الخميس - 21 نوفمبر 2024
الخميس - 21 نوفمبر 2024

لا تغلف الحقائق المُرّة بالسكر!

لا تغلف الحقائق المُرّة بالسكر!

عباس ناصر - كاتب

ربما من أكثر ما يقطع نياط القلب في حياتنا نحن البشر هو أن نجد أنفسنا في تلك المواقف المُرّة التي نغلفها بالسكر بدلاً من أن نواجهها بشجاعة ونُقرّ بحقيقتها، ونتعامل معها بالصدق الصريح بدلاً من الكذب المُجمّل.. إننا نغلفها بسكر المجاملة أحياناً، ونسميها بغير أسمائها أحياناً أخرى. بعضنا يرى أن تلك الاستراتيجية منجية من الألم، أي أنها بمنزلة المُخدر الموضعي.. لا إشكال أبداً، فقد بتنا في عالمٍ تعددت فيه المسميات وتنوعت!

فتش في الحياة والناس من حولك، وأمعن فكرك؛ كم من حقائق تدور حولنا وندرك حقيقتها لكننا نغلفها بالسكر تعمداً ونُلبسها غير لباسها. أسَرَّ لي أحدهم بقصة لفتاة أمست ضحية لأخيها الكبير بالمنزل، والذي كثيراً ما كان يرفض من يتقدمون لخطبتها بحجة أنها لا تعرف مصلحتها، وأنها غير قادرة على الاختيار، فاختار لها شخصاً رأى أنه الأفضل لها، فتزوجته كارهة، بينما رغبتها كانت في الارتباط بغيره، لقد زعم أنه أعلم بمن يناسبها، وأدرى بما فيه مصلحتها، وأنه يتحاكم إلى العقل لا إلى العاطفة، هذا ما يبديه ظاهراً، لكنه أغفل الحقيقة المرة، وهي رغبته في السيطرة والتحكم، وعقدة الأخ الأكبر تقود سلوكه، ولجأ ليغلف تلك الحقيقة المرة بسكرٍ كاذب باتَ جلياً.

كم من حقيقةٍ عوجاء ترتدي غير زيها، فتبدو مقنعة لمن يقبلون التبريرات الظاهرة حول الكثير من القضايا حولنا، ولك عزيزي القارئ أن تتخيل وتقيس على ذلك الكثير من ما قد واجهتهُ أو شاهدتهُ بعينك. لذا أرى أن من الحكمة أن لا نسعى إلى تجميل الواقع بتصنع المظاهر. وأن ندرك أننا نستطيع مواجهة الكثير من التحديات فقط حين نراها بحقيقتها التامة المتجردة.

لن ينمو المجتمع ما دام يخفي الوجه الصادق ويظهر بوجه غير وجهه الصحيح، و ما دامت الأمور تقاس بمقياس غير حقيقي له وجه برّاق يسلب الأنظار، ولن تزدهر الأمم إلا إذا تقبلت الحقائق كما هي حتى ولو كانت مرّة تشرق بها الحلوق، والحقائق لا تتغير حتى وإن تغيرت مسمياتها وتعددت!