تحقّق السينما التونسية قفزة جديدة تزيد من انتشارها مع بدء منصة «نتفليكس» قبل أسابيع عرض أفلام تونسية أنتجت خلال السنوات الأخيرة.
وفي مطلع القرن الحالي، كانت السينما التونسية في ما يشبه حالة موت بطيء، إذ لم تكن تنتج أكثر من فيلمين أو 3 في السنة، لكن في عام 2012، سجلت نقلة نوعية وصارت تنتج سنوياً 12 فيلماً طويلاً لاقى معظمها استحسان الجمهور محلياً وعربياً ودولياً، ونالت جوائز في مهرجانات سينمائية شهيرة.
وتمكن جيل شاب من المخرجين والمنتجين التونسيين من تناول مواضيع اجتماعية وسياسية، بينها الحريات الفردية والتشدد الديني وحقوق المرأة، فساهموا في ظهور «سينما جديدة».
وفي أول تعاون بين مخرجين تونسيين وخدمة «نتفليكس» للبث التدفقي، ستعرض المنصة الأمريكية العملاقة أعمالاً سينمائية من تونس.
وتقول مديرة قسم المشتريات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أإفريقيا وتركيا في «نتفليكس» نهى الطيب لوكالة فرانس برس «نحن نبحث عن مواضيع تحفّز على الإبداع والخيال وتثير نقاشاً، والأفلام التونسية تتمتع بقدرة فائقة على معالجة قضايا جوهرية»، معتبرة الخطوة «منصة للتعبير بين سينمائيين من العالم العربي والجمهور العريض».
وتضيف «القصص العظيمة تأتي من أي مكان، وما يهمنا خصوصاً القصص المحلية الأصيلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعدّ بوتقة لثقافات متنوعة مختلفة» عما هي الحال في الدول الغربية.
وسيضيف عملاق البث التدفقي الذي يتخذ في كاليفورنيا مقراً، قريباً إلى منصته قرابة 40 فيلماً عربياً من بينها 4 أفلام روائية طويلة من تونس أنتجت في الفترة ما بين 2017 و2019، بحسب بيان صدر عنه الخميس.
ومن المتوقع أن يبث الفيلم الروائي الطويل «نورا تحلم» للمخرجة التونسية هند بوجمعة اعتباراً من 25 يونيو.
ويعالج الفيلم الحاصل على الجائزة الكبرى في مهرجان قرطاج السينمائي في نوفمبر الماضي، مسائل حساسة ومحظورة اجتماعياً، من خلال قصة أم كادحة من وسط شعبي تتعرض لعنف مادي ومعنوي، لكنها تستمر في الحلم بحياة أفضل مع حبيبها الذي تلتقيه خلسة.
وتقوم الممثلة التونسية هند صبري بدور الأم فيه، وأعلنت صبري الشهر الفائت أنها بدأت تعاوناً مع منصة «نتفليكس» في إطار الإنتاج.
وكتبت على حسابها على «إنستغرام» قائلة «أشعر بالحماسة والسعادة، وأنا أشارككم خبر انضمامي إلى عائلة نتفليكس في عمل فني جديد يحمل رؤية جديدة تتركز حول المرأة العربية».
وأضافت «للمرة الأولى، سأكون منتجة تنفيذية لمسلسل عربي يعرض على نطاق عالمي»، ومن المتوقع أن ينطلق التصوير في خريف 2021.
كذلك، ستعرض «نتفليكس» فيلم «بيك نعيش»، باكورة الأعمال السينمائية الطويلة للمخرج الشاب مهدي البرصاوي، والذي يتناول العلاقات العائلية وحدود الحريات الجديدة بعد ثورة عام 2011 في تونس.
واستهلت «نتفليكس» العروض التونسية ببث فيلم «على كف عفريت» لكوثر بن هنية في مايو الفائت، ويتطرق إلى صعوبات واجهت امرأة تونسية تعرضت للاغتصاب، وهو مقتبس من واقعة اغتصاب أمنيّين لفتاة هزت الرأي العام في تونس عام 2012.
وتلاه عرض فيلم «دشرة»، أول فيلم رعب تونسي، لعبد الحميد بوشناق في 6 يونيو الحالي.
ويرصد الفيلم الذي حقّق نجاحاً كبيراً عند انطلاق عروضه عام 2019 مع مشاهدة أكثر من 350 ألف شخص له، ظاهرة السحر والشعوذة وأكل لحوم البشر.
وإذا كان التعاون بين السينما التونسية و«نتفليكس» بدأ حديثاً، فإن المنصة تستضيف أعمالاً عدة من العالم العربي.
وستعرض المنصة الفيلم الجزائري «بابيشا» لمنية مدور الممنوع في الجزائر، والذي يروي قصة الطالبة «نجمة» خلال الحرب الأهلية التي مزقت البلاد بين عامي 1992 و2002.
وكان خروج الفيلم إلى الصالات في الجزائر مقرراً في سبتمبر الماضي، لكنه مُنع في اللحظة الأخيرة من دون تبريرات من السلطات الجزائرية.
وأعلنت شركة «نتفليكس» الخميس ارتفاع أرباحها مع ازدياد عدد المشتركين في خدماتها للبث التدفقي بحوالي 16 مليوناً في العالم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، نصفهم تقريباً في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.