ورأى أن الدراما المحلية بحاجة ماسة لدعم حقيقي من أجل النهوض والمنافسة، مشيراً إلى أنه أصبح حريصاً على ألا يُذيق الآخرين ظلم وانحياز لجان التحكيم بعد أن صار عضواً في لجان تحكيم سينمائية، حسب تصريحه بداية.
وأكد في حواره مع «الرؤية» أن الدراما المحلية بعيدة عن هموم المجتمع، وأن الفنان الإماراتي الشاب ملزم بالتعبير عن هموم جيله وبلاده وعدم استيراد تجارب غربية في أعماله، داعياً شباب الفنانين إلى التعلم والتزود بالثقافة والفكر والانضمام لورش فنية تجعلهم قادرين على إدراك الفرق بين الإخراج التلفزيوني والسينمائي، مشيراً إلى أنها آفة شباب يشاركون في مهرجانات سينمائية.
وأشار إلى أنه عانى من «الشللية الفنية» مؤكداً أن ذلك لن يثنيه عن التمسك بمواقفه حتى يعترف الجميع بأنه كان على حق.
بداية، ما هو تقييمك لمهرجان العين السينمائي، الذي لا يزال في أولى دوراته التنظيمية؟
أراه مهرجاناً سينمائياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بعكس الكثير من المهرجانات الأخرى التي كانت تُنظَّم للاستعراض وهي في حقيقتها بعيدة كل البعد عن السينما والثقافة وكنت شخصياً لا أجد منها أي فائدة تُذكر، حيث كنا نأتيها للسياحة والتسوق فقط،
لذلك أتمنى أن يستمر القائمون على المهرجان على النهج نفسه، وأن تحقق تلك التظاهرة السينمائية الحقيقية هدفها في إثراء الساحة الفنية بمواهب شابة وواعدة.
باعتقادك هل اقتربت الدراما المحلية من هموم المواطن الإماراتي؟
للأسف، معظمها مستهلك ومقتبس من أعمال لا تمس واقعنا الحقيقي بِصلة وليست قريبة من المواطن وهمومه، وفي الحقيقة هي ظاهرة عامة أن يكون هناك مسلسل يرصد حالة ويخلق منها ظاهرة مع الكثير من الانفتاح البعيد عن عاداتنا وتقاليدنا وحضارتنا وديننا.
هل هناك حالة ضعف عام في الأعمال الفنية؟
بالفعل، لكن حالة الضعف شائعة في الوطن العربي كله، لا الإمارات فقط، بسبب ندرة النصوص الجيدة، وهو الأساس الحقيقي لبناء العمل الفني، فإذا توفر الورق استند المخرج والممثل وجميع عناصر العمل الدرامي على أساس متين يضمن نجاح العمل.
لماذا سبقت الدراما الكويتية، نظيرتها الإماراتية، من وجهة نظرك وهل الدراما المحلية قادرة على المنافسة معها؟
بدأ الكويت طريق الفن والدراما مبكراً قبل الإمارات وتعلمنا منهم، وهي حالياً على الأقل من يُصدِّر لنا الدراما القريبة للمواطن الخليجي، والمنافسة موجودة بل صار الواقع الآن يشير إلى وجود الإنتاج الدرامي في كلا البلدين، كما أن الكويت تنتج أعمالاً في الإمارات، ولا يمنع هذا من أن الإمارات تسير بخطى ثابتة في كل المجالات ومنها الدراما وإن كانت حركتها بطيئة.
وما سر تلك الحركة البطيئة؟
لأن الثقافة عادة في أوطاننا العربية تكون في المرتبة الثانية من الاهتمام، فإن قارناها مع الرياضة مثلاً ورأينا كم يُنفَق على الرياضة وكم يُنفَق على الفن؟ لأدركنا الفرق.
تصرح بأنك تعرضت في بداياتك للظلم من جانب إحدى لجان التحكيم، هل أثَّر ذلك على تقييمك للأعمال السينمائية كعضو في لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي؟
لا بد أن تتجرد لجنة التحكيم من كل الهموم والخلافات الشخصية والرواسب القديمة والمصالح الشخصية، ولذلك فإنني أنظر للفيلم بتجرد تام، بدءاً من النص وانتهاء بالإخراج، ولو اختلفت مع الأعضاء في تقييمي فهناك رئيس للجنة التحكيم، له صوتان يرجح كفة الفيلم الذي يراه يستحق الجائزة، وفيما يتعلق بما مررت به من ظلم، فهذا يدعوني بشكل أكبر لتجنب ظلم الآخرين، وإن لم أتمتع بهذا الحس الصادق فمن المستحيل أن أكون فناناً.
