نظَّمت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، خلال مشاركتها في الدورة الـ31 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، عدداً من الفعاليات المعرفية المتنوعة يومَي 24 و25 مايو، سلَّطت خلالها الضوء على معزّزات التقدُّم البشري والتحوُّلات المعرفية بمنطقة الخليج، والبصمة اللافتة للغة العربية في الازدهار والتنمية، وسط إقبال من زوَّار المعرض على الحضور والمساهمة في الجلسات والندوات النقاشية.
وزار وفد من وزارة التربية والتعليم جناح المؤسَّسة، للاطلاع على آخر مستجدات مركز المعرفة الرقمي، حيث قدَّم فريق العمل شرحاً مفصلاً حول المركز الذي يُعدُّ منصة عربية مفتوحة تشمل 1.7 مليون مادة رقمية، وتتيح حلولاً لبناء المكتبات الرقمية ومشاركة المحتوى للجامعات والمدارس والمؤسَّسات الحكومية، من خلال إنشاء منصتها الخاصة بما يوفِّر لها إتاحة المحتوى دون الحاجة إلى تحمُّل كلف بناء منصة مستقلة.
حوارات المعرفة
وعقدت المؤسَّسة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عدة جلسات نقاشية ضمن سلسلة «حوارات المعرفة»، حيث ناقشت الجلسة الأولى «التنمُّر الإلكتروني» وكيف يمكن الوقاية منه، بمشاركة الدكتورة حصة الكعبي، رئيس وحدة حماية الطفل -مؤسَّسة الإمارات للتعليم المدرسي- وأدارت الجلسة خديجة الشريف، مستشار حماية الطفل والصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في مؤسَّسة "ChildFun".
وقدَّمت الكعبي في بداية الجلسة، نظرة عامة حول مفهوم التنمُّر الذي يتمثَّل في تكرار الاعتداء اللفظي والجسدي أو بأية صورة أخرى، مشيرة إلى أنَّ التنمُّر يوجد بشكل أساسي في المدارس وبأشكال مختلفة، كما أنَّ التنمُّر الإلكتروني تنامى كثيراً بفعل الاتجاه نحو الدراسة عن بُعد، لنجد أنه يتخذ العديد من الصور التي هي أكثر حدة في التأثيرات السلبية في الأطفال.
وأكَّدت الكعبي أنَّ تزايد التنمُّر الإلكتروني، يرجع إلى قلة الوعي لدى الطلاب بشأن الخصوصية ومشاركة الملفات أو المعلومات الخاصة بحساباتهم مع أقرانهم، حيث يتسبب ذلك في تحوُّل التنمُّر إلى تهديد وابتزاز، مستعرضةً بعض تجارب التنمُّر التي تعرَّض لها الطلاب خلال فترة التعليم عن بُعد، ودور وحدة حماية الطفل في وزارة التربية والتعليم نحو التعامل مع ذلك عبر إعداد برامج توعوية وتأهيلية وعلاجية للطلاب الذين تعرضوا للتنمُّر.
وأوضحت الكعبي أنَّ للأسرة دوراً مهماً جداً في مكافحة التنمُّر الإلكتروني، وحماية الأطفال من الممارسات الإلكترونية التي تنتهك الخصوصية، والتي تتزايد عبر وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، خاصة أنَّ الأسرة مطالبة بالمتابعة الحثيثة لأنشطة الأطفال عبر هذه المنصات من خلال البرامج التقنية للرقابة والتحكُّم في استخداماتهم، مشددة على أنَّ الطفل بعمر أقل من 18 عاماً سواء أكان متنمِّراً أو متنمَّراً عليه، فهو ضحية، ويجب بحث حالته من كافة الجوانب.. وتضطلع الأسرة بدور أساسي في هذا الأمر من خلال تقوية شخصية الأطفال وبناء علاقة متينة معهم، تشجعهم على الإفصاح عن ممارسات التنمُّر أو الاستغلال والابتزاز الإلكتروني.
البيانات الجيومكانية
في حين ناقشت الجلسة الثانية بعنوان «البيانات الجيومكانية: توسيع نطاق التقدُّم البشري» حلول استخدام البيانات الجغرافية المكانية عبر العديد من الصناعات والقطاعات، وتأثيرها في صنع السياسات، وذلك بمشاركة علي السامرائي، خبير التكامل الحضري، وأدارت الجلسة منى الشلقامي، أستاذ مساعد، كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.
وقدَّم السامرائي عرضاً شاملاً حول البيانات الجيومكانية وأمثلة مختلفة حول استخداماتها، مشيراً إلى أنها بيانات يتم جمعها من مكان محدَّد أو حول عرق معين، وتتضمَّن عدداً من المتغيِّرات من بينها الوقت والجغرافية، حيث يمكن الاستعانة بها للتحليل والتنبُّؤ من أجل اتخاذ القرارات في العديد من المجالات.
وأكَّد السامرائي أنَّ مخرجات البيانات الجيومكانية تكون جيدة ومفيدة في حال كانت المدخلات تتمتَّع بدقة عالية، إذ يجب أن يكون هناك كمٌّ كافٍ من البيانات الدقيقة والواضحة، التي من يمكن الاستفادة منها في السياسات العامة، مشيراً إلى أنَّ البيانات الجيومكانية لها تأثيرات هائلة في جميع مناحي الحياة، حيث يمكن من خلالها مثلاً تقليص معدلات الجرائم، وذلك من خلال مساعدة الدول على كشف المناطق ذات المعدلات الأعلى في نسب الجرائم، ومن ثمَّ التوصُّل إلى استراتيجية وقائية للمستقبل.
وأوضح السامرائي أنَّ البيانات الجيومكانية يمكن الاستعانة بها في أية مدينة حول العالم، بهدف رفع جودة الخدمات المقدمة للسكان، وذلك من خلال تحديد مستوى الخدمات المتاحة، والاستفادة منها في اتخاذ القرارات ووضع الخطط المستقبلية لتحقيق الأهداف، مستعرضاً في ذات الإطار بعض نماذج الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول في استخدام البيانات الجيومكانية، والاستعانة بها في وضع السياسات والاستراتيجيات المستقبلية.
وأكَّد السامرائي أنَّ البيانات الجيومكانية بمثابة داعم أساسي لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030، نظراً لقدرتها على المساعدة في تسريع تحقيق هذه الأهداف ومواجهة التحديات من الوصول إلى المياه النظيفة، وتخفيض الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء، فضلاً عن الاستجابة السريعة واتخاذ خطوات استباقية للتحديات الآنية، موضحاً ضرورة العمل على اتجاهين نحو إتاحة هذه البيانات بشكل واسع مع المجتمع المدني.