المساجد من التصاميم المعمارية التي يحرص المسلمون حول العالم على التفنن في بنائها، لتصبح من العمارة الخالدة التي يفتخرون بها على مر السنين، كونها دور العبادة الأساسية لممارسة الطقوسات الدينية المختلفة، حيث إن دور المسجد لا يقتصر فقط على العبادة والصلاة، بل يعتبر مكاناً لتلقي العلم أيضاً.
ولهذا نجد الكثير من المساجد الرائعة ذات التصاميم المعمارية حول العالم، حيث يختلف وينفرد كل مبنى من هذه المساجد بطابع خاص يميزه، حتى أصبحت تلك المساجد جزءاً من الآثار والتاريخ للبلاد، يقصده السياح من جميع أنحاء العالم لزيارته.
واليوم سوف نقدم لكم جولة افتراضية، لأجمل المساجد في العالم، تزامناً أيضاً مع استقبال شهر رمضان 2021، لكي تتعرف على العراقة والأصالة والتاريخ وراء بناء تلك المساجد، وتصبح ضمن خطتك المستقبلية أثناء سفرك حول العالم.
المسجد النبوي الشريف
المسجد النبوي أو الحرم النبوي يعتبر أحد أكبر المساجد في العالم، وأكبر وأضخم الرموز المهمة في العالم الإسلامي، إذ يعد ثاني أقدس موقع في الإسلام (بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة)، وهو المسجد الذي بناه رسول الله سيدنا محمد في المدينة المنورة بعد هجرته سنة 1 هـ الموافق 622 بجانب بيته بعد بناء مسجد قباء.
وقد مرَّ المسجد بعدّة توسعات وتطورات عبر التاريخ، مروراً بعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية فالعباسية والعثمانية، وأخيراً في عهد الدولة السعودية حيث تمت أكبر توسعة له عام 1994، وعام 2012 وتحرص المملكة كل عام على عمل صيانة وتجديدات به، ويعتبر المسجد النبوي أول مكان في شبه الجزيرة العربية يتم فيه الإضاءة عن طريق استخدام المصابيح الكهربائية عام 1909.
ويُقال إنه يمكن للمسجد -الذي يؤمه الملايين من الزائرين سنوياً- استيعاب نحو 1,8 مليون مصل في الوقت الواحد، خاصة بعد التوسيعات الأخيرة التي قامت بها الدولة في المنطقة، بحسب BBC.
يوجد في باحة المسجد النبوي 250 مظلة الغرض منها وقاية المصلين من الأمطار والأجواء العاصفة. وقال إن كلاً من هذه المظلات المزودة بأنظمة للبزل، بإمكانها حماية 800 مصل من المطر وتغطي مساحات تبلغ 143 متراً مربعاً.
ومن أكثر ما يميز المسجد أنه المكان الذي دُفن فيه النبي محمد والصحابة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وبنيت فيه القبة الخضراء التي تعد من أبرز معالم المسجد.
المسجد يعتبر رمزاً تاريخياً مهماً في الحضارة الإسلامية، وكان له دور كبير في الحياة السياسية والاجتماعية، خاصة أنه يتميز بموقع مميز في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، ويحيط به الآن العديد من الفنادق والأسواق، كما يعتبر مزاراً مهماً لكل من يؤدون فريضة الحج أو العمرة، لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
مسجد الشيخ زايد في أبوظبي
يعد جامع الشيخ زايد في العاصمة الإماراتية أبوظبي أحد أكبر المساجد في العالم، ومن أضخم الأعمال المعمارية التي تمزج بين مختلف مدارس العمارة الإسلامية، ويتسع المسجد لأكثر من 7000 مصلٍّ في الداخل ولكن من الممكن مع استعمال المساحات الخارجية أن يتسع لنحو 40,000 مصل لكافة أقسام مبنى المسجد.
وقد وجه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ببناء هذا المسجد في عام 1986 من خلال دائرة الأشغال العامة في أبوظبي، وساعيًا بذلك لأن يكون هذا المسجد صرحاً إسلامياً يرسخ ويعمق الثقافة الإسلامية ومفاهيمها وقيمها الدينية السمحة، وبدأت أعمال البناء فيه في 1996، بينما بدأ الاهتمام التركيز على الاهتمام بالمسجد عام 2007 من قبل الشيخ زايد بن سلطان، لتكون أوّل صلاة فيه كانت صلاة عيد الأضحى من نفس العام، بينما كان الانتهاء تماماً من بناء المسجد في 2008.
وأكثر ما يتميز به الجامع هو العدد الكبير من القباب تصل إلى 82 قبة، وأكثر من 1000 عمود، فضلاً عن أن الثريات بمسجد الشيخ زايد مطعّمة بذهب عيار 24 قيراطاً، بينما تغطّي أرضيته بأكبر سجادة يدوية الصنع في العالم نحو 5700 متر مربع، وتتدلّى في قاعة الصلاة الرئيسية واحدة من أكبر الثريات في العالم، أما عن المآذن، فيحتوي المسجد على 4 مآذن يبلغ طول كل مئذنة 106 أمتار تقريباً، وتتكون من 3 أشكال هندسية مختلفة.
