وهدفت الاجتماعات التي عقدت على مدى 4 أيام، بحضور 600 مشارك من الوزراء والأمناء العامين للمجالس التنفيذية، والمسؤولين الحكوميين على المستويين الاتحادي والمحلي ونخبة من الخبراء والمتخصصين، في إطار جهود لجنة الاستعداد للـ50 برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، لتطوير خطط مستقبلية للارتقاء بقطاعات البنية التحتية، والإسكان، والبيئة، والأمن الغذائي والمائي، والبنية التحتية الرقمية.
رؤية طموحة للمستقبل
وأكد وزير الطاقة والبنية التحتية سهيل المزروعي، أن وزارة الطاقة والبنية التحتية تعمل على تطوير الطاقة والبنية التحتية والإسكان والنقل، في الدولة، بما يلبي متطلبات المرحلة المقبلة في المسيرة التنموية الشاملة، والتي تسير بخطوات متسارعة لتحقيق الريادة العالمية بحلول مئوية 2071، وأن الوزارة تسعى بكل قوة وجهود حثيثة إلى العبور لتلك المئوية عبر سنّها مجموعة من السياسات والتشريعات المستقبلية التي تضمن التميز والريادة عالمياً، والمرونة في التعامل مع المتغيرات، باستخدام الأدوات الابتكارية والتحول الرقمي.
ولفت إلى حرص الوزارة على بلورة رؤية شاملة تعزز تكاملية العمل بين الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، إضافة إلى إشراك القطاع الخاص في عملية التنمية والتطوير، والاعتماد على الأدوات الفعالة ومواكبة التطورات المصاحبة للتخطيط العمراني والتنمية المستدامة، واستباق المتغيرات.
واستعرض خطة وزارة الطاقة والبنية التحتية للـ50 عاماً المقبلة، مشيراً إلى أن: «رؤيتنا طموحة وتستشرف المستقبل وتُرسّخ ثقافة التميز كمحور رئيس للعمل الوطني المنشود، حيث نستهدف تطوير الخطط والمشاريع والأفكار القادرة على التنبؤ بالتحديات ومواجهتها بأدوات مبتكرة، وتعزيز مكانة دولة الإمارات وتنافسيتها العالمية.«
كما استعرض المزروعي الجهود والبرامج لخطة وثيقة مسار «البنية التحتية والاستدامة البيئية»، والتي تندرج ضمن خطة دولة الإمارات لمواكبة تطلعات القيادة الرشيدة لمرحلة الاستعداد للـ50 عاماً المقبلة، فيما سلّط الضوء على التحديات والفرص التي ترسم ملامح هذه الوثيقة والتوجهات المستقبلية المحلية والإقليمية والعالمية.
4 مسارات رئيسية
وذكر المزروعي أن مسار البنية التحتية للانطلاقة نحو الـ50 عاماً القادمة، تم تصميمه وفق 4 مسارات رئيسية، الأول: دراسة الوضع الحالي للبنية التحتية من خلال قياس مجالات التحضر والإسكان، والتنقل، والبناء والتشييد، والاستثمار والفرص التمويلية، وأدوات التحليل والمشاركة، إضافة إلى إشراك أفراد المجتمع، بينما يركز الثاني على المخاطر والتوجهات المستقبلية، ويُعنى الثالث بالسياسات والممكنات، أما المسار الرابع فيهدف إلى التكامل والتشارك على مستوى الدولة.
وحدد التوجهات المستقبلية لمسار البنية التحتية، التي تتمثل بالهوية الرقمية المبتكرة في البنية التحتية، والتغيرات الديموغرافية، والاحترافية العلمية والبحث والتطوير، والاستثمار والفرص والاقتصاد، إضافة إلى المدن الذكية التفاعلية، والبنية التحتية المرنة.
وأشار المزروعي إلى أن الوزارة تستهدف العمل وفق منظور تشاركي شامل لوضع تصور مستقبلي بهدف تطوير خطط تنموية داعمة لمسيرة الإمارات، من خلال تصميم مبادرات ومشاريع ريادية، تدعم مستهدفات الإمارات للـ50 عاماً المقبلة، تحمل في ثناياها التميز والريادة والسعادة وجودة الحياة لجميع أفراد المجتمع.
