الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

5.1 مليار دولار إيراداتها في 2021.. تجميد «مقابل استقبال البث» ضربة تهدد BBC

5.1 مليار دولار إيراداتها في 2021.. تجميد «مقابل استقبال البث» ضربة تهدد BBC

90940

في الوقت الذي تحتفل فيه بمرور قرن على إنشائها، كأقدم محطة إذاعية وتلفزيونية، تعرضت محطة BBC البريطانية لضربة موجعة بسبب قرار حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون بتجميد "مقابل الحصول على البث "Licence fee التي تعتمد عليها المحطة بشكل أساسي، وسط متاعب مالية تتعرض لها المحطة وتوترات بينها وحكومة جونسون بسبب الانتقادات العنيفة التي يتعرض لها حالياً.





القرار الذي أعلنته وزيرة الثقافة نادين دوريس أخيراً يقضي بتثبيت مقابل البث لمدة عامين، ويصل مقابل استقبال بث البي بي سي حالياً إلى 159 جنيهاً استرلينياً (217 دولاراً أمريكياً) يدفعها سنوياً كل بيت مقابل استقبال خدمات المحطة، وهو مبلغ يزيد بشكل ثابت سنوياً.

وخلال عام 2020 - 2021 وصل إجمالي ما تم تحصيله إلى 5.1 مليار دولار، ما يشكل النسبة الأساسية والأكبر من ميزانية المحطة. وحسب قرار التثبيت الذي أصدرته الحكومة، فسوف تتعرض ميزانية المحطة لنقص في ميزانية العامين القادمين يقدر بأكثر من 400 مليون دولار، ومن المعروف أن الحكومة البريطانية أصدرت قرارات مماثلة في فترات تاريخية سابقة كان آخرها تثبيتاً مقابل البث لمدة ست سنوات من 2010 إلى 2015 بسبب الأزمة الاقتصادية.

هذا التمويل الشعبي، إذا جاز التعبير، يوفر لأقدم المحطات الإعلامية وواحدة من أكثرها مصداقية، ليس فقط ميزانية جيدة يمكن أن تعتمد عليها، ولكنه أيضاً يوفر للمحطة استقلاليتها وعدم خضوعها لضغط أي سلطة حكومية أو سياسية أو رعاة ومعلنين.



ومن المعروف أن «بي بي سي» تبث عشر قنوات تلفزيونية، وقناة عبر الإنترنت، وعشر محطات إذاعية وطنية، بجانب 40 محطة محلية، يتسم معظمها بالمهنية والموضوعية، كما تنتج عدداً هائلاً من البرامج والأعمال التلفزيونية والإذاعية سنوياً، يتسم معظمها بالجدية والميل للتوعية والتثقيف.

قرار الحكومة المفاجئ بتجميد مستحقات الـ«بي بي سي» أثار جدلاً حول دوافع القرار، وهل هو الحفاظ على مال المحطة أم التحفظ عليه للضغط عليها أو لتشتيت الأنظار عن المشكلات التي تواجهها حكومة جونسون.

ولكن بشكل عام أثار قرار التجميد سخط الكثيرين من العاملين بالمحطة والمتعاونين معها، ومنهم النجم السينمائي هيو جرانت بطل «أربع زيجات وجنازة» و«نوتنج هيل»، والمخرج والكاتب أرماندو يانوتشي صاحب مسلسلَي «موت ستالين» وThe Thick of It)، والكوميديان نيش كومار، وغيرهم من المشاهير الذين أطلقوا وابلاً من «التويتات» هاجموا القرار بشدة ودافعوا عن المحطة التي «ينظر إليها كل العالم بإعجاب وحسد» على حد قول هيو جرانت.



من ناحية ثانية أصدر مسؤولون في الحكومة البريطانية، من بينهم رئيس الوزراء، عدة تصريحات حول مصير المحطة الأقدم والأشهر في العالم، تحمل توقعات بإلغاء «مقابل البث» بحلول عام 2027، واستبداله بوسائل أخرى.

من الوسائل المطروحة فرض ضريبة على استخدام الإنترنت، بما أن البث عبر الإنترنت سيزداد انتشاراً، وقد يحل محل البث التلفزيوني الهوائي أو السلكي خلال السنوات المقبلة. ومن الأفكار المطروحة أيضاً دفع مقابل اشتراك شهري مثلما هو الحال مع المنصات الرقمية، وآخر هذه الأفكار إتاحة حصول «بي بي سي» على إعلانات داخل بريطانيا، حيث يمنع على المحطة الحصول على إعلانات داخل المملكة المتحدة، حفاظاً على حياديتها ونزاهتها.



وفي كل الأحوال فإن الـ«بي بي سي» مهددة بأن تفقد هذه المكانة المنفردة التي حظيت بها دوماً، وهو أمر يرى الكثيرون أنه سيكون بمثابة خسارة فادحة ليس فقط للمحطة، ولكن للصحافة والإعلام بشكل عام.

الضغوط المالية ليست مشكلة «بي بي سي» الوحيدة، ولكنها مجرد عرض للمشكلة الأكبر وهي التراجع الذي تشهده مهنة الصحافة والإعلام في كل مكان بسبب السوشيال ميديا وفوضى البث الإخباري على مواقع إنترنت لا تلتزم بالمهنية وكذلك انتشار قنوات ومنصات الترفيه التي تجذب المشاهدين وتجعل من محتوى «بي بي سي» الرصين مادة يصعب استساغتها لدى الأجيال الجديدة. وحتى لو لم تمت الـ«بي بي سي» بحلول 2027، فالمؤكد أن الانخفاض في ميزانيتها سيجبرها على اتخاذ قرارات صعبة، إما بتقليص إنتاجها، وإما بزيادة المحتوى الترفيهي التجاري!