يحظى الأطفال بفعاليات متنوعة خصصت لأجلهم في أجندة برامج وأنشطة أيام الشارقة التراثية في دورتها الـ19 في ساحة التراث بمنطقة قلب الشارقة والتي تمتد حتى 28 من مارس الحالي. فيما تستمر الجلسات الثقافية والتراثية في عطائها الفكري والأدبي الخصب، بالتوازي مع تواصل الفعاليات الأخرى كالعروض الفنية والرقصات الشعبية والمسابقات التراثية المتنوعة، وفرص الاستمتاع بمنتجات ومعروضات الأجنحة المشاركة في مواقع مختلفة في الساحة.
عناصر التراث
عقد مركز التراث العربي محاضرتين مهمتين، كانت الأولى للدكتور عبدالعزيز صلاح سالم، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية، بكلية الآثار، جامعة القاهرة، وخبير التراث الإسلامي بالإيسيسكو، حيث أشاد فيها بالنجاح المتواصل الذي تحققه الأيام التراثية في الشارقة بما فيها من عناصر التلاحم والدمج بين حضارات وتراث العالم، وتقليل الفجوة القائمة بين الإنسان والمبنى الأثري.
وركز صلاح في محاضرته على وجود فرص متاحة حالياً لتسجيل المدينة التاريخية القديمة في الشارقة في قائمة التراث العالمي المادي، لأنها تحتوي على القيمة التاريخية الاستثنائية اللازمة، بما فيها من مقومات وإمكانيات داعمة في هذا الجانب كالمآثر والمعالم تاريخية الباقية، فضلاً عن تطبيق إمارة الشارقة لأحدث الأساليب المعتمدة من اليونسكو في إعادة التأهيل والتوظيف للأبنية الأثرية والتاريخية، باعتبار أن دولة الإمارات لديها ملف في القائمة التمهيدية بعنوان "الشارقة بوابة الإمارات المتصالحة".
كما تابع المحاضر أن الشارقة يمكن أن تضيف عنصراً أو موروثاً ثقافياً آخر يندرج ضمن التراث العالمي غير المادي من خلال إمكانية القيام بالإعداد والمشاركة بملف عن المعارف التقليدية في المدينة القديمة بالشارقة، خاصة أن متحف الشارقة للآثار يحتوي على معارف عديدة حول مجتمع الشارقة القديم عبر العصور والقرون في تاريخ يعود إلى أكثر من 6 آلاف عام، بالإضافة إلى فنون التجارة والصيد والألعاب الشعبية للأطفال والمهن الاجتماعية مما يدل على تفاعل مجتمع الشارقة عبر التاريخ.
وفي محاضرة ثانية، تحدث الشاعر والباحث والأديب السوري الدكتور أكرم قنبس عن الورود الشامية المدرجة ضمن قائمة اليونسكو، مستعرضاً أهميتها من حيث القيمة المادية والعائد الوطني وفوائدها في مجال الاستثمار الطبي والتجاري والتصدير وصناعة العطور، وأسباب انتشارها الواسع في سوريا، والعوامل المؤثرة في نموها، وأنواع هذه الورود كالجوري والياسمين والفل والنرجس، بالإضافة إلى أهم ميزاتها وأشهر الأماكن التي تزرع فيها، ومنها قرية المراح التي توفر 60 طناً من الورود سنوياً.
ورش ومسابقات
في مدخل ساحة التراث في قلب الشارقة النابض يفرد جناح (بنت المطر) أفياءه للأطفال واليافعين ويفسح له نوافذ تنافسية خلاقة ضمن مهرجان أيام الشارقة التراثية في دورتها الـ19، حيث يقدم الجناح طوال أيام المهرجان العديد من الفعاليات اليومية الشيقة والمخصصة لهم وبمشاركة أولياء أمورهم.
وفي هذا الإطار، تقول عائشة محمد الكعبي من إدارة الفعاليات والأنشطة بمعهد الشارقة للتراث: "يعتبر جناح (بنت المطر) وجهة أولى ومفضلة للأطفال واليافعين من كلا الجنسين ومن كل الجنسيات الخليجية والعربية والأجنبية للانضمام إلى الورش التدريبية التفاعلية وممارسة الألعاب التشويقية المتنوعة والمشاركة في المسابقات التراثية المختلفة التي يقدمها الجناح لزواره الصغار والشباب وبحضور أولياء أمورهم".
وأضافت أن الجناح يأتي في هذه الدورة بحلة جديدة وفكرة مبتكرة تتناغم مع شعار هذا العام (التراث والمستقبل) من خلال استحداث تعويذة أو رمز لجناح قرية الطفل وهي شخصية (بنت المطر) الحشرة البرية الخجولة التي تظهر في العديد من الدول ومنها الإمارات بعد هطول الأمطار وتختفي بعدها بفترة قصيرة، وهو ما يربط الأطفال ببيئتهم المحلية ويعزز انتماءهم لهذه الأرض بجميع مفرداتها ومكوناتها النباتية والحيوانية المتنوعة.
الحكاية التراكمية
وفي موضوع متصل، استضاف البيت الغربي الكاتبة الروائية والباحثة في التراث الشعبي بزه الباطني من دولة الكويت الشقيقة، في محاضرة طافت من خلالها بالحضور في رحلة شيقة حول عالم الحكاية التراكمية وتطورها، وأثرها في تطوير خيال الأطفال.
وأوضحت الباطني خلال المحاضرة التي أدارها الدكتور صالح هويدي أن هذا النوع من الحكايات يمثل نوعاً مستقلاً من الحكايات يصنفه البعض ضمن حكايات الحيوان فيما يدرجه آخرون في إطار الطرائف والنوادر، لافتة إلى أن الحكاية التراكمية ظهرت لأول مرة في الغرب خلال القرن الماضي، ثم تطورت وانتشرت بين شعوب العالم، وهي تعتمد على فكرة قائمة على تراكم التكرار في الأقوال أو الأفعال أو الأحداث.