عقدت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، خلال مشاركتها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب بدورته الـ31، مجموعة واسعة من الفعاليات المنبثقة عن مبادراتها المعرفية المتنوعة، انطلاقاً من حرصها على تعزيز الحراك المعرفي وتنمية رأس المال البشري، عبر تحقيق أقصى استفادة للزوار والمشاركين، وذلك بحضور العديد من الأدباء والمفكرين الإماراتيين والعرب ذوي المعارف الواسعة والمواهب المتعددة.
وشهد جناح المؤسَّسة في اليوم الأول، عقد جلسة حوارية ضمن سلسلة حوارات المعرفة 2022، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الشريك المعرفي، تحت عنوان «أهمية البحوث في تنمية المجتمعات»، بمشاركة الدكتورة فاطمة الشامسي، باحثة أكاديمية وخبيرة اقتصادية، وأدار الندوة الدكتور هايل عبيدات، مستشار أول "G42-HYT".
واستعرضت الشامسي في بداية الجلسة أهمية البحث العلمي في التطور والنمو الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسي، مشيرة إلى أن الدول المتقدمة تعتمد على البحوث العلمية كمقياس للسياسات والإنتاجية في كافة مناحي الحياة، حيث يلعب دوراً هاماً وداعماً في التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وذلك بالنظر إلى البحوث التطبيقية التي تمثل أداة رئيسية في توفير الحلول للمشاكل الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.
وأوضحت الشامسي أن مقومات البحث العلمي تعتمد بشكل أساسي على نظرة متخذي القرار إلى أهمية هذا القطاع، حيث يجب أن يكون هناك إنفاقاً حكومياً على البحث العلمي بنسبة تتجاوز 2% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب منظمة اليونيسكو، وذلك حتى تستطيع الدولة تحقيق نمو اقتصادي متقدم، بجانب توفير مورد بشري مؤهل وقادر على تطوير البيانات وتحليلها، وبنية تحتية متقدمة.
تحديات عربية
وأكدت الشامسي أن معدلات الإنتاج في الدول المتقدمة تزدهر بفضل البحث العلمي، حيث تستحوذ كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية على النسبة الأكبر من الأبحاث العلمية الصادرة على مستوى العالم، مشيرة إلى أن 10% فقط من دول العالم تستحوذ على 80% من حجم الإنفاق العالمي على البحث العلمي الذي بلغ 1 تريليون و700 مليون دولار في 2019.
وسلّطت الشامسي الضوء على قطاع البحث العلمي في المنطقة العربية، مؤكدة أن الدول العربية خارج نطاق المنافسة العالمية نتيجة العديد من التحديات التي يأتي في مقدمتها افتقار ثقافة البحث العلمي بشكل كبير، وقلة التمويل وغياب السياسات والنظم الضابطة للبحث والتطوير، وانخفاض أعداد الباحثين، مشيرةً إلى أن نسبة الباحثين في المنطقة العربية تصل إلى 450 باحثاً لكل مليون نسمة، بالمقارنة مع 5 آلاف باحث لكل مليون نسمة في الدول الأوروبية والمتقدمة.
وأشادت الشامسي بالاهتمام البالغ التي توليه دولة الإمارات العربية المتحدة للبحث العلمي خلال السنوات القليلة الماضية، والإدراك لأهميته كمكون رئيسي في اقتصاد المعرفة، حيث استطاعت الارتقاء في مؤشر المعرفة إلى المرتبة 11 عالمياً في العام 2021، بفضل تضاعف الإنفاق على البحث العلمي والقطاعات الأخرى التي تركز على الإبداع والابتكار، فضلاً عن الاهتمام الواسع من القيادة الرشيدة في دعم المؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية الحكومية والخاصة، ما ساهم في زيادة الأبحاث العلمية من 15 ألف بحث خلال الفترة بين عام 1996 إلى عام 2010، لأكثر من 57 ألف بحث خلال السنوات القليلة الماضية بمعدل نمو بلغ 14%.
وأضافت: «ارتفع عدد الباحثين الإماراتيين من 18,343 باحثاً في العام 2015، إلى 22,911 باحثاً في 2018، ومن المتوقع مواصلة ارتفاع أعداد الباحثين في الدولة، خاصة في ظل السياسات والاستراتيجيات الحكومية التي تعزز البحث العلمي. كل ذلك بجانب التطور الملحوظ في جودة البحث العلمي الإماراتي والذي يمكن قياسه من خلال الأبحاث المنشورة في أبرز المجلات العلمية العالمية».
استراحة معرفة
وفي ضوء مبادرة «استراحة معرفة»، إحدى مبادرات المؤسَّسة الهادفة إلى ترسيخ ثقافة القراءة ودمجها في الحياة اليومية في جميع إمارات الدولة والدول العربية، عُقدت جلسة نقاشية بعنوان: «في عالم المعرفة جوائز الكتب وعالمية الكتاب العربي»، وذلك بمشاركة الدكتور شكري المبخوت أستاذ جامعي وأديب تونسي، حاصل على الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2015، وجائزة الملك فيصل العالمية لعام 2018، وطارق إمام، روائي مصري من مرشحي القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2022، والحائز على عدة جوائز أدبية، وبشرى خلفان، كاتبة وروائية عمانية، من مرشحي القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2022. وأدار الجلسة الدكتور جمال مقابلة، أستاذ جامعي وناقد أدبي.
ومن المقرر أن يشهد اليوم الثاني للمعرض، تنظيم ندوة حوارية حول موضوع «التنمر الإلكتروني»، وحلقة نقاشية حول المجموعة القصصية المصورة «عجين الحنين» ضمن برنامج دبي الدولي للكتابة، إحدى مبادرات المؤسَّسة الهادفة إلى تشجيع وتمكين المواهب الشابة ممن يمتلكون موهبة الكتابة في شتى حقول المعرفة، فضلاً عن تنظيم جلسة حوارية ضمن مبادرة «استراحة معرفة» بعنوان: «اكتشافات الرحالة العرب في بلاد الغرب» حيث تستضيف الشاعر السوري الكبير نوري الجراح، ويحاوره الكاتب الصحفي والشاعر حسين درويش.