لربما كان أوبريت الليلة الكبيرة الذي ألفه صلاح جاهين ولحنه سيد مكاوي وأخرجه صلاح السقا أحد أهم الأعمال الفنية التي حُفرت في وجدان وذاكرة كثير من الأجيال، بما مثله من حالة خاصة تحكي التراث الشعبي المصري في التعامل مع الموالد، وقد كانت عرائس الأوبريت تحمل ملامح خاصة للشخصية المصرية أضفت نجاحاً كبيراً على الأوبريت.
وكان الأوبريت بعرائسه عالماً ساحراً لمُصمم العرائس المصري محمد فوزي بكار الذي مسه شغف خاص بفن صناعة العرائس وتحريكها وما مثله ذلك من علاقة خاصة بعرائسه التي يصنعها في ورشته الخاصة فحملت روحه وإبداعه الخاص.
رغم عدم دراسة بكار لصناعة العرائس بكلية التربية الفنية حيث دراسته، إلا أنه مزج الفنون التي تعملها من نحت ورسم وغيرها واستغلها في تعلم صناعة العرائس بأشكالها وأحجامها المختلفة وأراد من ذلك صناعة عالم من العرائس المتحركة «الماريونت» التي تحمل الروح المصرية وتحكي التراث المصري.
ويقول لـ«الرؤية» «مع دراستي للفنون المختلفة حاولت المزج بين ما تعلمته وبين خبرة أردت اكتسابها في مجال صناعة العرائس من خلال مُتابعة نجوم الصناعة العالميين وبعض الكورسات «أونلاين» والسفر للخارج لعمل معايشات مع أهل الصناعة، ومن خلال كل ذلك أتقنت صناعة العرائس، كل ذلك حباً في «العروسة».
تعلم «ميكانيزم» تحريك العرائس كان شغفاً آخر تعلمه بكار فكيف يمكن بث روح داخل عروسة مصنوعة في مجملها من الخشب وكيف يمكن تحريكها لتُعبر عن معانٍ مختلفة موجهة للكبار والصغار.
ويتابع «أردت تعلم ميكانيزم تحريك العرائس بجانب تعلُمي صناعتها وهو ما عملت عليه لفترة ليست بالقصيرة وساعدني على ذلك شغفي بهذا العالم الساحر والمُثير بالنسبة لي، ومن أسرار العرائس أن محركها يُعطيها من روحه وإحساسه وإبداعه الخاص، فشرط العلاقة المُميزة بين محرك العرائس والعروسة هو الحب».
يحاول بكار من خلال سواء كمحرك للعرائس أو صانعها إلى صُنع عرائس تحمل الروح المصرية مستوحاة من التراث المصري وتعبر عنه، بخلاف ذلك يتمنى أن تكون هناك عروسة مصرية خالصة للعب الأطفال تكون مُنافسة لباربي وتحمل الروح المصرية أيضاً كما يفعل هو مع العرائس «الماريونت».
وأوضح «100% من العرائس في العروض المسرحية التي قدمتها مستوحاة من الشارع المصري، وأتمنى أن تكون هناك عروسة «أيقونة» مصرية للأطفال تُضاهي باربي وخلافه، كما حدث مع العروسة المصرية المُتحركة فهي مُنافسة قوية في المنطقة العربية».
قدم بكار عدداً من العروض المستوحاة من التراث أهمها «عروض أم كلثوم تعود من جديد» والتي قدمها في مسرح ساقية الصاوي للعرائس والتي يعمل على تقديم عروض مصرية خالصة إحياءً للتراث من خلال هذا المسرح الذي تولى إدارته منذ 2008، ويحاول من خلاله تقديم عروض بعرائسه للكبار والصغار حتى وإن واجهته بعض المصاعب.
وأشار بكار «هناك صعوبات تواجه مسرح العرائس أهمها المُشكلات الإنتاجية حيث ينصرف المُنتجون عن إنتاج مثل تلك العروض مع وجود أزمة في الكتابة للعرائس رغم أن لدينا كُتاباً عِظاماً في مجال الكتابة للطفل بالإضافة لعدم توافر الأخشاب المُخصصة لصناعة العرائس على مستوى العالم العربي، وكذلك بالنسبة للعجائن أو الأقمشة ذات الجودة العالية لتصنيع العرائس القفازية، ونتحايل على ذلك أحياناً بالاستيراد أو بالتعامل بما هو متاح لدينا».
يتمنى بكار أن يستعيد مسرح العرائس مجده وأن يتجه المُنتجون لمسرح العرائس لما له من أهمية لا تقل عن أي نوع من الفنون الأخرى.