استدامة وسلامة الغذاء
من جهته، أكد وزير التغير المناخي والبيئة الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، التزام الوزارة بالمساهمة في تحقيق مستهدفات دولة الإمارات وتعزيز تنافسيتها العالمية، ومواكبة الرؤى المستقبلية لقيادتها الرشيدة، بما يضمن صناعة مستقبل مستدام للأجيال.
واستعرض خطة الوزارة المستقبلية للاستعداد للـ50 التي تعتمد على توجهين رئيسيين، يركزان على تعزيز أمن واستدامة وسلامة الغذاء، ومواصلة وتعزيز مسيرة الدولة في العمل من أجل المناخ والبيئة، والحفاظ على مواردها الطبيعية وتنوعها البيولوجي وضمان استدامتهما.
وقال النعيمي: «إن تعزيز أمن واستدامة وسلامة الغذاء ورفع معدلات الاكتفاء الذاتي يرتكز على محاور، تشمل دعم وتطوير الإنتاج الزراعي والحيواني المحلي عبر توظيف التقنيات والنظم الحديثة، وتحفيز حركة الاستثمار في المشاريع الزراعية الحديثة، ما يضمن زيادة الإنتاج المحلي ورفع كفاءته وتنافسيته، والعمل على خفض معدلات هدر الغذاء تحقيقاً لمنظومة الإنتاج والاستهلاك المستدامين».
وأضاف أن هذا التوجه يركز على تعزيز سلامة الغذاء لتحقيق أعلى معدلات حماية للصحة العامة، وتعزيز ريادة الدولة مركزاً رئيسياً لتجارة المواد الغذائية إقليمياً وعالمياً، وتوفير أقصى درجات الثقة والأمان في سلامة الغذاء المتداول محلياً والمستورد والمعاد تصديره.
التنوع البيولوجي المحلي
وأشار النعيمي إلى أن التوجه الثاني يركز على محاور المناخ والبيئة والتنوع البيولوجي، ويشمل محور التغير المناخي الذي ستعمل الوزارة من خلاله على تعزيز المكانة والدور الريادي للدولة في جهود العمل من أجل المناخ عالمياً، وستحفز عمليات الاستثمار في طاقة المستقبل والتقنيات الخضراء، كما ستعزز قدرات الجهات بالدولة على التكيف مع تداعيات التغير المناخي.
وأضاف أن الوزارة تستهدف عبر التعاون مع شركائها الاستراتيجيين تعزيز منظومة الاقتصاد الأزرق، بهدف زيادة النمو الاقتصادي المحلي وحماية البيئة البحرية وضمان استدامة مواردها وتنوعها البيولوجي، كما سيتم العمل على ضمان الحفاظ على التنوع البيولوجي المحلي وضمان استدامة النظم الطبيعية، والتوسع في برامج الإكثار وحماية الأنواع المهددة بالانقراض.
ولفت إلى أن خطة الوزارة تشمل تعزيز التوجه نحو تطبيق معايير الاقتصاد الدائري، عبر مشاريع الاستفادة من النفايات كمورد اقتصادي، وزيادة الشراكة مع القطاع الخاص لتحفيز الاستثمار بهذا المجال.
الاستدامة المائية والغذائية
من جهتها، أوضحت وزيرة الدولة للأمن الغذائي والمائي مريم بنت محمد المهيري، أن استدامة الإمدادات المائية والغذائية من أهم ركائز تحقيق التنمية الشاملة في الإمارات، مشيرة إلى أن مرحلة إعداد خطة الـ50 تركز على مبادرات وآليات تفاعلية، لتمكين المجتمع من المساهمة في صياغة ورسم رؤية الأمن الغذائي، وتحديد أولويات العمل الحكومي مع مختلف الشركاء.
وقالت: «إن الحفاظ على مكتسباتنا الوطنية بمجال الأمن الغذائي وتعزيزها مسؤولية تشاركية، لذا عملنا على تفعيل مشاركة المجتمع برسم رؤية الأمن الغذائي خلال الـ50 عاماً القادمة».
واستعرضت ملخصاً لمنظور مجتمع الإمارات في تطوير منظومتي الأمن الغذائي والمائي، الذي شدد على أهمية تكامل وترابط الأمن الغذائي والمائي من خلال العمل على تحفيز تبني التكنولوجيا الزراعية الحديثة والابتكار، إضافة إلى وضع آليات ومحفزات لدعم الصناعة والإنتاج الزراعي، بجانب زيادة جهود البحث والتطوير، وتوسيع الزراعة المجتمعية.
