تحلّ اليوم ذكرى ميلاد سيدة الموضة العالمية كوكو شانيل، التي تعد واحدة الروّاد بعالم الأناقة، حيث استطاعت أن تضع بصمتها النادرة بالأزياء، وتصبح علامتها من أكبر دور الأزياء في العالم.
وقد كانت حياة كوكو شانيل مليئة بالكثير من المتاعب والمغامرات، والظروف القاسية التي صنعت منها امرأة قوية، رغم كل التحديات التي واجهتها، ليصبح اسمها مخلداً إلى هذا اليوم.
حياة قاسية في ملجأ الأيتام
وُلدت كوكو شانيل في القرن التاسع عشر، تحديداً عام 1883، لأم عزباء غير متزوجة، وكانت هي الابنة الثانية، حيث كانت تعمل والدتها أوجيني جين ديفولا بغسل الملابس، بينما تزوج أبيها ألبرت شانيل من والدتها عام 1884، والذي كان يعمل مزارعاً، إذ عاش الجميع حياة صعبة بسبب الفقر.
وأصبحت حياة كوكو شانيل أكثر قسوة، عندما توفيت والدتها وهي في سن الـ12 عاماً، حيث وضعها والدتها بجانب أخواتها الفتيات في أحد الملاجئ، وهُنا تعلمت الحياكة والخياطة، ووجدت نفسها تميل كثيراً إلى هذا الشغف.
رحلة من الملجأ إلى المسارح
الذكاء والطموح دفع غابريل شانيل «الاسم الحقيقي لسيدة الموضة»، للعمل كخياطة بأحد المسارح الذي كان يرتاده ضباط سلاح الفرسان، ولم تكتفِ غابرييل بالعمل كخياطة، بل لجأت إلى الغناء بهذا الملهى، واستطاعت أن تجذب أنظار الجميع بجمالها وأنوثتها.
سر اسم كوكو شانيل
أصبحت غابرييل تُلقب بكوكو نيابة إلى الأغاني الشعبية الشهيرة التي كانت تقوم بأدائها «Qui qu'a vu Coco» و«Ko Ko Ri».
الحب يلعب دوراً في مسيرة كوكو شانيل بعالم الموضة
ارتبطت شانيل بضابط الفرسان السابق الفرنسي إتيان بالسان في عمر الـ23 عاماً، والذي كان يتمتع بالثراء الفاحش، خاصة أن عائلته الثرية كانت تعمل بالنسيج، وكان هو وريث هذا العرش.
ومن هنا عرفت كوكو شانيل معنى حياة الطبقات الأرستقراطية، لكنها لم ترغب أبداً أن تكون تلك السيدة المدللة، فقد سعت للترويج لتصاميم قبعاتها الأنيقة، والتي حازت على إعجاب الكثيرين آنذاك.
وفي عام 1908، جمعتها علاقة عاطفية بالكابتن أرثر أدوادر كابيل، الذي ساعدها على التوسع أكثر بعالم الأزياء، وأصبحت مصممة قبعات مرخصة في عام 1910، ومشهورة بعالم التصاميم.
افتتاح أول متجر من كوكو يتبعه سلسة من البوتيكات العريقة
عام 1910، افتتحت كوكو شانيل أول بوتيك قبعات لها، ليصبح هو حجر الأساس في هذا الإرث العظيم، وبعدها بسنتين فتحت ثاني بوتيك في دوفيل، حيث كانت تتمتع بذكاء حاد، ولديها ثقة في أهمية تلك المناطق الساحلية بالمستقبل.
أما أول دار أزياء خاصة بها، فكانت في عام 1915 في بياريتز، وبعدها امتلكت شانيل المبنى 31 في شارع كومبون في عام 1918، ليصبح لها بالكامل، وكان أيضاً هو عنوان منزلها، حيث كانت ترغب في أن تحقق هذا الشعور الرائع بالخصوصية والفخامة لعميلاتها، ومن هنا أصبحت شانيل من أكثر النساء شهرة في القرن العشرين.
