سلّطت آرثر دي ليتل، في تقريرها الجديد والخاص بقطاع الطاقة لعام 2022، الضوء على الاتجاهات الرئيسية التي تشكل ملامح قطاع الطاقة والموارد حالياً، في الوقت الذي يشهد فيه القطاع فترة تحول حاسمة مدفوعة بطموحات كبيرة من جانب الدول حول العالم للوصول إلى الحياد الكربوني (صفر انبعاثات كربونية). ويشير التقرير الذي يحمل عنوان «التحول/ التغيير الشامل يبدأ الآن - Disruption Is Now» إلى أن العقد المقبل سيشهد بعضاً من أكثر السنوات إثارة وتحولاً في تاريخ قطاع الطاقة والموارد.
وفيما يلي الاتجاهات الثلاثة الواردة في التقرير:
• تشكل جهود ومبادرات إزالة الكربون الاتجاه الشامل والأهم لجميع القطاعات ولعالمنا بشكل عام. ويظهر مسبقاً التأثير الكبير لمثل هذه المبادرات على التفكير الاستراتيجي والقرارات الاستثمارية المستقبلية للشركات في جميع القطاعات.
• اللامركزية والتي تعني الاعتماد على حلول محلية لتقديم الخدمات بدلاً من الاعتماد على بنية تحتية وطنية أو إقليمية أوسع. وتتمثل مهمة الشركات المتخصصة بشبكات الطاقة في إنشاء بنية تحتية تواكب متطلبات مستقبل قطاع الطاقة ويمكنها استيعاب تقنيات مثل التوليد الموزع (المتقطع) واللامركزي.
• تُعد الرقمنة أو الحاجة إلى رقمنة العمليات لتعزيز مستويات الكفاءة والإنتاجية، وبالتالي الحد من التكاليف، وزيادة تدفق الإيرادات، من خلال التنويع في منتجات وخدمات جديدة، بالإضافة إلى تحسين تجارب العملاء، خطوات ذات أهمية استراتيجية متزايدة للشركات والجهات العاملة في قطاع الطاقة والموارد، فضلاً عن كونها ركائز أساسية في مسيرة تحولها.
وأجرت «آرثر دي ليتل» كجزء من تحليلاتها لواقع وآفاق قطاع الطاقة والموارد مراجعة تفصيلية للاستثمارات التي تقوم بها الشركات التقليدية في العديد من المجالات المختلفة، بما في ذلك عمليات التنقيب والاستخراج والتكرير والتوزيع في قطاع النفط والغاز، وتوليد الطاقة، والشبكات، والبنية التحتية، وخدمات العملاء، والحلول، والنفايات، والمياه، والمعادن، والتعدين.
ولفت التقرير إلى أن كافة المعطيات تشير إلى أنه من الواضح أن قطاع الطاقة والموارد سيحتاج إلى المرور بمرحلة من التغيير غير المسبوق، إذا ما أراد التكيف مع عالم خالٍ من الكربون ويعتمد على اللا مركزية والرقمنة على نحو متزايد. وتوفر الأبحاث والاتجاهات والرؤى الواردة في تقرير «آرثر دي ليتل» مجموعة من الأدوات لتحفيز الشركات العاملة في قطاع الطاقة والموارد على البدء بالتفكير في مستقبلها واتخاذ الإجراءات اللازمة التي تضمن لها تحقيق نجاحات مستدامة، هذا إلى جانب تسليط الضوء على حاجة الشركات والحكومات لتقييم العمليات اليومية والقرارات الاستراتيجية طويلة المدى.
وأشار التقرير إلى أن النهج التي يتخذه اليوم قطاع الطاقة والموارد استعداداً للتحوّل، سيحدد قدرته على الاستدامة، أو يمكن أن يؤثر سلباً على مزاياه التنافسية على مدار العقد المقبل. ويسلط التقرير الجديد الضوء على الاتجاهات الرئيسة التي تركز على إحداث التحول لمساعدة الشركات على البدء في التفكير بشكل مختلف وبطريقة غالباً ما تتعارض مع نماذج عملها التقليدية.
