلد وفّر أنواعاً مختلفة من اللقاحات، وبالمجان، ولا يريد البعض أخذها.
وأكد سليمان أن مناعة المجتمع تتطلب تطعيم الغالبية العظمى من الناس، والبقية التي لا ترغب لا يجب أن تؤثر في المجتمع، فهي عملية موازنة بين الحرية الشخصية ومصلحة المجتمع كله.
وشدد على أن الإمارات لا تجبر أحداً على أخذ اللقاح، لكنها تُجنّب المجتمع خطورة غير المطعمين، مضيفاً «إذا أردتَ ألا تتلقح فهذا من حقك، ولكن من حق الدول أن تمنع دخولك بعض الأماكن حرصاً على مصلحة المجتمع، ومن المحبذ أن لا يدخل غير المطعمين إلى السينما والمولات والمطاعم، والندوات والمؤتمرات، والمدارس والجامعات، وهنا بإمكان غير المطعمين أن يدرسوا عن بُعد أو يُعلموا الطلاب عن بُعد لأنهم خطورة على الأطفال في المدارس ومن الممكن أن ينقلوا العدوى لمئات الأسر التي يتعاملون مع أطفالها يومياً.
وقال: لم يحدث مثل هذا الوباء منذ 100 سنة، وهذا يسمح بأخذ إجراءات قوية لم يتعود عليها المتخصصون أو الأطباء أو غيرهم، لأنه ظرف استثنائي.
تشجيع على التطعيم
وقال استشاري الصحة العامة الدكتور منصور حبيب، إنه من الناحية الطبية والمهنية، هناك فئات لا يمكنها أخذ التطعيم، تشمل ذوي الأمراض المزمنة ومن يتحسسون للقاحات وغيرهم، بسبب عدم تقبل الجسم للقاح بشكل كامل، مبيناً أن تقييد حركة غير المطعمين أمر تجب دراسته حفاظاً على صحة المجتمع، لكن في الوقت الحاضر يُفضل عدم الاستعجال بفرض هذا القرار قبل الوصول لأكبر عدد ممكن من المُطعمين.
وأشار إلى أن التلويح بتقييد حركة غير المطعمين قد يشجع سكان الدولة على أخذ اللقاح، وهو إعادة تذكير لقاطني الدولة بأهميته، قبل اتخاذ قرار التقييد بشكل رسمي، لأن كلما كان عدد المُطعمين أكبر كان المجتمع محمياً، لافتاً إلى أن المنشآت التي يجب أن لا يدخلها غير المطعمين هي الأندية الرياضية والجامعات والمدارس والمراكز التجارية ودور العبادة.