مسجد الكريستال في ماليزيا
يقع مسجد الكريستال في حديقة التراث الإسلامية بولاية ترينغانو في ماليزيا، ويطل على بحيرة بوتراجايا الصناعية في كوالالمبور، ويعتبر من أهم معالم الجذب السياحية في ماليزيا، خاصة أنه يعتبر من أجمل المساجد في العالم، كونه مصنوعاً من البلور الخالص، كما يعتبر ثاني أكبر مساجد جنوب شرق آسيا بعد جامع الاستقلال في جاكارتا.
وقد تم بناء المسجد عام 2006 بأمر من السلطان ميزان زين العابدين، وقد استغرق بناؤه نحو عامين، إلى أن تم افتتاحه في 2008، ويتسع المسجد لأكثر من 15 ألف شخص.
وأكثر ما يميز هذا المسجد، هو المشهد الساحر لتصميمه الفريد من الكريستال، بالإضافة إلى أنه يتوفر به الكثير من التقنيات الحديثة والمريحة التي يقدّمها لزواره، مثل خدمات الواي فاي، والعديد من وسائل التكنولوجيا الأخرى.
مسجد بوترا في ماليزيا
يُعرف مسجد بوترا أيضاً باسم المسجد الأحمر، وهو أحد أجمل المساجد في ماليزيا حيث يقع على بحيرة بوترا جايا الاصطناعية في مدينة كوالالمبور ويتسع لأكثر من 15 ألف مصلٍّ، وقد تم تأسيسه في 1997، والانتهاء من بنائه في العام 1999.
وأكثر ما يميز مسجد بوترا هو القبة زهرية اللون المصنوعة من الجرانيت ذات اللون الوردي الرائع، ويتألف المسجد من 3 أجزاء رئيسية وهي المصلى والصحن بالإضافة إلى بعض المرافق التعليمية وقاعات المناسبات الأخرى، بارتفاع 250 قدماً فوق مستوى سطح الأرض، وهي أعلى نقطة تحت قبة المسجد مباشرة.
ويحيط بالصحن العديد من المناظر المائية المزخرفة، لهذا يعتبر مريحاً للعين وللنفس، ويضفي روحانيات رائعة يبحث عنها المصلون في دور العبادة.
مسجد الحسن الثاني في المغرب
يقع مسجد الحسن الثاني في ساحل مدينة الدار البيضاء بالمغرب، ويعتبر أكبر مسجد في المغرب والقارة الأفريقية، وترتيبه الـ13 في العالم من حيث المساحة، ويتميز بمئذنته أندلسية الطابع ترتفع 210 أمتار (689 قدماً) وهي ثاني أعلى بناية دينية في العالم.
تم الشروع في بنائه عام 1987، بينما فتح أبوابه عام 1993، في فترة حكم ملك المغرب حسن الثاني، يضم الجامع قاعة ضخمة للصلاة تبلغ مساحتها نحو 20 ألف متر مربع، فيما خصصت للنساء شرفتان مساحتهما 3550 متراً مربع، بالإضافة إلى ساحة أخرى للوضوء، ودورة مياه، ومدرسة قرآنية، ومكتبة ومتحفاً، بالإضافة إلى تلبيسة بزخارف «الزليج» أو فسيفساء الخزف الملون على الأعمدة والجدران وأضلاع المئذنة التي أضافت طابع خاص للجامع.
وتتسع قاعة الصلاة بمساحتها الـ20,000 م² لـ25,000 مُصلٍّ إضافة إلى 80,000 مصل في الباحة، كما يتوفر بالمسجد تقنيات حديثة منها السطح التلقائي الذي يُفتح ويغلق آليّاً، مع أشعة ليزر يصل مداها إلى 30 كلم في اتجاه مكة المكرمة.
مسجد محمد علي بالقلعة في مصر
يقع مسجد محمد داخل قلعة صلاح الدين الأيوبي، بمنطقة القلعة في مصر القديمة، ويعد أحد المساجد الأثريّة الشهيرة بالقاهرة، وقد أنشأه محمد علي باشا ما بين الفترة من 1830م إلى 1848م على الطراز العثماني، على غرار جامع السلطان أحمد بإسطنبول، كما يطلق عليه البعض مسجد المرمر أو الألبستر لكثرة استخدام هذا النوع من الرخام في تكسية جدرانه.
يوجد بصحن الجامع برج من النحاس بداخله ساعة دقاقة كان قد أهداها لويس فيليب ملك فرنسا إلى محمد علي باشا (1262هـ/ 1845م)، وقد رد محمد على باشا على هذه اللفتة بإهدائه مسلة رمسيس الثاني (نحو 1279-1213 ق.م) التي كانت قائمة أمام معبد الأقصر وتقف اليوم شامخة في ميدان الكونكورد في باريس.
والجدير بالذكر، أنه تم استخدم الحجر الجيري كمادة أساسية في بناء الجامع الذي يتكون من مساحة مربعة غطيت بقبة مركزية ضخمة مدعمة بأربعة أنصاف قباب بالإضافة إلى 4 قباب صغيرة في الأركان، وللجامع منبران أحدهما من الخشب المطلي باللون الأخضر وهو المنبر الأصلي للجامع أما الآخر فهو من الرخام وقد أضيف إلى الجامع لاحقاً، وعلى يمين الداخل وبالركن الجنوبي الغربي للجامع يقع ضريح محمد علي باشا الذي بُني بالرخام الأبيض الجميل.