على مساحة تقدر بستة دونمات لا يزال «قصر الباشا» الذي يقع وسط مدينة غزة شامخاً وهو النموذج الوحيد المتبقي من القصور في غزة.
وبات القصر يمثل معلماً تاريخياً وحضارياً وأثرياً مهماً في المدينة منذ إنشائه في العهد المملوكي قبل أكثر من 7 قرون، وحتى يومنا هذا الذي تحول جزء منه إلى متحف.
ويقع القصر الذي يعتبر قلعةً قديمةً، في شارع الوحدة بمدينة غزة، وله عدة مسميات أشهرها «قصر الباشا»، ولا يُعرف تحديداً متى تم بناؤه، ولكن طريقة تصميم المدخل بالإضافة إلى البناء الداخلي تشيران إلى أنه تم تشييده خلال فترة الحكم المملوكي.
وقالت الباحثة في التاريخ والآثار القديمة نريمان خلة لـ«الرؤية»: «يعد قصر الباشا من أهم القصور الموجودة في فلسطين، وهو القصر الوحيد المتبقي في البلدة القديمة بمدينة غزة، ويقع في حي الدرج بالجهة الشرقية في البلدة القديمة».
وأضافت: «يتكون القصر من مبنيين منفصلين بينهما حديقة، الأول مبنى الإدارة، والثاني مبنى المتحف وهو الجزء المخصص لعرض المقتنيات الأثرية».
أوضحت أن مدخل القصر يقع في الناحية الجنوبية في المبنى الشمالي، مشيرة إلى أنه لا توجد لوحة تأسيسية تؤرخ لبناء هذا القصر، مؤكدة أن بناءه يعود للعمارة المملوكية الإسلامية ويدل على ذلك وجود رنك أو شعار الأسد على المبنى الرئيس للقصر في المبنى الشمالي وهو عبارة عن أسدين متقابلين، والذي اتخذ للدلالة على انتصار المسلمين على المغول والصليبين.
وأوضحت أن مساحة مبنى القصر هي 500 متر مربع فقط، ولكن المساحة الإجمالية لساحات ومداخل القصر تقدر بستة دونمات.
وأكدت أن القصر تعرض لأضرار جراء القصف البريطاني له في الحرب العالمية الثانية.
وأشارت الباحثة الفلسطينية إلى أن للقصر العديد من التسميات التي عرف بها خلال مراحله التاريخية فقد أطلق عليه خلال العصر المملوكي لقب «مقر نيابة غزة»، وأيضاً أطلق عليه خلال بالعصر العثماني «قصر الباشا»، و«قصر السعادة»، و«قصر آل رضوان» نسبة إلى أسرة آل رضوان التي حكمت غزة خلال العهد العثماني.
وأكدت أن القصر تعرض للاحتلال خلال الحملة الصليبية لبضعة أيام أثناء اندحارها مهزومة من مدينة عكا، وذلك عام 1799م، لذا أطلق عليه العامة تسمية خاطئة باسم «قلعة نابليون».
وقالت خلة: «إن القصر واصل تأدية وظيفته كمقر لوالي غزة خلال العصر العثماني، حتى مجيء الاحتلال البريطاني لفلسطين سنة (1918م)، حيث تحول القصر إلى مركز لشرطة الاحتلال البريطاني وسُمي (بالديبويا)».
وأكدت أنه أثناء حكم الإدارة المصرية غزة بين عامي (1948م-1967م) تم تحويل القصر كمبنى لإدارة مدرسة الأميرة فريال –وهي أخت الملك فاروق-، وبعد انتهاء (ثورة 23 يوليو 1952م)، تغير اسم المدرسة إلى مدرسة الزهراء الثانوية للبنات، تيمناً باسم فاطمة الزهراء ابنة الرسول محمد.
وأشارت إلى أن القصر آل إلى وزارة السياحة والآثار الفلسطينية مع قدوم السلطة إلى غزة عام 1994م، حيث تمت دراسة كيف يمكن استغلال المكان، وتم الاتفاق على تحويله إلى متحف بعد إعادة ترميمه بالكامل على أن يتم ترميمه على مرحلتين، الأولى إعادة ترميمه وصيانته بالكامل، والمرحلة الثانية إعادة تأثيثه وتحويله إلى متحف بحيث يتم جمع كل المقتنيات الأثرية المكتشفة في قطاع غزة التي تعود من قبل الميلاد إلى الفترة العثمانية فيه وذلك بعد فرزها وتصنيفها وحفظها بشكل علمي.
وأوضحت أنه تم عام 2010م، حوِّل القصر إلى متحف، وبعد 5 سنوات وتحديداً عام 2015 تم ترميمه.
وأكدت أن المتحف أتاح فرصة كبيرة لأهالي قطاع غزة لمعرفة تاريخ القطاع حيث يضم بين جنباته الكثير من آثار قطاع غزة.