مبادرات الأمن الغذائي
وعرضت المهيري مبادرات مقترحة لتعزيز الأمن الغذائي، تشمل: تطوير مجموعة من السياسات الوطنية تتمثل في تنمية الصناعات الغذائية، وتسويق المنتجات المحلية، وإنشاء مناطق اقتصادية متخصصة للزراعة المتقدمة، وتحديد آلية لدراسة وتوفير الفرص الاستثمارية في صناعة الغذاء، وضمان المنافسة العادلة للعاملين بمجال الأمن الغذائي، إضافة إلى إعداد دراسة وطنية شاملة تركز على التغذية، وإطلاق نظام لتسجيل أنواع وأصناف النباتات المحلية.
وبينت أن العالم يشهد العديد من التغيرات التي لها تداعيات كبيرة على مستقبل الأمن الغذائي والمائي، ما يتطلب تفعيل السياسات والتشريعات، لتحقيق رؤية الإمارات بأن تكون مركزاً عالمياً للأمن الغذائي القائم على الابتكار، عبر توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي والروبوتات والهندسة الحيوية، في تعزيز التحول في أساليب الإنتاج الزراعي وسلسلة توريد الغذاء، وإيجاد الحلول لتحديات التغير المناخي التي تؤثر على الأمن الغذائي.
توظيف التكنولوجيا المتقدمة
وأكد وزير الدولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بٌعد عمر سلطان العلماء، أن قيادة دولة الإمارات طورت رؤية مستقبلية متكاملة قائمة على إشراك أفراد المجتمع في رسم ملامح المستقبل، وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة، وبناء شراكات إيجابية وفاعلة بين الجهات الحكومية والخاصة بكافة المجالات الحيوية، تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
واستعرض مجموعة من المشاريع والمبادرات الوطنية الهادفة إلى توظيف الحلول المبتكرة في مجالات البنية التحتية والصحة والطاقة والسياحة، والخدمات اللوجيستية والتحول الرقمي والبرمجة والاتصالات والذكاء الاصطناعي، وغيرها من القطاعات الحيوية التي ستلعب دوراً رئيسياً في ريادة دولة الإمارات على مستوى العالم خلال السنوات والعقود المقبلة.
وأضاف: ستسهم هذه الاجتماعات التشاورية في إعداد خطة عمل شاملة لتفعيل وتسريع إنجاز الاستراتيجيات الوطنية المستقبلية، إضافة إلى مناقشة الأفكار المبتكرة مع مختلف الجهات المعنية، وإشراك جميع المسؤولين والخبراء في منظومة تشاركية تعتمد على تبادل الخبرات والممارسات الناجحة، وتدعم الجهود الرامية إلى تحقيق مهمة مشروع تصميم الـ50 عاماً المقبلة، وصولاً إلى مئوية الإمارات.
وأشار سلطان العلماء إلى أن بناء القدرات والمواهب الوطنية، وتسريع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي وأدوات الثورة الصناعية الرابعة في العمل الحكومي، وتطوير التشريعات والقوانين التنظيمية، تشكل ركائز رئيسية لدعم تنافسية الاقتصاد الوطني وفعالية تسريع التحول الرقمي، بما يسهم بتطوير البنية التحتية والاستدامة ويرتقي بجودة حياة أفراد المجتمع في دولة الإمارات.
خطة مستقبلية
وركز الاجتماع التشاوري على 5 قطاعات رئيسية، شملت: البنية التحتية، والإسكان، والأمن الغذائي والمائي، والبيئة، والبنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي، وهدف لتشكيل مقترحات وتوصيات رئيسية لمبادرات تطويرية ترتقي بالعمل الحكومي، والمجتمع، والاقتصاد خلال المرحلة المقبلة من مسيرة التنمية، ونتج عن هذه الاجتماعات 45 مجالاً تفصيلياً ستتم مناقشتها مع أفراد المجتمع من خلال أدوات التفاعل المجتمعي، وذلك للمشاركة في تصميم الـ50 عاماً المقبلة.