يعتبر جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي صرحاً دينياً ومعمارياً وثقافياً فريداً، يؤكد عظمة الحضارة الإسلامية وروعتها عبر العصور، ويُعبِر بتصميمه الهندسي البديع الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة عن جماليات العمارة الإسلامية وخصوصياتها في أبوظبي.
بدأ الجامع كحلم في قلب المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب اللّه ثراه»؛ إذ وضع له الرؤية العامة، وحجر الأساس، وتوّج به رحلة حافلة بالأحلام المتحققة والإنجازات الكبيرة، فجاء الجامع تعبيراً عن رؤية قائد لا يعرف المستحيل، ويدرك أن أعظم الإنجازات يبدأ أولاً من القلب وإخلاص النية.
حقق القائد الملهم، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، العديد من الانجازات التي ساهمت في نشر ثقافة العلم والتسامح والسلام بالعالم، ومنها التوجيه بإنشاء جامع الشيخ زايد الكبير في عام 1986.
ويعتبر الجامع منارة للعلوم الإسلامية التي تعكس القيم الإسلامية الأصيلة ويرسخ قيمها السمحة على مستوى عالمي.
ويندرج الجامع ضمن أكبر المساجد في العالم، حيث يمزج تصميمه بين العمارة الإسلامية والحديثة، إذ يضم التصميم 82 قبة ضخمة مزخرفة بالنقوش العريقة، وأكثر من 1000 عمود.
ويتُزيّن بثريات من الذهب وتتدلى في قاعة الصلاة الرئيسية إحدى أكبر الثريات في العالم، وتغطّي أرضيته أكبر سجادة يدوية الصنع في العالم.
ويحاط الجامع من الخارج بمجموعة من الأحواض المائية التي تبلغ مساحتها الكلية 7,000 متر مربع ليضفي عليها مزيداً من الجمال المبهر، فيما تتزين بآلاف قطع الفسيفساء بتدرجات اللون الأزرق.
وتتميز الأحواض المائية العاكسة في الجامع بأشكالها المستطيلة التي أضفت جمالية خاصة على المكان، حتى غدت قبلة الأنظار لرواد الجامع وزواره، علماً أن تلك الأحواض المائية تسهم في تلطيف الحرارة والتخفيف من تأثير الجفاف.
ويحتوي الصرح الإبداعي على 4 مآذن يبلغ طول كل مئذنة 106 أمتار تقريباً، وتتكون من 3 أشكال هندسية مختلفة لتعكس الأساليب المعمارية المغربية والأندلسية والمملوكية والعثماني والفاطمي.
ويفتح الجامع أبوابه منذ عام 2007 أمام ما يقارب من 7 آلاف مصلٍ يوميًا، بالإضافة إلى الزوار القادمين من مختلف أنحاء العالم ممن ينتمون إلى مرجعيات ثقافية ودينية متنوعة، كما يقدم لهم جولات واقعية ورقمية في مختلف أنحاء الجامع ليستمتعوا بإبداعه الجمالي وليتعرفوا عن قرب على قيم التسامح والسلام.
ويضم الجامع مركز جامع الشيخ زايد الكبير الذي يقدم العديد من المبادرات المجتمعية المميزة، ويحتفي بالمرأة والمبدعين في مختلف المجالات، ففي الأشهر الأخيرة، نظم المركز احتفالًا خاصاً بـ«يوم المرأة الإماراتية» تحت شعار «المرأة طموح وإشراقة للخمسين».
وتأسس المركز ليكون نواة للحركة الثقافية التي تتمحور حول القيم الثقافية والوطنية التي يمثلها الجامع والمفاهيم التي رسخها المغفور له -بإذن الله تعالى- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والمتأصلة في الوجدان والوعي والتي تشكل امتدادًا للهوية الوطنية.
ومن ضمن مبادرات المركز، ينشر المركز سلسلته الثقافية «عمارة وفنون» على منصته في موقع الإنستغرام@szgmc_ae بشكل دوري، ليرفد الحركة الثقافية في الدولة، عبر إحيائه للثقافة الإسلامية.
وتتناول الحلقة من السلسلة «الأحواض المائية العاكسة» التي تحيط بجامع الشيخ زايد الكبير وتشكل إحدى أهم الملامح الجمالية المستوحاة من فنون العمارة الإسلامية، حيث عرفت الأحواض والنوافير كعناصر رئيسية في تزيين الحدائق الإسلامية.