أكد عددٌ من الكتّاب والروائيين العرب، أن القارئ هو الغاية الرئيسية للكاتب على اختلاف الأجناس التي يكتب بها، إلّا أن ذلك لا يعني أن يفرض القارئ سلطته على المبدع ويقيّد حريتّه، مشيرين إلى أن الجوائز رغم أهميتها للكاتب، إلا أنها قد تتحوّل إلى تحدٍ أمام الكتاب وتعيق مسيرتهم الإبداعية، إذا أصبحت هاجسهم وشاغلهم وباتوا يتكلفون الكتابة لإرضاء لجان التحكيم.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظمتها مبادرة «ثقافة بلا حدود» ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2021، واستضافت خلالها تحت عنوان «أوائل الثقافة» كلاً من الكاتب والروائي الإماراتي عبدالله النعيمي، الذي حازت روايته «شقة زبيدة» جائزة أفضل كتاب إماراتي في معرض الشارقة الدولي للكتاب عام 2019، والكاتبة العراقية شهد الراوي، التي وصلت روايتها «ساعة بغداد» إلى القائمة القصيرة للرواية العربية، في الجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر)، والكاتبة المصرية أمل فرح، الحائزة عدداً من الجوائز في أدب الطفل، والكاتبة الإماراتية نادية النجار، الحاصلة على جوائز متعددة عن مجموعة من قصصها ورواياتها.
«شقة زبيدة»
وفي معرض حديثه عن الكتاب الذي وضعه في قائمة الأوائل، قال عبدالله النعيمي: «رواية (شقة زبيدة) اجتماعية تحكي قصة معاناة إنسانية، وتعبر عن أوضاع مأساوية تمر بها بطلة الرواية، وتحولها من حالة الرخاء والاستقرار الاجتماعي، إلى حالة الخراب الذي أفرزته الحروب ومآسي دمارها»، مبيناً أنه لم يتعرض فيها لمكان أو زمان محددين، كي تلامس معاناة الإنسان أياً كان وفي أي مكان وُجد.
وتابع عبدالله أنه لا يكتب للجوائز، وإنما يكتب لمتعة الكتابة، ويعيش عالم الكتابة بكل تجلياته، ولا ينبغي لأي كاتب أن يقع في فخ الكتابة لأجل الجوائز، لأن ذلك يدفعه إلى التصنع والتقيد، ولا بد للإبداع أن يطلق له العنان كي يكون مؤهلاً لاعتلاء منصات النجاح، لافتاً إلى أن الجائزة الرصينة، التي تعمل وفق منهجيات احترافية تمنح الكاتب تقييماً واقعياً لعمله، وتشكل دافعاً كبيراً للكاتب للاستمرار.
فناء النسيان
بدورها سلطت شهد الراوي الضوء على روايتها (ساعة بغداد)، حيث أوضحت أنها كتبتها بهدف مكافحة النسيان الذي يمر به الإنسان، حيث توثق فترة مهمة من مراحل العراق، واختلافات أوضاعه بين مرحلتي ما قبل الحرب وبعدها، وهي ترصد التحركات السلوكية ونمط الحياة والتغييرات التي أفرزتها الحرب على كل وجوه الحياة في بغداد، حتى المتغيرات التي طالت المطبخ العراقي، وذلك بعين طفلة مرت عليها تلك المآسي في مراحل نضجها.
وأشارت شهد إلى ما وصفتها بالخلطات الجاهزة التي يضعها بعض الكتاب في أعمالهم، تماشياً مع متطلبات الجوائز ولجان تحكيمها، وأكدت أن هذه الخلطات بدت واضحة في أعمال عدد من المبدعين المرموقين، مشيرة إلى أن القراءة للكاتب تجعله بارعاً في فهم الآخر وهو يكتب، وهذا من الأهمية في ولادة أعمال إبداعية تخترق المجتمع وتسمو بأفراده.
الآليون القادمون
من جهتها، أشارت أمل فرح إلى أنها حطت رحالها في عالم الكتابة للطفل، بعد أن صدمها عالم الكبار، مؤكدة أن الإبداع هو أهم وسيلة لترسيخ أركان الإنسانية بين البشر، وقالت: «من غير المنصف تقييم الإبداع بلجنة تحكيم قوامها خمسة أشخاص، حيث ترى أن المبدع لا تحكمه لجنة تحكيم، لأن الإبداع بحد ذاته هو عمل خارج عن نطاق المعتاد أو القيود، أما ما يقيم العمل الإبداعي الحقيقي فهو مدى استدامته واستمرارية تأثيره».
أمانة السرد
وحول روايتها «ثلاثية الدال» الفائزة بجائزة أفضل رواية إماراتية في مجال الإبداع، قالت نادية النجار: «إن الرواية تتحدث عن حادثة واقعية مرت على سفينة في دبي، احترقت منذ أكثر من 50 عاماً»، وحاولت أن تكون أمينة في نقل الوقائع ووصف السفينة، وإن كانت شخصياتها من وحي الخيال.
وحول إسهام القراءة في تطوير الأجيال والمجتمعات، قالت نادية: «إن المجتمع القارئ هو مجتمع مبدع؛ لأن القراءة تنمي الخيال، وهو مجتمع مفكر؛ لأن الكتب تطرح الأسئلة، وكذلك هو مجتمع متسامح؛ لأن الكتب تسهم في تلاقح الثقافات». مشيرة إلى أن معرض الشارقة للكتاب يؤكد كل عام أن القراءة لا تزال بخير.