لسنوات طويلة ظلت منصات أو خدمات البث المجانية لا يعتد بها كثيراً في سوق الترفيه، فهي لا تملك محتوى كثيراً أو متميزاً أو حصرياً، وبجانب افتقاد موادها لجودة البث فهي تمتلئ بالإعلانات بطريقة مزعجة أحياناً.
ولكن يبدو أن هذا كله أصبح من الماضي، وأن منصات البث المجاني في طريقها لالتهام قطعة كبيرة من سوق الترفيه، إن لم يكن القطعة الأكبر، خلال السنوات القليلة المقبلة.
خدمات «فاست»
هذه الشركات الخدمية التي يطلق عليها «مساحة بث مجانية مدعومة بالإعلانات» free ad-supported streaming space، ويطلق عليها الاسم المختصر FAST، شهدت نمواً كبيراً في الآونة الأخيرة، خاصة مع انضمام بعض شركات الإنتاج الكبرى إلى الساحة، من هذه الشركات: Pluto TV المملوكة لشركة إنتاج «باراماونت»، Tubi المملوكة لشركة «فوكس»، Freevee (IMDb TV سابقاً) والمملوكة لأمازون الآن، Peacock المملوكة لشركة «يونيفرسال»، وRoku Channel المملوكة لشركة «روكو».
وتجمع هذه المنصات عادة بين محتوى تلفزيوني وسينمائي حصلت على حقوق عرضه ومحتوى أصلي من إنتاج الشركة الأم التي تتبعها كل خدمة بجانب أعمال أصلية من إنتاجها. وتعتمد هذه المنصات على استراتيجيات جديدة لجذب المعلنين من خلال المحتوى الجيد الحصري وأشكال مبتكرة من الإعلانات (منها أن يكون الإعلان داخل المحتوى نفسه).
الجمهور يفضل المجاني
تحت عنوان «معركة البث القادمة: الخدمات المجانية تحظى بفرصتها»، نشرت مجلة «هوليوود ريبورتر» في عددها الأخير (10 مايو 2022) تقريراً عن أبرز هذه المنصات وحجمها والاستراتيجيات الجديدة التي تتبعها لجذب المعلنين.
هل يمكن أن تكون مصائب «نتفليكس» عند قوم فوائد؟
تعول شركات البث المجاني على الأزمة التي تعانيها «نتفليكس» وبعض المنصات الأخرى الآن، وتحاول أن تستغل الفرصة، خاصة مع استياء كثير من المستهلكين من ارتفاع أسعار اشتراكات المنصات الرقمية.
وبالفعل هناك صعود متزايد في أعداد مستهلكي خدمات البث المجاني، حيث أعلنت منصة Tubi أن عدد مستخدميها وصل إلى 51 مليون مستخدم، بينما أعلنت Pluto TV أن عدد مستخدميها يقرب من 68 مليوناً، وأعلنت قناة Roku أن عدد مستخدميها وصل إلى 80 مليوناً بنهاية العام الماضي، ورغم أن «أمازون» لم تفصح عن رقم بعينه لكن المسؤولين فيها صرحوا بأن عدد مستخدمي خدماتها يقدر بعشرات الملايين.
ووفقاً لاستطلاع قامت به شركة Deloitte حول اتجاهات الإعلام الرقمي في 2022، هناك تفضيل متزايد من قبل المستهلكين لهذه الخدمات المجانية، خاصة مع قيام خدمات البث عن طريق الاشتراكات برفع أسعار اشتراكاتها عاما بعد آخر. وحسب استطلاع «ديلويت» فإن 34% من المستهلكين في الولايات المتحدة يفضلون الحصول على خدمة مجانية مقابل 12 دقيقة من الإعلانات عن كل ساعة بث، و25% يفضلون الحصول على خدمة مقابل 6 دولارات شهرياً مقابل 6 دقائق إعلانات عن كل ساعة بث. وهو ما يعني أن سوق خدمات FAST قد يكون أكبر من خدمات البث باشتراكات مع وجود إعلانات التي تقدمها منصات مثل HBO Max وHulu أو «نتفليكس» التي تسعى حالياً لجلب إعلانات.. ما يعني أنها فقدت التميز الذي كانت تنفرد به منصات الاشتراكات وهو عدم وجود إعلانات.
صعود مستمر
من مظاهر الصعود الذي تشهده خدمات البث المجاني مثلا النمو الهائل لشركة «أمازون» في مجال الترفيه بعد استحواذها على مكتبة شركة «وارنر»، والترويج الذي تقوم به حالياً الآن لخدمة البث المجاني Freevee التابعة لها، بجانب خدمة Prime Video التي لا تزال ذراع أمازون الترفيهية اليمنى.
من ناحية ثانية قامت قناة Roku حديثاً بعقد اتفاق مع شركة إنتاج «ليونزجيت» الشهيرة للحصول على حق عرض أفلامها والمشاركة في إنتاج أعمالها الجديدة، كما تقوم بإعداد برامج ترفيهية خاصة بها مع بعض نجوم الإعلام.
كذلك تشهد خدمة Pluto TV تطوراً مستمراً يتمثل في زيادة ساعات البث، كما أنها تتميز بتقديم خدمتها المجانية كعرض إضافي للمشتركين في خدمة «باراماونت»، حيث 80% من مستخدمي هذه الخدمة هم من المشتركين في خدمة البث المدفوعة.
في العالم العربي لم يزل كل من سوق المنصات المدفوعة أو المجانية ضعيفاً نسبياً، ولكن في مجال خدمات المجانية يبرز تطبيق تلفزيون أبو ظبي ADtv المجاني هو الأبرز، بجانب بعض التطبيقات غير الرسمية، والتي تعرض محتوى مقرصناً في الغالب.