الاثنين - 25 نوفمبر 2024
الاثنين - 25 نوفمبر 2024

في «اللعبة 3».. اللعب مع الكبار في رياض الأطفال!

في الحلقة الأخيرة من الجزء الثاني من مسلسل «اللعبة» ينتهي الحال بكل من مازو (هشام ماجد) ووسيم (شيكو) في السجن بسبب الجرائم التي ارتكباها في سعيهما المحموم للفوز بالملايين التي تعرضها «اللعبة».. ولكنهما بمجرد دخول السجن يتلقيان محادثة هاتفية تخبرهما بأن اللعبة لم تنتهِ بعد، وأن الـ«ليفيل» القادم أصعب وأنه سيكون تحت اسم «اللعب مع الكبار».



وبالفعل يبدأ الجزء الثالث، الذي بدأ بثه منذ 20 فبراير الحالي على منصة "شاهد VIP"بمعدل حلقة يومياً، بخروج مازو ووسيم من السجن بعد أسابيع قليلة من دخولهما، وهما لا يخرجان مرة واحدة، بل مرتين: الأولى يهربان فيها عبر بابين مفتوحين في زنزاتيهما، ولكنهما يعودان مرة أخرى ليقوم محامي اللعبة بتبرئتهما بعد أيام!

يبدو مسلسل «اللعبة» في جزئه الثالث هزلياً وعبثياً أكثر من أي وقت مضى: حيث لا قيمة حقيقية لعشرات الملايين التي تكسبها الشخصيات ولا ندري من أو ما مصدرها، ولا الهدف من دفعها ولا أهمية مازو ووسيم التي يمكن أن تدفع أي شخص لإنفاق عشرة جنيهات عليهما!



في الجزء الثالث يتخذ مصدر اللعبة المجهول قوة وسلطة أكبر، تكاد تكون مطلقة، فهم قادرون على التحكم في السجون والقضاء، ويراقبون البيوت والشوارع والسيطرة عليها كما يرغبون.. واللاعبون الذين يتقاتلون بكل ما يستطيعون من مهارة وجهد يبدون كما لو كانوا هم اللعبة والملعوب بهم في هذا العالم المفتقد أدنى درجات المنطق.



يبدو مسلسل «اللعبة» نتاجاً طبيعياً لتأثير Google Play و Play Station وVideo Games وكل أنواع اللعب التي يقضي فيها الأطفال والكبار ساعات وساعات من حياتهم يومياً، في مطاردة أموال وهمية وانتصارات وهمية وإحساس بالقوة والأهمية مزيف.



قد يبدو النجاح الهائل الذي حققه مسلسل «اللعبة» في جزئيه الأول والثاني غير مفهوم. صحيح أن العمل يتميز بخفة دم وروح دعابة تفتقر إليها معظم الأعمال الكوميدية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، ولكن هذا النجاح يتعلق أكثر بموضوع اللعب.. لقد حقق مسلسل «لعبة الحبار» Squid Game الكوري نجاحاً غير مسبوق عالمياً. وهو لا يختلف عن «اللعبة» في موضوعه رغم أنه يتميز عنه في أشياء كثيرة على رأسها رفع مستوى الصراع والتشويق والعنف لأقصى درجة، فيما تبدو ألعاب مازو وشيكو «لعب عيال» في «رياض أطفال» بالرغم من أنها تحمل اسم «اللعب مع الكبار»، وتبدو أفعالهما ومعاناتهما ومشاعرهما أكثر سطحية وكارتونية من كارتون «توم وجيري».



قد يكون سبب خلو «اللعبة» من أي لحظة جدية هو أنه مسلسل كوميدي على عكس «لعبة الحبار»، ولكن المشكلة التي تعاني منها معظم الأعمال الكوميدية المصرية في السنوات الأخيرة، ويعاني منها «اللعبة» بدرجة أقل في جزئيه الأول والثاني وبدرجة أكبر في جزئه الثالث، هي أن صناع الكوميديا لا ينظرون إلى الكوميديا باعتبارها عملاً صعباً ومعقداً، ويعتقدون أن الحكاية كلها تتعلق بالقدرة على "التهريج" وإلقاء النكات و«الإيفيهات».



في جزئه الثالث يزداد اعتماد «اللعبة» على التهريج والنكات اللفظية، الخارجة عن السياق، أكثر من الاعتماد على صنع المواقف والدراما التي تفجر الكوميديا، وذلك حسب الحلقات الخمس التي عرضت من المسلسل حتى الآن. ورغم الجهد الكبير الذي يبذله ماجد وشيكو ومحمد ثروت وأحمد فتحي في توليد النكات اللفظية، إلا أن الشخصيات كلها، خاصة الشخصيات النسائية التي تلعبها مي كساب وميرنا جميل وعارفة عبد الرسول، تبدو بلا ثقل أو حضور. حتى حضور المخرج معتز التوني، الموهوب في إخراج الكوميديا عادة، يبدو باهتاً للغاية.



الغريب أن الحلقات الخمس تحتوي على أحداث ومواقف طريفة «نظرياً»: بحث كل من مازو ووسيم عن عائلتيهما بعد الخروج من السجن، محاولتهما للم شمل فريقيهما مرة أخرى، المرحلة الأولى من اللعبة التي تدور في منطقة «شعبية» خطيرة. ليست هذه بالأحداث القليلة، والمواقف التي يمكن أن تنشأ عنها لا حصر لها، ولكن كل هذه الأحداث يجري كتابتها وإخراجها وتمثيلها بتعجل واستسهال لا يليق بالنجاح السابق الذي حققه العمل أو توقعات مشاهديه وعشاقه.