لماذا قرر ترامب اغتيال سليماني؟

بقلم: أحمد الباز باحث في العلاقات الدولية ـ مصر

دائماً كان دونالد ترامب يقوم بتسويق نفسه بأنه الرئيس الأمريكي الذي لم ولن يرسل جنود بلاده خارج الديار، وهو بذلك يقدم نفسه بأنه الذي يلبي نداء الأمهات الأمريكيات المطالبات بالتوقف عن إرسال أبنائهن إلى مستنقع الشرق الأوسط.

هذه السياسة تعتبر ركناً هاماً في خطته للدخول مرة أخرى إلى البيت الأبيض، لكنه في الوقت نفسه يحتاج لإثبات أنه رجل قوى يستطيع أن يتخذ قرارات ساخنة.

فقرار اغتيال أبوبكر البغدادي لا يحقق هذا الغرض، فالبغدادي عدو الجميع، ويظل مجرد شخص غير مرتبط رسمياً بأي دولة، وبالتالي يظل إرهابياً لكن بدرجة رفيعة.

حيث احتاج ترامب إلى تأكيد قوته وأنه ليس فقط سمساراً، وهذه القوة يبدو أنه احتاج إليها لتثبيت وجوده، واغتيال قائد إيراني بحجم سليماني يوفر هذا الغرض، ويساعده الوضع في العراق والتغول الإيراني هناك في صناعة مبررات يتم تقديمها للرأي العام، وحتماً تم وضع سيناريوهات للتعامل مع أي رد إيراني محتمل.

هكذا، يكون ترامب قد حقق معادلة معقدة، وهي أنه حارب وفي الوقت نفسه لم يحارب، أثبت قوته عبر عملية حساسة جداً وهي قتل سليماني، ويكون بذلك قد حارب إيران، ولم يحارب في الوقت نفسه، حيث لم يرسل الجنود الأمريكيين خارج الديار.

الآن، هو رجل قوي، شجاع، حارب ولم يحارب.. قضى على البغدادي وسليماني في عمليتين لم يكلفا الجيش الأمريكي سوى قوة محمولة جواً وبعض صواريخ من درون.. بخلاف أنه أفاد الاقتصاد الأمريكي، التقييم الأهم حالياً ليس رأي الباحثين بمختلف توجهاتهم، بقدر ما هو رصد ردة الفعل في الداخل.. فهل يؤيد الأمريكيون ما قام به ترامب أم لا؟