ناهد حمود - دبي
تشكل الأوبئة بيئة درامية خصبة لكثير من المسرحيين، وإن كانت مادة تصيب البشر بالاكتئاب وتزيد من معاناتهم، مع عدو قاتل لا يفرق بينهم.
وقص علينا نخبة من الأدباء عدداً من الحكايات والتنبؤات حول الوباء والطاعون ومعاناة الناس والفقر والحصار قبل أن يجتاح فيروس كورونا العالم ويضرب في كل الاتجاهات من دون أن يوقفه شيء.
ولم يكن الخيال الخصب الذي تنبأ بمثل هذه الأوبئة مقتصراً على أدباء عالميين، بل هناك مسرحيات عربية حملت في طياتها العديد من المحاذير لتنبيه البشرية بضرورة الحذر والاحتياط من مثل هذه الكوارث، ومن ضمنها مسرحية زمن اليباب التي قدمها مسرح دبي الأهلي في الدورة الـ12 من مهرجان مسرح الشباب التي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون.
وحصدت مسرحية «زمن اليباب» التي كتبها هزاع البراري وأخرجها سالم التميمي، رغم وصفها بالسوداوية وقتها، قبل نحو عامين، جائزة أفضل عمل متكامل ضمن فعاليات المهرجان.
وتدور أحداث المسرحية حول مرض وبائي يصيب إحدى المدن، يتسع نطاقه تدريجيا على نحو يصعب السيطرة عليه، حيث تغرق تفاصيل النص في التأويلات حول ثنائية الموت والحياة عبر سرد مشحون بالسوداوية والرؤى المتضاربة نسجتها «فرح» والتي جسدتها الممثلة عذاري.
تعيش فرح حياة كئيبة غامضة بدأت تحت ضوء القمر تدق مطرقتها في التراب، وتحمل مضخة التعقيم وحيدة في حالة جدلية تجذب فضول الجمهور لمعرفة ما بال تلك الفتاة الجميلة ذات الشعر البني.
أخذ منها الموت والديها وحبيبها، فاختارت هي بدورها العيش على أطلال أجسادهم، في بيت واهن رسم معالمه الخراب الذي أحدثته أوبئة هذا الزمن في النفس البشرية. فقدت والدها الذي ذهب إلى السوق لشراء الطعام ليعود محملاً بوباء قاتل نقله إلى زوجته، فمات ومن بعده زوجته التي عاشت فرح معها أيامها الأخيرة ترجوها أن تحضر طبيباً يداويها لكن الفتاة خافت أن يتم إبعادها عن جثة أبيها ورائحة أمها التي احتضرت وهي تحلم بالحياة، بينما تبكي فرح والديها يتسلل الوباء القاتل إلى حبيبها الذي مات أمامها.
فيما تنبأت المسرحية الكوميدية 2121 للمثل والمؤلف والمخرج الكويتي، بالوباء قبل 5 سنوات، حيث دارت مسرحيته التي قدمها لجمهوره في 2015، حول تفشي فيروس خطير يؤدي إلى انتشار وبائي خطير، يشبه فيروس «كورونا»، يصيب البشر ويثير الذعر في البلاد، وهو ما يحدث حالياً على أرض الواقع.
أما على مستوى المسرح العالمي فقد كان سباقاً في استعراض حكايات الأوبئة منذ مئات السنين، ومنها مسرحية «الطاعون» المأخوذة عن رواية الكاتب الفرنسي ألبير كامو، إذ عرضت في كل مسارح العالم وتبنتها فرق مسرحية عالمية ما زالت تجول العالم بها.
وتدور أحداث المسحية في مدينة جزائرية، وتصور طبيباً يصف كيف ماتت الفئران من الوباء الذي اجتاح المدينة، ومن بعده تهاوى آلاف المواطنين في مدينة وهران الجزائرية الساحلية.
ويحاول كل واحد محاربة الطاعون أو «الموت الأسود» بوسيلته الخاصة ومنهجه المختلف، ولكن الوباء الذي لا يرحم لا يفرق بين البشر ويهلك كل الأبرياء والأشرار على حد سواء.
كما استعرضت مسرحية «العمى» المأخوذة عن رواية الكاتب البرتغالي خوسيه ساراماغوا، عن الأوبئة، حيث تتحدث عن وباء يصيب سكان إحدى المدن ويؤدي إلى العمى، الأمر الذي يثير خوف ورعب السكان وتسود الفوضى.