الاثنين - 25 نوفمبر 2024
الاثنين - 25 نوفمبر 2024

رحلة تاريخية حافلة من كريستيان ديور وأرباح تخطت الـ55 مليار دولار

ديور واحدة من أكبر بيوت الأزياء العالمية حول العالم، تحمل اسم مؤسسها الراحل السيّد كريسيتان ديور Christian Dior، الذي خيّب ظن والديه في أن يُصبح دبلوماسياً، ليصبح من أكبر مصممي الأزياء، ويؤسس شركته الضخمة التي تنافس بقوّة في عالم الموضة الآن.

بداية حافلة بالأحداث من مدينة جرانفيل السياحية

ولد كريسيتان ديور في مدينة جرانفيل الساحلية على ساحل نورماندي في عام 1905، وكان ابناً لشركة ثرية لتصنيع الأسمدة وكان واحداً من 5 أطفال، وفي سن الخامسة، انتقل مع عائلته إلى باريس.

وعلى الرغم من أن والديه كانا يأملان في أن يصبح دبلوماسياً، إلا أن ديور كان يميل إلى الأعمال الفنية، وبدأ في بيع رسوماته في الشارع لكسب مصروف الجيب، وعند ترك المدرسة، تولى ديور إدارة معرض فني صغير اشتراه له والده، حيث باع هو وصديقه أعمالاً لفنانين من بينهم بابلو بيكاسو.

ومع بعد بداية الكساد الكبير في عام 1929، توفيت والدته وشقيقه، وانهارت أعمال والده، ولهذا اضطر ديور لإغلاق معرضه الفني، ثم ذهب للعمل مع مصمم الأزياء روبرت بيجيه حتى تم استدعاؤه للخدمة العسكرية في عام 1940.

بداية الإبداع ودخول عالم الأزياء والعطور

أنهى ديور خدمته العسكرية بعد عامين، وفي عام 1946 تحديداً في 16 ديسمبر، أسس ديور دار الأزياء الخاصة به، بينما تعتبر الدار 12 فبراير عام 1947، هو بداية الانطلاق الفعلية حيث قدّمت الدار الفرنسية مجموعتها الأولى من خلال 90 مظهراً مختلفاً، وقد أطلقت الصحف على تلك المجموعة آنذاك «نيو لوك» حيث اعتمد فيها السيّد ديور على فكر جديد باعتماد التنانير عالية الخصر المشدود، مع رسومات لافتة، توحي بالبهجة.

عطر ميس ديور Miss Dior



وفي نهاية خدمة كريستيان ديور العسكرية عام 1942، انضمت شقيقة ديور الصغرى كاثرين إلى المقاومة الفرنسية، ما أدى إلى القبض عليها وسجنها لاحقاً في معسكر اعتقال، ولكنها نجت وتحررت في عام 1945، وفي عام 1947، أطلق ديور على عطره الأول Miss Dior كإشادة لها.



نجاح كبير للدار الفرنسية منذ إطلاق المجموعة الأولى

بعد عرض تلك المجموعة الحافلة، انهالت الطلبات من العديد من المشاهير مثل ريتا هايورث ومارجوت فونتين، ما رفع مكانة ديور بشكل كبير، وقد تمت دعوة Dior لتقديم عرض خاص للمجموعة للعائلة المالكة البريطانية، على الرغم من أن الملك جورج الخامس قد منع الأميرات الشابات، إليزابيث ومارجريت، من ارتداء موديلات New Look إلا أن فكرة عرض التصاميم بحد ذاتها ناجحة للغاية.

وقد أسست ديور منزلاً فاخراً للملابس الجاهزة على زاوية شارع فيفث أفينيو وشارع 57 في نيويورك في نوفمبر 1948، كان الأول من نوعه، وفي نفس العام، أطلق Dior Parfums - مع Miss Dior كونها أول عطر يتم إطلاقه، وDiorama تم إطلاقه في العام التالي.

الانطلاق إلى تحقيق الشمولية

في عام 1949، كان ديور أول مصمم أزياء يرتب الإنتاج المرخص لتصاميمه، وذلك بعد إدراكه ضرورة تحقيق فكرة الشمولية، لهذا فكّر باعتماد الأحذية والقبعات والقفازات، وترخيصها تحت مجموعة الإكسسوارات الفاخرة، حيث تم تصنيع الفراء والجوارب وربطات العنق والعطور أيضاً في المراكز الإقليمية في جميع أنحاء العالم، ما أدى إلى نشر اسم علامته التجارية بسرعة في العالم.

