الخميس - 21 نوفمبر 2024
الخميس - 21 نوفمبر 2024

فلتتوقف الحكومات عن خفض أسعار البنزين!

فلتتوقف الحكومات عن خفض أسعار البنزين!

ستصرخ سوق النفط في المستهلكين كي يخففوا استخدام الوقود، ولذلك تسعى الحكومات أيضاً، لكن المنتصر في هذه المعركة لن يكون الشعوب أو حكوماتها.

حاجج خافيير بلاس في مارس بعدما أعلنت حكومة بريطانيا خفضاً لعام في رسوم الوقود، من أن الحكومات تتبع سياسات خاطئة حيال الطاقة فتشجع الطلب على الوقود بدل الحد من الاستهلاك. لقد كان محقاً تماماً، حيث تتزايد الأدلة أخطاء صانعي السياسة، لكنهم لا يفعلون شيئاً لتصحيح أخطائهم، وغالباً ما يزيدون الأمور سوءاً.

لقد وصلت أسعار البنزين والديزل في المحطات إلى مستويات عالية جديدة حول العالم. فقد تجاوز سعر لتر البنزين في جميع الولايات الأمريكية دولاراً وبضعة سنتات الأسبوع الماضي للمرة الأولى على الإطلاق، رغم أننا لم نبلغ ذروة موسم السفر البري بعد. يعد متوسط الأسعار الوطنية لكل من البنزين والديزل أعلى من المستويات المرتفعة السابقة التي سُجّلت خلال ارتفاع أسعار النفط في 2008.

أثر مؤقت

كما تسجل أسعار الوقود في محطات بريطانيا مستويات قياسية جديدة بغيضة رغم خفض رسوم الوقود بمقدار 5 بنسات للتر بدءاً من أواخر مارس. كان يُفترض أن يجلب ذلك انخفاضاً بمقدار 6 بنسات في الأسعار، حيث تُفرض ضريبة قيمة بنسبة 20% إلى جانب رسوم الوقود، لكن فائدة ذلك كانت قصيرة الأجل. فقد دفعت ضغوط العرض والطلب الأساسية أسعار صنفَيْ الوقود إلى أعلى من مستويات ما قبل التخفيض.

كانت المشكلة أن مخزونات الوقود وصلت لأدنى مستوياتها في عدة سنوات، فقد وصلت مخزونات منتجات التكرير المتوسطة، وتشمل الديزل ووقود التدفئة والطائرات في نهاية مارس في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لأدنى مستوياتها منذ أكثر من 12 عاماً. كما انخفضت مخزونات الأنواع نفسها للوقود على الساحل الشرقي للولايات المتحدة لمستويات لم تشهدها البيانات التي تسجل لفترة ممتدة من 1990. تراجعت مخزونات البنزين في المنطقة نفسها لأدنى مستوياتها منذ 2014.

فارق عكسي

إذا احتاجت الحكومات لمزيد من الأدلة على شحّ إمدادات وقود النقل، فما عليها سوى النظر في الفرق بين الأسعار الفورية والمستقبلية للوقود فقد جاوزت الأسعار الفورية لوقود الطرق أسعار التسليم الآجل مشيرة لنقص الإمدادات، وفاق ذاك الفارق مستواه في 2008 حين بلغت أسعار النفط الخام 150 دولاراً للبرميل.

بدل أن تدرك الحكومات حول العالم أن الطلب على الوقود يجب أن ينخفض​​، فهي تبذل ما بوسعها لتعزيزه عبر خفض الضرائب أو إبقاء الدعم أو تحذير تجار التجزئة زعماً بأنهم لم يمرروا التخفيضات الضريبية بالكامل للمستهلكين. يُناقش في واشنطن مشروع قانون يجرّم بيع الوقود الاستهلاكي بسعر استغلالي يفوق المعقول. حثّ وزير الأعمال البريطاني كواسي كوارتنغ تزامناً مع ذلك تجار الوقود بالتجزئة على العدالة بالتعاملات مع السائقين، وحذّر من أن هيئة المنافسة والأسواق باشرت هذا الموضوع.

رغم شيوع هذا فلن يؤدي خفض أسعار الوقود إلا لتردّي الوضع، حيث يرتفع الطلب على وقود النقل خلال فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي، ولن يقتصر الألم على النقل البري وحده، إذ قد تعيد شركات الطيران رسوم الوقود الإضافية خلال الأشهر المقبلة، وتخطط شركة الخطوط الجوية البرتغالية (TAP) فعلاً لزيادة، حيث قالت أن "زيادة أسعار السفر على المدى القصير حتمية."

يؤدي خفض الضرائب على أسعار محطات ضخ الوقود، كما في بريطانيا وغيرها، لتخفيف محدود ومؤقت عن السائقين. لكن رخص الوقود يحفّز الطلب فيؤدي هذا ببساطة لمزيد من الضغط على سلسلة توريد متصدعة مسبقاً، ما يدفع لارتفاع السعر قبل احتساب الضرائب وسرعان ما تضيع أي ثمرة التخفيض.

رغم أن هذا سيكون مؤلماً وغيره، فإن على الحكومات عليها إتاحة المجال لقوى السوق وتخصيص المساعدة لمن يحتاجونها تحديداً، سواء أكانوا شركات نقل أو الناس الأقل حظاً.

ستواصل أسعار الوقود ارتفاعها، ما لم يُقوّض الطلب فيوازي العرض المتاح. إن تخفيض أسعار الوقود عبر التخفيضات الضريبية ما هو إلا إطالة لفترة ألم.

نقلاً عن بلومبيرغ.