الاثنين - 25 نوفمبر 2024
الاثنين - 25 نوفمبر 2024

العلم والخبراء يجيبون.. لماذا نستمع لأغانٍ لا نفهمها؟

ينتج الموسيقيون وصنّاع الأغاني مئات الإنتاجات الموسيقية سنوياً، منها ما يتم تداوله على نطاق واسع، ومنها ما يندثر مع مرور الأيام.

بعض هذه الإنتاجات يكون السبب في انتشارها كونها تعود لأسماء موسيقية لامعة ولها تأثير، لكن على الطرف الآخر ومنذ زمن كان هناك أغانٍ انتشرت بشكل كبير وهي تحمل كلمات قد لا تكون مفهومة أو رائجة على أذن المستمع؛ لكنها انتشرت بشكل كبير.

الظاهرة قديمة

هذا النوع من الأغاني لم يظهر في العصر الحديث، ففي أغسطس 1993 أصدرت فرقة لوس ديل ريو الإسبانية، أغنية «ماكارينا» الشهيرة، والتي انتشرت وذاع صيتها في مختلف أقاصي العالم.

وبعد أقل من 10 سنوات، وتحديداً في مايو 2002، أصدرت فرقة لاس كيتشاب، أغنية آسيريخي، التي حققت نجاحاً عالمياً لافتاً، وانتشرت في سائر دول العالم في أوروبا وأستراليا ونيوزيلاندا، وبيع منها أكثر عن 7 ملايين نسخة، ودخلت قائمة أكثر الأغاني مبيعاً في التاريخ.

هذه الموجة من الأغاني الرائجة، عادت للساحة في صيف 2012، عندما طُرحت أغنية غانغنام ستايل الكورية، لمغني الراب الكوري ساي، والتي أصبحت في تلك الفترة من أكثر الفيديوهات مشاهدة على موقع يوتيوب، ولم يعد البيع في الأسواق هو الحكم الوحيد على النجاح والانتشار.

وتحدثت عن هذه الأغنية كبرى وسائل الإعلام العالمية ومئات الشخصيات العامة من حول العالم.



صراع المركز الأول

صدارة اليوتيوب لم تدم للأغنية الكورية، فمع بداية عام 2017، كان العالم على موعد من عمل موسيقى حطّم الأرقام القياسية، وحققت نجاحاً كبيراً لتكون الأغنية الأكثر بثاً في تاريخ الإنترنت – ديسباسيتو – أغنية للثنائي البورتوريكي لويس فونسي ودادي يانكي.

وفي 2018، حققت الأغنية رقماً قياسياً جديداً، عندما أصبحت الأكثر استماعاً في تاريخ يوتيوب.

انتشار هذه الأغاني وغيرها على مر التاريخ، طرح تساؤلاً هاماً عن السبب الخفي الذي يكمن وراء استماع الناس لها بالرغم من عدم فهممهم لأجزاء كبيرة من كلماتها.



السر في الإيقاع

وفي حديث مع «الرؤية»، قال الدكتور ماريو بطرس المختص في الموسيقى والألحان، إن السبب الأول الذي يكمن وراء انتشار هذا النوع من الأعمال الموسيقية هو تقديمها للجمل اللحنية بطريقة مختلفة، وأكد أن إيقاع الجملة اللحنية والتآلفات تشكل عاملاً هاماً في كون هذه الأعمال منتشرة ومقبولة للمستمع بشكل كبير.

وأكد بطرس أن أسلوب «التريسيلو» أو ما يعرف عربياً بإيقاع اللف أو الملفوف، كان وراء قبول الجمهور لهذه الأعمال، وهو إيقاع يجذب المستمع على اختلاف المدرسة التي ينتمي إليها العمل الموسيقي. وقال إن هذا الإيقاع قائم على تقطيع غنائي وشعري محدد تُبنى عليه الأغنية تعرف بالتالفات وتكون التآلفات عادة رباعية أو سداسية أو ثمانية.

ومن الأمثلة القديمة على هذا النوع من الإيقاعات أغنية «أمل حياتي» لأم كلثوم، ومن الأعمال الحديثة التي قُدمت أخيراً على هذا الإيقاع أغنية بالبنط العريض لحسين الجسمي.

وأشار بطرس إلى أهمية عوامل أخرى تساعد على انتشار العمل، منها العمل على الإعلان المناسب والتسويق والاستعراض البصري المميز.



معايير التفوق

وفيما يتعلق بالإعجاب بالموسيقى غير العربية مقارنة مع الأعمال العربية، حدد ماريو المعايير التي تساعد على تفوق هذه الأعمال عن غيرها، من النشر الواسع أو الفيديو كليب الملائم لفحوى العمل وكذلك الخطوات المتبعة في العملية التسويقية؛ بدءاً من مرحلة ما قبل الإنتاج وحتى النشر وما بعده.

وعن الموسيقى العربية، ذكر أن هناك عدداً من الأعمال الغنائية العربية التي تندرج تحت مبدأ «الهيت»، ومنها أغنية 3 دقات الشهيرة، ومن قبلها أعمال عديدة لفنانين كُثر عملوا على أعمال «هيت» مميزة كالفنان المصري عمرو دياب مثلاً.

وفي ظل هذه المعايير والعوامل وغيرها، تبقى أفضلية الإنتاج الناجح دائماً للعمل المتكامل كما يصفها الخبراء والمنتجون، فالعمل الكامل هو العمل الذي يُنسق لكافة تفاصيله منذ بداية فكرته وكتابة كلماته والعمل على أدق التفاصيل حتى بعد إنتاجه، وانتشاره وتحقيقه للأرقام القياسية.