وعلى الرغم من أن هذه الخطوة تعرضت لانتقادات شديدة من قبل غرفة الأزياء الفرنسية، التي استنكرت هذه الخطوة باعتبارها تقلل من كلفة صناعة الأزياء الراقية، إلا أنه قد أصبح الترخيص خطوة مربحة لديور وتبعته بعد ذلك تقريباً جميع دور الأزياء في تلك الفترة.

دخول سان لوران عالم الأزياء ووفاة السيّد ديور

في عام 1955، أصبح إيف سان لوران البالغ من العمر 19 عاماً مساعد تصميم ديور، وقد التقى كريستيان ديور لاحقاً مع والدة إيف سان لوران، لوسيان ماتيو سان لوران، في عام 1957 ليخبرها أنه اختار سان لوران خلفاً له في ديور، وعندما قال ذلك كانت في حيرة من أمرها، لأن ديور كان يبلغ من العمر 52 عاماً فقط في ذلك الوقت.

وبعد وقت قصير من لقائه مع والدة سان لوران، عانى كريستيان ديور من نوبة قلبية قاتلة في 24 أكتوبر 1957، وقد حضر جنازته حوالي 2500 شخص، بما في ذلك جميع موظفيه وعملائه المشهورين.

وبعد ذلك، تم تعيين إيف سان لوران الذي كان يبلغ من العمر 21 عاماً كمدير فني للدار، وظل سان لوران في المنصب حتى تم تجنيده في الجيش، وخلال هذه الفترة تم فصله من ديور وحل محله مارك بوهان، حيث أثبت بوهان نجاحه الكبير كبديل لسان لوران، إذ حدد حقبة جديدة وصورة ظلية جديدة لديور، لنسخة أكثر حداثة ورشاقة من شكل ديور الأيقوني.

إفلاس الشركة وظهور رجل الأعمال برنارد أرنو

في عام 1978، رفعت مجموعة Boussac التي كانت تنتمي لها ديور دعوى الإفلاس وتم بيع أصولها بما في ذلك Dior، إلى مجموعة Willot Group، وبعد دخولها إلى الإدارة، اشترى برنارد أرنو ومجموعته الاستثمارية ممتلكات مجموعة ويلوت، وعند توليه السلطة، غيّر أرنو عمليات ديور بشكل جذري، بحسب فوغ.

ففي عام 1985، أصبح برنارد أرنو رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لكريستيان ديور، وقد أعاد وضعها لتصبح الشركة القابضة Christian Dior SA وفي عام 1988، استحوذ على حصة تبلغ 32% من رأس مال شركة LVMH، ما أدى إلى إنشاء واحدة من تكتلات السلع الفاخرة الرائدة والأكثر نفوذاً في العالم، بينما ظل كريستيان ديور قائماً بذاته.

عُيِّن جيانفرانكو فيري مديراً إبداعياً لكريستيان ديور في عام 1989، ليحل محل مارك بوهان، وقد ظل في هذا المنصب حتى عام 1997.

وفي عام 1997، عين أرنو المصمم البريطاني جون جاليانو ليحل محل مارك بوهان في دفة الإبداع، وكان اختياراً مميزاً إذ تمتع غاليانو بموهبة إبداعية قريبة جداً من موهبة كريستيان ديور، فقد كان لديه نفس المزيج الاستثنائي من الرومانسية والنسوية والحداثة التي ترمز إلى السيد ديور.

وكان غاليانو مديراً إبداعياً لكريستيان ديور حتى مارس 2011، ولكن تم فصله بعد ذلك بسبب آرائه الاجتماعية والسياسية، ليتولى بعد ذلك راف سايمون لمدة 3 سنوات حتى 2015، حتى نصل إلى السيّدة ماريا غرازيلا كيوري Maria Grazia Chiuri التي تحتل منصب المديرة الإبداعية للدار حتى يومنا هذا، بينما يترأس كيم جوناس مجموعة ديور الرجالية.

والجدير بالذكر أنه في 2018 قد شغل بيترو بيكاري منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة Christian Dior Couture، وعضو اللجنة التنفيذية في LVMH Moet Hennessy Louis Vuitton SE منذ فبراير 2018.

أرباح وثروة دار كريستيان ديور تتخطى الـ80 مليار دولار

في الواقع، وبعد هذا التاريخ الحافل للدار الفرنسية العريقة، فمن الطبيعي أن نتوقع هذا المبلغ الضخم لدار كريستيان ديور بقيمة رأس مال في السوق يُقدّر بحوالي 89.6 مليار دولار، وأرباح سنوية وصلت إلى 55.2 مليار دولار، وفقاً لآخر تحديثات موقع فوربس في مايو 2019.