الخميس - 21 نوفمبر 2024
الخميس - 21 نوفمبر 2024

بين تعاطف واستنكار لموقفها.. أم مصرية تنقذ ابنها من الإعدام بعد قتل أخته حرقاً

ملايين المشاهدات لمقطع فيديو من داخل قاعة محكمة الجنايات بالمنصورة شمالي مصر، ربما يكون المقطع الأبرز لعام 2022 بعد أن تنازلت أم ستينية عن حقها المدني ضد ابنها الذي أحرق شقيقته حية بسبب خلافات الميراث.

وفي التفاصيل، قضت محكمة جنايات المنصورة، بالسجن المُؤبد لصاحب سوبر ماركت، لاتهامه بقتل شقيقته عمداً بعد أن أشعل النيران في جسدها مُستخدماً مادة مساعدة على الاشتعال بسبب خلافات علي الميراث.

الأم تطلب عدم تنفيذ الإعدام

حضرت الأم إلى المحكمة وطلبت من القاضي ألا يحكم على ابنها بالإعدام، لأنه وبحسب وجهة نظرها قد كان مُغيباً، بسبب تحفيز زوجته ضد عائلته، وهو الأمر الذي دعاه لإشعاله النيران في جسد شقيقته العروس قبل أيام من زفافها، احتجاجاً منه على تقسيم والدهما للميراث.

وقالت الأم في فيديو مُتداول: «يا باشا ربنا يخليك يا رب متحرمنيش منه.. اللي راح راح خلاص أنا كان ليا عينين اثنين واحدة راحت وسيبه دا اتسند عليه وأشوف بيه».

وسردت تفاصيل ما دار يوم الواقعة وقيام نجلها بسكب البنزين على شقيقته وأشعل النار بها ثم توجه إلى شقتها وحرقها وتوجه بعدها لقسم الشرطة ليسلم نفسه.

تنازل عن الحق المدني

وأعلنت الأم أمام هيئة المحكمة تنازلها عن الحق المدني، وأمرت المحكمة بإخراج المتهم من قفص الاتهام بعد إعلان الأم تنازلها عن الدعوى المدنية وأمر القاضي المتهم بتقبيل يد ورأس وقدم والدته لأنها أنقذته من حبل المشنقة.

ووجه القاضي رسالته للمُتهم: «تعالى يا محمد بوس راس أمك ورجليها ولازم تبوس رجليها ليل ونهار لأن مجيتها النهارده مهمة وكبيرة قوي وجيتها هي أنقذتك من الإعدام».

استنكار وتعاطف

وما بين التعاطف مع الأم التي فقدت ابنيها في اللحظة ذاتها، واستنكار ما فعلته بتنازلها عن حقها المدني وضياع حق ابنتها العروس التي قتلت حرقاً على يد أقرب الناس إليها، جاءت تعليقات وسائل التواصل الاجتماعي على الواقعة، واعتبر البعض أن موقف القاضي غير مفهوم وأهدر حق الابنة التي قُتلت حرقاً، ليس لشيء سوى أن والدها قد ميزها ببعض الميراث خوفاً عليها بعد وفاته.

قتل مع سبق الإصرار

وتداول رواد التواصل الاجتماعي بعض تفاصيل الواقعة، التي ذكرتها تحريات المباحث حول الواقعة، والتي بينت أن الأخ المُتهم عقد العزم وبیت النية على قتل شقيقته وأعد لذلك الغرض أدوات "دلو يحوي مادة معجلة للاشتعال - أعواد ثقاب)، وكمن لها بالمكان الذي أيقن سلفاً مرورها به، واستغل سكنه أسفل مسكن شقيقته المجني عليها، وظل قابعاً لها خلف باب مسكنه منتظراً نزولها على الدرج متخفياً عن ناظريها، وما أن أبصرها تنزل الدرج مارة بمسكنه حتى خرج من مخبئه مباغتاً إياها من الخلف ساكباً عليها ما بداخل الدلو من مادة معجلة للاشتعال.

ورغم محاولاتها الهرب من بوابة العقار الرئيسية، إلا أنه سارع خلفها، وقام بإشعال النار بجسدها وتركها تواجه الموت، ليقوم بالتوجه لحرق أثاثها الذي أحضرته لتجهيزات العرس.

الأم التي تنازلت عن حقها المدني ومنحت الابن قبلة الحياة، قالت في تصريحات صحفية إنها لن تضمن أن يعاملها ابنها مُعاملة حسنة بعد ذلك، وأنها لن تنتظر منه شيئاً.

وأضافت: «من يوم الحادثة أول يوم أشوفه.. قفلت الصفحة.. ونسيت كل الخلافات بينا.. لم أكن أتمنى أن يحدث ذلك بينه وبين شقيقته.. ربنا يصبرني.. الخطأ حصل وهو ابني ومن توفت ابنتي.. وفديت ابني».

"شخصية براغماتية"

«الأم شخصية نفعية» أجرمت في حق ابنتها، هكذا علق الدكتور وليد هندي استشاري الطب النفسي على موقف الأم التي تنازلت عن حق ابنتها بعد أن حرقها شقيقها.

وتابع هندي في حديثه مع «الرؤية» إن الأم شخصية سلبية وانهزامية ودائمة التبرير لتصرف ابنها القاتل، وهو ما يجعلنا نُصنفها كشخصية براغماتية.

ويُعرف هندي الشخصية البراغماتية بأنها شخصية «نفعية»، وشرح: «في حيثيات طلبها من القاضي عدم إعدام ابنها، قالت إنه عينها الأخرى وسندها في الحياة، ولم يهمها أن تثأر لابنتها التي ٌقتلت وأزهقت روحها على يد شقيق طامع».

وتابع: «ما فعلته الأم لا يمت للأمومة بصلة، وما فعلته ليس من أخلاقيات الأمومة، فالأمومة لا تتجزأ، فإن كانت أحست بدافع الأمومة تجاه الابن القاتل، فأين حق ابنتها التي أُزهقت روحها، وحاولت الأم أن تتخطى الموقف بأقل الخسائر، وهذا أبرز سمات الشخصية البراغماتية".

تمييز بين الشقيقين

وتابع استشاري الصحة النفسية أن الحادث الأخير الذي قتل فيه الشقيق أخته ما هو إلا نتاج معاملة الأم لأبنائها، وتمييزها في تعاملها معهما، وأشار: «أعتقد أن الفتاة قبل وفاتها حرقاً عانت من تمييز لفظي وجسدي من جانب شقيقها، الذي اعتقد أنه شخصية سلطوية استبدادية، وهذا في النهاية مُحصلة تربية خاطئة من الأم».