وصف مسرحيون إماراتيون، «أبو الفنون» الإماراتي، بخير من يعبر عن هموم وقضايا وآمال الإنسان ليس فقط الإماراتي بل والعربي، مؤكدين أن له قدرة بارزة في دعم التمسك بالهوية والانتماء، والحث على استشراف المستقبل والسعي نحو حياة أفضل وأجمل، مشيدين بما يمتلكه المسرحي الإماراتي من براعة في نسج النصوص، وقدرة على إبراز الدلالة، وحرفية عالية في تحقيق الهدف.
وقال مسرحيون لـ«الرؤية» إن المسرح الإماراتي، شهد عدداً من المحطات التاريخية التي تركت تأثيراً كبيراً في مسيرته والتي استهلها بمرحلة الهواية، وصولاً لمرحلة الاحتراف ومن المحلية إلى الانطلاق إقليمياً عبر أعمال مكتوبة باللغة العربية الفصحى، مروراً بالاقتباس من أعمال عالمية مترجمة، من المسرح القائم على الفطرة والموهبة إلى ذلك المبني على الدراسة المتخصصة.
نقلة نوعية
أكد الكاتب والممثل والمخرج الإماراتي صالح كرامة، الذي يعد واحداً من مؤسسي مسرح أبوظبي في 1977، أن الاهتمام البالغ الذي أولاه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بـ«أبو الفنون» أحدث نقلة نوعية في العمل المسرحي، حيث وقف على جوانب عديدة وقضايا مهمة وأوجد لها حلولاً، مشيراً إلى أن المسرح الإماراتي شهد تطورات كبيرة منذ أول ظهور له في منتصف خمسينيات القرن الماضي.
ولفت إلى أن الإمارات استطاعت أن تستقطب العديد من المسرحيين البارزين خليجياً، منهم الكويتي صقر الرشود، الذي التقاه في السبعينيات، وخلال تلك السنوات ازدهر المسرح وساهم في رفع الوعي المجتمعي وتسليط الضوء على الكثير من القضايا المجتمعية.
ولفت إلى أن مسرح أبوظبي الذي شارك صالح كرامه في تأسيسه، ساهم في تنظيم العروض المسرحية والفنية والفعاليات المختلفة، وشهد مشاركة وتعاون الفنانين الشباب الطموحين، وفي عام 2007 أطلق المسرح موسماً ثقافياً مسرحياً سنوياً أصبح تقليداً في الحراك المسرحي الإماراتي.
أسماء لامعة
عدد الفنان عبدالله صالح الأسماء اللامعة التي شهدها المسرح الإماراتي من النجوم الراحلين الذين لعبوا أدواراً بارزة بالمسرح الإماراتي، منهم: سلطان الشاعر ومحمد الجناحي اللذان اشتهرا في مسلسل «شحفان»، والكاتب الراحل سالم الحتاوي، والمخرج والممثل الراحل حميد سمبيج، والأستاذ الريح عبدالقادر السوداني، والمخرج السوداني يحيى الحاج، الذين أسسوا الحركة المسرحية بالإمارات، إلى جانب مجموعة كبيرة من الفنانين والمخرجين الذين ما زالوا يعطون للمسرح حتى هذه اللحظة، مثل: ناجي الحاي وأحمد الأنصاري ومرعي الحليان وأحمد الجسمي وسعيد سالم.
وأوضح الفنان صالح أن المسرح الإماراتي قد شهد ازدهاراً ملحوظاً مع قيام الاتحاد، خاصةً من عام 1976 في ظل تأسيس الجمعيات المسرحية التي كانت تقدم الدعم للمسرح.
نتاج زاخر
أكد ياسر القرقاوي، رئيس مسرح دبي الوطني، أن العقود الخمسة الماضية من إعلان الاتحاد للإمارات السبعة، كان نتاجها المسرحي زاخراً بما لم تزخر بها منطقة الشرق الأوسط كمًّا وكيفاً.
وقال: «نفخر اليوم بأن الفنون الأدائية في الإمارات تأخذ طابعاً عربياً عالمياً مهماً، حيث وضعنا لبنات لبناء صرح ثقافي عربي إنساني مهم، تأثرنا سابقاً بالحضارة البشرية، واليوم نحن مؤثرون في بناء الإنسان فكراً وثقافةً وفناً».
وتابع: «50 عاماً من الإنجازات في مجال الفنون الأدائية، وإذا خصصنا المسرح في حديثنا اليوم فنبدأ بالمهرجانات المسرحية التي تزخر بها دولة الإمارات، بدءاً من مهرجان دبي لمسرح الشباب الذي يعد منصة حقيقية للكشف عن المواهب، ومهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، ومهرجان الإمارات لمسرح الطفل، ومهرجان المسرحيات القصيرة في كلباء، ولا ننسى مهرجان المسرحيات القصيرة (شورت آند سويت) في دبي، وأهمها جميعاً أيام الشارقة المسرحية».
وتابع: "قد يتساءل البعض عن فائدة كل هذا الزخم في المهرجانات ونقول نحن المختصين في هذا المجال، إننا اليوم أمام مكتبة وطنية ثقافية فنية تزخر بالنصوص المسرحية الأدبية، ومكتبة مرئية بصرية، توثق التحديات والمصاعب وما واجهناه، كما تؤكد على ثقافتنا العربية الأصيلة».
مراحل بارزة
خاض المسرح الإماراتي العديد من المحطات والمراحل البارزة منذ قيام الاتحاد، فيما تشير الكثير من الدراسات البحثية إلى أن جذوره تعود إلى عام 1950، كما انطلقت شرارته الأولى من المدارس والنوادي الرياضية.
وبرز في سماء المسرح الإماراتي العديد من الأيقونات الفنية، من أبرزهم علي بن محمد أبو رحيمة الذي يعد من المؤسسين الأوائل للمسرح الإماراتي، إذ ألف أول مسرحية عنوانها «الحطاب وبنت السلطان» في بداية الخمسينيات من القرن الـ20، وكذلك «أم المسرحيين» الفنانة الإماراتية موزة المزروعي التي اعتلت خشبة المسرح عام 1973، وغيرهم الكثيرون.
وتحتضن الإمارات العديد من المسارح التي شهدت الكثير من العروض المسرحية عبر السنوات من بينها المسرح الوطني في العاصمة، ومسرح أبوظبي، ومسرح الشارقة للفنون المسرحية، مسرح دبا الفجيرة، ذلك إلى جانب الفرق المسرحية بما فيها فرقة مسرح دبي الأهلي وفرقة مسرح دبي الشعبي، وفرقة مسرح رأس الخيمة الوطني، وفرقة مسرح الفجيرة الوطني، وفرقة مسرح كلباء الشعبي، وفرقة مسرح خورفكان للفنون، وفرقة مسرح دبا الحصن، وفرقة المسرح الحديث في الشارقة.