استعادت قاعات السينما في المدن التونسية جمهورها المتعطش للفن السابع بعد توقف طيلة عام ونصف، حيث أعاد الفيلم الجديد «مجنون فرح» لأصغر المخرجات التونسيات ليلى بوزيد، ماكينات دور العرض التونسية للعمل من جديد.
ويعتبر «مجنون فرح» الفيلم الطويل الثاني لبوزيد بعد فيلمها على حلة عيني الذي قدمته في 2015.
«مجنون فرح» الذي انطلقت عروضه منتصف الأسبوع اختتم أسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي كما حاز جائزة مهرجان أنغوليم للفيلم الفرنكفوني والجائزة الثانية في التمثيل للممثل الفرنسي الشاب من أصول جزائرية سامي عوطبالي الذي أدى دور أحمد وناس في الفيلم وتقاسم البطولة مع الممثلة التونسية الشابة زبيدة بالحاج عمر التي أدت دور فرح.
الحضور الأساسي في العمل من نصيب فرح (زبيدة بالحاج عمر) وأحمد (سامي عوطبالي) أما بقية الممثلين فأدوارهم بسيطة، حيث يبدأ الفيلم بلقاء في جامعة السوربون في باريس يجمع الطالبين أحمد من أصول جزائرية الذي لم يزر الجزائر ولا يتقن اللغة العربية وفرح طالبة تونسية جاءت إلى باريس لدراسة الأدب العربي فتجمعها الصدفة مع أحمد في نفس الفصل الجامعي في السوربون.
تبدأ علاقتهما بنظرة وابتسامة كما يقول المثل العربي ويكتشفان عمق التراث العربي في أدب العشق وسير العشاق، حيث يحفل الفيلم بسير الشعراء العرب مثل مجنون ليلى وجميل بثينة وأبونواس وابن حزم وكتابه طوق الحمامة.
وفتحت المخرجة وكاتبة السيناريو ليلى بوزيد نافذة على تراث العرب في العشق في فيلم ناطق باللغة الفرنسية (مدبلج باللهجة التونسية) وواضح أنه اختبار مقصود لطرح أسئلة حول التراث والهوية فأحمد يعاني أزمة هوية فهو فرنسي من أصول جزائرية يعاني عدم القدرة على الاندماج في المجتمع الفرنسي فهو يرفض تحرر فرح وتحرر شقيقته في علاقتها العاطفية مع شاب فرنسي لكنه في نفس الوقت يجهل تراثه فيعيش تمزقاً بين روحه وجسده وهذا هو السؤال الأساسي الذي تطرحه ليلى بوزيد في فيلمها.
يقدم الفيلم من جهة أخرى رحلة في عالم المهاجرين من خلال عائلة أحمد فوالده صحفي يصل إلى باريس هارباً من الإرهاب لكنه يعجز عن الحصول على عمل يلائم مستواه الثقافي فيعيش مع عائلته في حي للمهاجرين الأفارقة الذين يعانون عدم الاندماج.
وتتجول كاميرا بوزيد بالمشاهدين في أحياء المهاجرين وفي معالمها على إيقاع موسيقي، حيث يعتبر «مجنون فرح» الذي يستمد عنوانه من مجنون ليلى رحلة سينمائية في كتب العشق في التراث العربي وشعرائه.