أعرب شباب استطلعت "الرؤية" آراءهم، سعياً وراء تفسير لظاهرة عزوف الكثيرين من المنتمين لتلك الشريحة العمرية عن المشاركة في النمط الكلاسيكي للفعاليات الثقافية، عن عدم اهتمامهم بحضور الندوات والأمسيات الشعرية والأدبية، وفق نمطها الراهن، على الرغم من أنهم متذوقين فعلياً، للشعر والأدب ويتمتعون بمهارات وهوايات تتعلق بالصنوف الأدبية المختلفة، مؤكدين أن الندوات بشكلها الحالي لا تستهويهم ولا تعبر عنهم، بل في كثير من الأحيان تبدو نخبوية.
وأشاروا إلى ضرورة أن تتوجه الجهات الثقافية والمؤسسات المختلفة لهم وتخاطبهم بأفكار جديدة تلبي احتياجاتهم الأدبية، وأن تتاح لهم فرصة المشاركة في تنظيم هذه الندوات والإعداد والدعاية لها بطريقتهم على سوشيال ميديا التي يتقنون فنونها.
يقول طالب العلوم السياسية، أحمد سرحان إنه يفضل الندوات التي تتعلق بتاريخ الدولة وقياداتها ولا سيما التاريخ الخاص بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقصص تأسيس الدولة ومفارقاتها وجهودهم في لم شمل جميع الإمارات والتعرف على ظروف المنطقة في ذلك الوقت، مؤكداً أن ما يعقد من ندوات أدبية لا تعنيه، كونها شديدة التخصصية وتناقش أموراً نخبوية تتعالى عليه.
فيما تشير الشابة ريم الميسري إلى أن الندوات التي تعقد عادة قليلة ولا تتوسع أو تتعمق في الموضوعات التي تطرحها، داعية إلى الإنصات إلى احتياجات الشباب الثقافية وتنظيم ندوات تلبي احتياجاتهم ومنها استضافة الكُتاب الجدد على الساحة وشعراء الشباب وأصحاب الشيلات لما لهم من متابعين كثر على منصات التواصل الاجتماعي يرغبون في التفاعل والتواصل المباشر معهم.
وأشارت ميرة اليماحي إلى أن دور المكتبات والمراكز الثقافية تراجع في تنظيم الندوات التي تزخر بالنقاش وتبادل الآراء والأفكار، وخلق نوعاً من التواصل الفكري بين الأجيال الثقافية.
وتابعت بأن جيل الشباب حالياً يفتقد لمثل هذه الندوات ويبحث عن المعلومة عبر سوشيال ميديا مع ما عليها من سطحية ومعلومات مختصرة أو مبتورة.
جلسات موسيقية
وبدورها، أشارت ديما صافي إلى أنها تحضر الجلسات الموسيقية والندوات التي تتعلق بالفنون كونها أحد المهتمين بهذا الفن وتسعى لتعليم أطفالها الموسيقى والفنون.
وتقترح صافي تنظيم ندوات لكُتّاب شباب جدد ذوي قاعدة كبيرة من الجمهور على سوشيال ميديا أو خريجين جدد يستعرضون فيها أعمالهم الأدبية من الخواطر والكتابات البسيطة مؤكدة أن مثل هذه الندوات ستجتذب الشباب لأنها منهم وإليهم.
وأشارت إلى أهمية إشراك الشباب في هذه الندوات من خلال منحهم الفرصة الكافية لإدارة وتنظيم فعاليات ثقافية تحت مظلة ثقافية فعلية تلبي رغباتهم وطموحاتهم.
وأوضح هاني العامري أن الندوة التي يمكن أن تجتذبه هي التي تتعلق بالأمور التقنية والتكنولوجية نظراً لأنه موظف في مجال تقنية المعلومات ويرغب في معرفة كل جديد عنها مؤكداً أن الندوات الأدبية لا تستهويه.
ودعا الشاب محمد عبدالله، إلى منح الشباب فرص أكبر للبروز في الساحات الثقافية، من خلال استقطاب المؤسسات الثقافية لهم وإتاحة الفرصة لهم لاستعراض أعمالهم وإيجاد البرامج الداعمة لهم والتي يجدون فيها أنفسهم.
وأشار إلى ضرورة استقراء وجهات نظر الشباب الثقافية من خلال استطلاعات الرأي التي تهدف للوقوف على ميولهم واتجاهاتهم التي تتغير باستمرار مع تغير العصر، ومن ثم تبني طموحاتهم بالبحث عن طرق ووسائل ثقافية لدعمهم وتعزيز وجودهم على الساحة الثقافية وإشراكهم في تنظيم هذه الندوات.
تطوير المواهب
وقالت الكاتبة الشابة مريم حمود أنها تحرص على حضور كل الندوات التي تقام في جامعة الإمارات والتي ساعدتها كثيراً على تطوير موهبتها، مفسرة عزوف الشباب عن الندوات بأنهم لا يشاركون في إعدادها والدعاية لها، داعية إلى تنظيم ندوات للشباب المبتدئ في الشعر والثقافة والكتابة والخاطرة لاستعراض مواهبهم وتقديمها للجمهور وتحميلهم مسؤولية تطوير ذاتهم.
أما الكاتبة الشابة مريم الصريدي فتشير إلى حرصها الدائم على حضور الندوات والجلسات الشعرية والأدبية مؤكدة أنها وسيلة فعالة لتنمية موهبتها وذاتها والاطلاع على أعمال الكبار ومناقشتها وتفنيدها.
وترى أن عمليات التجديد والتطوير للندوات ترتبط بمشاركة الشباب في إعدادها ومساهمته في بناء أجندتها وإدارة حواراتها واختيار موضوعاتها والتسويق لها عبر شبكات التواصل الاجتماعي والصفحات الإلكترونية وغيرها.
فيما ترى القاصة الشابة فاطمة اليافعي أن الندوات الأدبية تلقى إقبالاً من الشباب المهتمين بالقصة والقصيدة والموهوبين فيها ولا تعاني عزوفاً إلا من ذوي الاهتمامات غير المتعلقة بالأدب، مشيرة إلى أن الشباب ينبغي أن يكونوا جزءاً مهماً من تلك الندوات وليس متابعاً فقط، وأن تتاح لهم الفرصة لعرض نتاجهم الأدبي ومناقشته من خلال متابعيهم على منصات التواصل الاجتماعي لا أن تكون ندوات نخبوية بحتة.
المؤسسات الثقافية
أشار الدكتور أحمد عفيفي أستاذ اللغة العربية بجامعة الإمارات إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي كان لها الدور الأبرز في إحجام الشباب عن حضور الندوات الأدبية ومتابعة الفعاليات الثقافية، لافتاً إلى أن ذلك العزوف يعود إلى التحولات التكنولوجية التي يشهدها العالم داعياً إلى مساعٍ جادة من جانب المؤسسات الثقافية لاستقطاب طاقات الشباب وإشراكهم في تنظيم وإعداد الندوات فضلاً عن إدارتها والدعاية لها عبر عالمهم الافتراضي على منصات التواصل الاجتماعي.