استضافت ندوة الثقافة والعلوم بالتعاون مع صالون المنتدى رواية «طشاري» للكاتبة العراقية أنعام كجه جي، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2009 وصدرت بالإنجليزية والفرنسية والصينية.
حضر اللقاء الافتراضي الكاتبة عائشة سلطان والإعلامية الشاعرة بروين حبيب، وصاحبة دار الحديد للنشر والتوزيع رشا الأمير، والكاتبة فتحية النمر والكاتب علي عبيد الهاملي ونخبة من المهتمات ومنتسبات الصالون الثقافي.
تتناول أنعام في روايتها تاريخ العراق، منذ الخمسينيات وحتى اليوم، بكل مآسيه وأحداثه ومنعطفاته، من خلال ذكريات «ردية» الفتاة المسيحية، التي درست الطب في بغداد، ثم انتقلت لتعمل في «الديوانية»، وأحبت الناس هناك وأحبوها، حين لم تكن المذاهب ولا الطوائف تفرّق بين الناس.
ورغم أن بغداد مسقط رأسها، فإن الحرب، وتغير ظروف البلاد تجبر وردية على الرحيل إلى باريس، بعد أن توزعت عائلتها في أقاصي الأرض. وفي باريس تستقبلها ابنة أخيها، لتصبح العجوز الثمانينية صديقة ابنها إسكندر، تحكي له عن «العراق» وعن أمنيتها في أن تعود لتدفن في ترابه بعد موتها.
ينشئ الفتى مقبرة «إلكترونية» على حاسبه الآلي، يجمع فيها شتات الأقارب المتوزعين في كل أنحاء العالم، يضع قبوراً للأحياء إلى جوار قبور الأموات، محققاً بذلك حلماً يصعب تحقيقه على أرض الواقع.
مسيرة كاتبة
وخلال مشاركتها، استعرضت الكاتبة عائشة سلطان، التي أدارت الجلسة، مسيرة الكاتبة العراقية، قائلة: «ولدت أنعام في بغداد 1952، ودرست الصحافة والإعلام، وعملت في الإعلام المرئي والمسموع. وقد حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون في باريس، التي انتقلت إليها عام 1979، ولا تزال تقيم فيها حتى الآن حيث تعمل مراسلة لجريدة "الشرق الأوسط"، ومجلة "كل الأسرة"».
وتابعت أنه صدر لها في عام 1998، كتابها الأول الذي «خطّت فيه سنوات من سيرة المراسلة الإنجليزية لورنا هيلز التي كانت متزوجة بالنحات والرسام العراقي المعروف جواد سليم، وعنونت الكتاب "لورنا، سنواتها مع جواد سليم". ثم أصدرت عام 2003 كتاباً بالفرنسية بعنوان "المأساة العراقية كما كتبتها النساء"، ترجم إلى الإيطالية واليونانية. وأعدّت وأخرجت، في عام 2004، فيلماً وثائقياً عن "نزيهة الدليمي" التي كانت أول امرأة تعيّن وزيرة في العالم العربي».
مرثية حزينة
وتعليقاً على الرواية، قالت الكاتبة فتحية النمر إن طشاري بمثابة مرثية حزينة مطولة لأوجاع شعب كان مثالاً جميلاً للتجانس بين أطيافه المتنوعة... «شعب كان الجميع فيه يعزفون السيمفونية ذاتها وبذات التناغم. فالمسيحي يشارك الشيعي، والسني يشارك المسيحي في احتفالاته الدينية ومناسباته ويتلفظ بنفس الترانيم ويردد نفس التعاويذ دونما تفرقة، والكل يعرف هذا ويمارسه بحب وعفوية، كأنه سلوك فطري متفق عليه وليس فيه أي غرابة».
وأشارت النمر إلى أن الرواية تطرقت لهذا الشعب المظلوم والزمن الصعب الذي تفرقت فيه أطيافه وتناحرت وتقاتلت بفعل فاعل، «بسبب سموم بثها في قلوب الناس من تحصنوا بالدين وهو منهم براء، فجعلوه معول هدم وتمزيق للّحمة المتماسكة».
الفلاش باك
وشرحت أن الرواية اعتمدت في أغلبها على تقنية الفلاش باك باسترجاع الماضي من خلال حياة الدكتورة وردية «وهي من أسرة مسيحية. وقد برز من الأسرة غير وردية أخوها سليمان الذي توقفتُ عنده طالباً متفوقاً كافأته المدرسة أو الجامعة بالقرآن الكريم، حيث أصر على أن يكون التكريم بالقرآن رغم أنه مسيحي».
وأشارت الكاتبة لفكرة المقبرة الإلكترونية التي أسس لها الشاب إسكندر بطل الرواية، وهي الفكرة نفسها التي كررتها أنعام في روايتها «النبيذة».
وقالت رشا الأمير إن اختيار الجلسة لهذه الرواية موفق تماماً لأنها من أكثر الأعمال الأدبية المؤثّرة، حيث تمكنت أنعام كجه جي بقلمها من أخذ القارئ إلى وطنها.. «ففي الرواية تركز على العراق في ماضيه القريب وحاضره عبر وردية الطبيبة وأسرتها آخذة في يدها كل الشعب في الديوانية والموصل وبغداد والنجف وغيرها من المدن العريقة. وفي النبيذة، عبر ملك الصحفية وأهلها، وفي الحالتين يُراوح مكان السرد بين العراق وباريس».
تابعت الأمير أن أنعام تعاملت مع أبطالها وبطلاتها وكأنهم من أبطال الحكايات الشعبية، التي يتعمد فيها حاكيها تسليط الضوء على صفاتهم الطيبة وتضخيمها من دون الالتفات إلى ما لهؤلاء البشر -بطبيعة الحال- من جوانب سلبية.