وقال عدنان مرحبا، شريك ومسؤول قطاع الطاقة في «آرثر دي ليتل» الشرق الأوسط والهند: «بكل تأكيد ليس هناك استراتيجية واحدة تناسب الجميع - فبالنسبة لبعض الشركات الرائدة في مجال الطاقة، ستتطلب الرحلة القادمة منهم إجراء تقييم شامل لأصولهم العالمية والإقليمية لتحديد الأصول المعرضة للخطر، ومحاولة الخروج منها وفقاً لذلك. وبالنسبة لشركات أخرى، سيكون التركيز على التنويع، وتعزيز وجودها في السوق من خلال تعزيز كفاءاتها وقدراتها الحالية واكتساب قدرات جديدة، أو إنشاء شراكات لتقاسم المخاطر والتي تمكنها من استغلال الفرص الجديدة. وبالنسبة لمعظم الشركات، فإن تعزيز الكفاءات التشغيلية من خلال تبني الرقمنة، والحد من انبعاثات الكربون لتلبية الطلب المتزايد من جانب المستثمرين والمساهمين هو السبيل الوحيد للمضي قدماً والتكيف بسرعة مع الظروف المتغيرة والتحولات المستمرة في السوق».
وتطرّق التقرير إلى أحد المجالات المهمة في قطاع الطاقة والمتمثل في اقتصاد الهيدروجين الذي من المتوقع أن تناهز قيمته 700 مليار دولار بحلول عام 2050، مع توقعات أن يستحوذ الهيدروجين الأخضر على حصة الأسد في هذا الاقتصاد الجديد. وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، فقد خطت بعض الحكومات خطوات متقدمة لدعم الانتقال نحو مستقبل أكثر اخضراراً في القطاعات التي يصعب فيها التخلص نهائياً من الكربون. وفي الآونة الأخيرة، وحّدت الإمارات العربية المتحدة جهودها مع هولندا لتعزيز أبحاثها وجهودها في مجال الطاقة الهيدروجينية. وتساهم هذه الشراكات في تحفيز التحوّل نحو طاقة الهيدروجين، وتحقيق مستهدفات البلدين المتوائمة مع اتفاقية باريس للتغير المناخي. ومن جانبها أعلنت المملكة العربية السعودية عن توقيع مذكرة تفاهم مع ألمانيا لتشكيل تحالف استراتيجي في مجال تطوير الهيدروجين الأخضر، يستهدف تعزيز التعاون بين الجانبين في مجال توليد وقود الهيدروجين النظيف، ومعالجته، واستخدامه، ونقله، وتسويقه بشكلٍ مشترك. وستساعد هذه الشراكة في تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كمنتج عالمي للهيدروجين الأخضر.
وبدوره، قال كارلو ستيلا، شريك في قطاع الطاقة والمرافق في «آرثر دي ليتل» الشرق الأوسط والهند: «من المقرر أن يساهم الهيدروجين بدور محوري في تنويع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي نظراً لما يوفره من إمكانات كبيرة يمكن أن تستفيد منها دول المنطقة لترسيخ مكانتها كمركز عالمي للطاقة الخضراء وذلك بالتوازي مع التحولات المتسارعة التي نشهدها على صعيد التحول في مصادر الطاقة تماشياً مع الجهود العالمية المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويساهم التطور المتزايد لحالات الاستخدام المتقدمة في جعل الهيدروجين الأخضر إجراءً رئيسياً لإزالة الكربون وخلق اقتصاد دائري لصالح جميع أصحاب المصلحة المنخرطين في سلسلة القيمة.»
ويقدّم التقرير مجموعة من الرؤى التي تم جمعها من الشركات على مدار العام الماضي، كما يعرض مجموعة من الأبحاث التي أجرتها «آرثر دي ليتل» في مجال ممارسات الطاقة العالمية. وتوفر هذه الرؤى والأبحاث مجتمعة نظرة عامة حول التقدم الذي يتم إحرازه على صعيد التحول نحو مستقبل خال من الكربون، والتحديات التي ما زالت تنتظر الشركات العاملة في قطاعي الطاقة والمرافق، والتأثيرات المتوقعة عليها عبر سلسلة القيمة بأكملها. إضافة إلى ذلك، يعرض التقرير وجهات نظر قيّمة من جانب مجموعة من خبراء القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي وتجاربهم في شركات رائدة مثل مجموعة أدنوك وشركة «بيئة تنظيف»، إضافة إلى تسليط الضوء على مجموعة من الأمثلة والمساهمات العالمية.