حكمت قبل ذلك لمشروعات طلابية عديدة في جامعات محلية، فما تقييمك لأعمالهم وأفكارهم؟
لكل حقبة زمنية نجومها وأنا حريص على متابعة نتاجات الشباب، وإذا ما لمست في أعمالهم ما يعبر عن جيلهم، فبالتأكيد أقيِّمه بشكل إيجابي، ولكن لست مع ما يقوم به الكثير من الشباب من محاولة تقليد الغرب وتناول تجاربهم في أعمال إماراتية، في حين أن مجتمعهم المحلي يمتلئ بالتجارب، هنا لا يصح وصف هذه الأعمال بالسينما المحلية، حيث يُغذّون الجمهور بثقافات دخيلة.
ألا يُعد ذلك تقييداً لإبداع الشباب؟
كان من الممكن أن نصفه تقييداً لو كانت بيئتنا خالية من المتغيرات، ولكنها زاخرة بما يحرك إبداعهم، فما الداعي لاستيراد وتناول أفكار دخيلة؟
كيف للمهرجانات السينمائية أن تنمي من مخيلة وقدرات الشباب؟
تعد المهرجانات مدارس للشباب، فمن خلالها يمكنهم الاحتكاك مع المخرجين الكبار والكتاب والأدباء والمفكرين الذين يمكنهم أن يتعلموا منهم الكثير، وهي كذلك تظاهرات ثقافية تُثري الساحة الفنية بمخرج جيد، وكاتب جيد، ومصور جيد، فضلاً عن القائمين على كل عناصر العمل الفني.
ما الملاحظة العامة التي وثَّقتها على أعمال الشباب؟ وبمَ تنصحهم؟
بشكل عام هناك ضعف في النصوص، وبشكل خاص هناك خلط بين العمل الدرامي التلفزيوني والسينمائي، وأتمنى من المخرج الشاب أن يدرس الفرق بين إخراج المسلسل وإخراج الفيلم، فالسينما لها تكنيك مختلف يستطيع المُشاهد العادي أن يميزه، فما بال المخرج، وحقاً يؤسفني أن أرى ذلك الخلط في مضامين فنية تقدم في مهرجانات باعتبارها أفلاماً وهي في الحقيقة تشبه حلقة في مسلسل تلفزيوني، الأمر الثاني أن الشباب لا يقرأ، ولا ينخرط في ورش تعليمية ولا يثقف نفسه، لا بد من توافر الرؤية والخيال والثقافة العامة لكي يستحق الجائزة.
لماذا تدقق في منح الجائزة للشباب ولا تتهاون في أحد معاييرها؟
بأمانة معظم من يحصلون على جائزة يصابون بنوع من الغرور، واعتقادٍ بأنهم ملكوا المهنة ومن ثم يتعالون عليها مما ينبئ بسقوطهم للهاوية سريعاً، لذلك أحرص عند التقييم أن أصبح أكثر دقة.
تحرص على متابعة الفيلم المقيم لأخر مشهد فيه حتى لو بدا مختل المعايير من البداية..
يستحيل أن أتخطى مشهداً حتى أستوعب فكرة المخرج بالكامل، فقد يكون قاصداً أن يكون العمل مترهلاً من البداية ليفاجئني في نهاية الفيلم برؤية فنية إبداعية معينة لم تخطر ببالي.
هل يمكن أن تضع للشباب وصفة الوصول للعالمية في السينما؟
لن يشعر الغرب بأفلامنا ما لم تحمل له جديداً عن عاداتنا وتقاليدنا أو تاريخنا أو حضارتنا أو همومنا ومشاكلنا بتجرد تام، هنا فقط سيتابع الفيلم حتى نهايته، وهنا فقط نستطيع أن نقول إننا قد وصلنا للعالمية.
هل هناك شللية في الوسط الفني؟
للأسف هناك شللية وبشكل كبير وواضح ويمكن للمُشاهد في الشارع أن يلاحظها بوضوح، فإذا كان هناك عمل من إنتاج أو إخراج شخص معين، فيمكن بسهولة توقع من سيشارك فيه من النجوم.
هل عانيت من هذا الأمر؟
بالفعل عانيت نتيجة أفكاري وقناعاتي، ولكن من المستحيل أن أُطأطئ رأسي أو أميل مع الموجة، ويكفيني أنه يوماً ما سيتذكرني الجميع ويقولون.. إن هذا الشخص كان محقاً ونحن من كنا على خطأ.