عطر شانيل 5
عام 1921، كانت كوكو شانيل هي أول مصمم أزياء يبتكر عطر، وكسرت من خلاله قواعد صناعة العطور، من خلال الزجاجة الفاخرة، وفي عام 1937 روجت لهذا المنتج «لم تبطل موضته حتى الآن» بنفسها، حيث وقفت أمام الكاميرا لإنتاج الإعلانات.
إطلاق مجوهرات شانيل
تبع الأزياء والعطور، مجموعة المجوهرات الراقية عام 1932، من خلال مجموعتها التي احتلت اسم Bijoux de Diamants، والتي أحدثت ضجة أيضاً بعالم المجوهرات، فكيف لامرأة أن تستطيع أن تلبي كل تلك الأفكار التي تحلم بها النساء، وتقدّم لهن باقة متنوعة وشاملة بعالم يتسم بالفخامة.
علاقتها الوطيدة بعالم المسرح والسينما
دخلت كوكو شانيل إلى عالم السينما عن طريق المشاركة في بعض الأعمال، من أجل الترويج لتصاميمها، وذلك في عام 1931، حيث قالت في إحدى مقابلاتها «من خلال السينما يمكنك فرض الموضة اليوم» وذلك في مقابلة مع جاك شازو لعرض Dim Dam Dom.
كما لديها مقولة شهيرة تقول «إن الفنانين هم مَن علّموني الدقة»، ولهذا قد عملت مصممة أزياء للمسرح والباليه، وتعتبر قارئة متعطشة وشغوفة بالفن البيزنطي والباروك والثقافة السلافية، كما كونت صداقات عميقة مع عديد من الفنانين، فقد دعمت غابريال شانيل دياجيليف مالياً في عرض Les Ballets russes وصممت الأزياء لباليه Le Train bleu («القطار الأزرق»).
كما صممت من أجل الفنان كوكتو الذي اعتبرها «أعظم مصممة أزياء في عصرها»، الأزياء لمسرحياته Antigone وOrphée وŒdipe Roi، ودعت سترافينسكي إلى فيلا بيل ريسبيرو ودعمت أعماله الموسيقية.
كوكو شانيل تعيد مبالغ كابيل
بما أن آرثر كابل دعمها مادياً في البدء، وساعدها على فتح بوتيك القبعات في عام 1910 وبوتيك دوفيل في عام 1912، قررت غابريال إعادة كل المبلغ له، وأوضحت هذا التصرف بأنها امرأة حرة، وتبحث دائماً عن الاستقلالية، وكانت تلك واحدة من الأمور التي جعلت نساء هذا العصر يعجبن بشخصيتها.
بصمة كوكو شانيل في عالم الموضة
أكثر ما ميز تصاميم كوكو شانيل، هو كسرها القواعد، واعتمادها على اللمسات الرجالية، ولكن بطابع أنثوي رائع، حيث اعتمدت على قماش التويد الرجالي، وحوّلت الجيرسي إلى مادة فاخرة، والفساتين التي لم تركز على الخصر في المقام الأول.
كذلك لعبت شانيل بالألوان، إذ اعتادت نساء هذا العصر، اعتماد الدرجات الأنثوية الفاتحة، لكنها اختارت الأسود والدرجات الداكنة لتمنحهن الفخامة، بتايورات أنثوية فخمة، مع قطع إكسسوارات اللؤلؤ الجذابة.
وفاة كوكو شانيل
ودّعت الأسطورة كوكو شانيل هذا العالم يوم الأحد 10 يناير، عن عُمر يناهز 88 عاماً، وذلك إثر نوبة قلبية تعّرضت لها، بعدما وضعت اللمسات الأخيرة على مجموعتها من الأزياء التي كانت من المفترض أن تعرض في 26 يناير 1971.
وأصبح منزلها الذي يقع في 31 في شارع كومبون، من الأماكن التاريخية، حيث يحكي الكثير عن تفاصيل حياتها الفخمة، ويمتلئ بقطع الديكور واللوحات العالمية لأشهر الفنانين من أصدقائها، إضافة إلى الأنتيكات الفخمة، أبرزها تلك القطع على شكل الأسد الذي يرمز لبرجها.