وفي الوقت الذي تحذر فيه الجهات الصحية من انتشار الفيروس، ألقى هذا الأخير بظلاله على مجموعة من عادات وتقاليد الشعوب، التي تعتمد على المصافحة والتقبيل، حيث دعا إماراتيون إلى منع «المخاشمة»، التي يعتبرونها سلوكاً مهماً وجزءاً أصيل من السنع الإماراتي أثناء تعاملاتهم اليومية للتعبير عن معاني الأخوة والقيم الاجتماعية الأصيلة والمورث الذي تربوا على عاداته وتقاليده، وهو المسلك الواعي الذي قد يتوقف معه مظهر الموروث، دون أن يغيب الود والمعاني الإيجابي المرتبطة بحضوره .
موروث إماراتي
قالت خبيرة التراث والسنع الإماراتي مريم المزروعي إن «الموايه بالخشوم»، هو موروث إماراتي قديم ومتأصل، وجزء من الأصالة العربية شكلاً ومضموناً، وعادة يعتمدها كافة أبناء الخليج العربي في التعامل مع ضيوفهم وتحيتهم لأحبائهم وأصدقائهم.
وأضافت أن (المخاشمة) هي عادة يعتمد عليها أبناء القبائل الإماراتية للترحيب بالغير، وتقوم على ملامسة الأنوف لبعضها البعض عندما يقابل طرف آخر مرة أو مرتين أو 3 بحد أقصى أو التقبيل على الخشم إذا كان يسلم على شخص يكبره سناً أو مكانة.
لا تقتصر على الرجال
وأشارت المزروعي إلى أن المخاشمة ليست كما يظن البعض أنها تقتصر على الرجال، ولكنها أيضاً عادة منتشرة بين النساء وأفراد الأسرة الواحدة، فهي واحدة من أبرز عادات الضيافة والسنع الإماراتي للترحيب بالضيف عند قدومه إلى البيت.
وتابعت: «الخشم يعد رمزاً للعزة والرفعة والأنفة، لذلك عندما يسلم الشخص بهذه الطريقة فإنه يعطي الطرف الآخر أهميته ويقدره ويحترمه».
الابتعاد عن المصافحة
ولكن مع انتشار فيروس كورونا، قد يؤثر على بعض العادات والتقاليد المتوارثة مثل المصافحة والمخاشمة، حيث تقول المزروعي إنها طوال رحلة عملها كباحثة ومدونة للتاريخ والتراث الإماراتي لم تشهد مثل هذه الحالة التي يمر بها العالم من منع التقبيل والمصافحة، مضيفة أن بعض كبار المواطنين يقولون إن هذه الأيام صعبة، ويجب تجنب المخاشمة والابتعاد عن المصافحة خوفاً من انتشار المرض، وهو سلوك يدل على مرونة الموروث، ليبقى الود وإن غابت مظاهر الترحيب الظاهرية.
نشرات توعوية
وأكدت مريم المزروعي أن النشرات التوعوية والتحذيرات المتكررة من جانب وزارة الصحة ووقاية المجتمع جعلت المواطنين والمقيمين على حد سواء أكثر تفهماً واستجابة للإجراءات الاحترازية، ودفعت الكثيرين إلى منع المخاشمة والمصافحة والتقبيل.
النساء أكثر مبادرة
وذكرت أنها من خلال رصدها اليومي في الفترة الأخيرة، تبين لها أن كثيرين بادروا بعدم مصافحة زملائهم في العمل، أو ملامسة هواتفهم الشخصية، كما أصبحت النساء في الأعراس والحفلات أكثر حرصاً من الرجال من حيث عدم التقبيل والمصافحة، وكذلك توفير معقمات على كافة طاولات الحفلات، والحرص الدائم على غسل اليدين، على عكس الرجال الذين ما زالوا يخجلون من رفض المصافحة والمخاشمة.
ابتكار أساليب وقائية
بدوره، أكد صاحب شركة تنظيم الحفلات والأعراس محمد صابر أن شركات تنظيم المناسبات العامة ابتكرت أساليب لتوفير كافة الوسائل الوقائية التي تحد من خطر انتشار فيروس كورونا، والتزاماً منها بالخطط الوقائية والاحترازية التي وضعتها الدولة لحماية المواطنين والمقيمين.
وأوضح أن هناك العديد من الخيارات التي تطرح في الأعراس مع انتشار كورونا، ومنها توفير أدوات مائدة تكون مصنوعة من البلاستيك أو الكارتون المقوى تستخدم لمرة واحدة فقط، إضافة إلى توفير المعقمات والصابون داخل صالات الأفراح والمناسبات.
تفاعل واستجابة
وذكر صابر أن هذا الفكر الوقائي شهد تفاعلاً واستجابة من قبل أصحاب الأعراس والأفراح وجعل المدعوين وأفراد المجتمع يقدمون إلى المناسبات من دون تخوف، كما تم تزويد بعض القاعات بلافتات تحض على تجنب العناق والمصافحة والمخاشمة.
عادات مجتمعية
ومن الناحية الطبية، أكد اختصاصي طب المجتمع والمتحدث الرسمي باسم جمعية الإمارات للصحة العامة الدكتور سيف درويش، أنه على كافة أفراد المجتمع التخلي عن بعض العادات المجتمعية مثل المخاشمة والمصافحة والعناق التي تنتشر في الأعراس والمناسبات المجتمعية، في ظل انتشار فيروس كورونا، والانصياع للإجراءات الوقائية التي تنصح بها الجهات الصحية في الدولة.
دون خجل أو إحراج
وأضاف درويش أنه ليس هناك أي خجل أو إحراج عندما يرفض أحد المصافحة أو التقبيل، وأنه في حال حدث نوع من المصافحة، ينصح بتطهير اليدين باستمرار، والابتعاد عن ملامسة الفم والعين، منعاً لانتقال أي عدوى.
تجنب المخاشمة
وطالب اختصاصي طب المجتمع بتجنب عادة المخاشمة نهائياً، خاصة في العزاء والأعراس، لأنها تشكل خطورة في الوقت الراهن، إذ ينتج عنها تلامس الأنف بين شخصين، وهو ما يسبب احتمالات تزايد الإصابة المباشرة في حال كان أحد الأشخاص مصاباً أو حاملاً للفيروس.
إجراءات دولية
وأشار درويش إلى أن كثيراً من الدول اتخذت إجراءات وقائية حثت من خلالها مواطنيها على تجنب المصافحة والتقبيل، منها الصين التي قامت بنشر ألواح حمراء في كافة الأماكن العامة والشوارع تحمل عبارات تشجع على تجنّب المصافحة، وكذلك تخلت مؤسسات في نيوزيلاندا عن التحية التقليدية لشعوب الماوري، التي تتمثل في ضغط أنوف الأشخاص وجبهاتهم التي تشبه عادة المخاشمة الإماراتية.